كتاب راي ،،،،سلايدر

الزواج : ذكر وأنثى …واحدة فمثنى …


بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،اكتوبر،2023
مقال(80),2023.
تنبيه :

“اطلاق كلمة ذكر ، وكلمة أنثى تشمل الإنسان والحيوان لمن له منهم أعضاء تناسلية ظاهرة يستخدمها كوسيلة عند الجماع. ولذلك كانت دراسات العلماء عن الفروق بين الذكر والأنثى فيما يخص الحيوان والإنسان دون غيرهما. أما باقى الكائنات الحية التى ليس لها أعضاء تناسلية كالنباتات فلا يطلق عليها هذا المسمى .”

مهما حاولنا تغليف علاقة الذكر والانثى ،فإنها تبقى علاقة غرائزية ،ليس بالمفهوم البهيمي للغريزة ،ولكن الغرائزية كفطرة كونية يكون فيها الشيئ و مقابله. فيتحقق التلاقي و يستمر الكون ،حتى ان الطبيعة فيها هذه الثنائية التي تجعل السماء مقابل الارض ،والشمس مقابل القمر ،والليل مقابل النهار …
يبقى ان المجتمعات تنظم هذه العلاقة وفق نظام و منهاج يغلب احيانا مصلحة المجتمع دون أن يفضي ذلك بالضرورة إلى تحقق مصلحة الأفراد .
فالتجانس لا يكون مخولا للجنسين الذكر والانثى دون ضوابط ، فالمرأة والرجل جسديا يملكون نفس البنية مهما إختلفت صفاتهما،
لكن عند البشر لا تجانس الأم اولادها ، كما لا يجانس الأولاد اخواتهم ،وإن كان ذلك مباحا في حضارات فرعونية ، بل حتى الدراسات الطبية تتحدث عن تأثير التزاوج بين أفراد الأسرة الواحدة على القدرات الحسية والذهنية للاطفال .
و الفطرة الغريزية جعلت الانثى مقرونة بالجمال ،والعفة.
و الذكر مقرونا بالقوة و القدرة ،
فيكون عطاء الانثى عاطفيا ونفسيا من رعاية و متعة و حب ، ويكون عطاء الذكر ماديا و عمليا من توفير و تدبير و تسيير .
فالانثى لا تتقدم للذكر ، لكنها منحت كل المؤثرات لتدفع بالذكر للتقدم إليها ، فمهما كانت الرغبة متبادلة ،فلا يتحقق الوصال إلا بخطوة الذكر إتجاه الانثى و ليس العكس .
تطورت الحياة و تغيرت المعايير ،فاصبح للآباء ونظام الأسرة و القبيلة السلطة في فرض ذكر على أنثى دون إختيارها و رضاها و كذلك العكس .
و أصبحت الانثى تتواجد في كل مرافق الحياة بما فيها تلك الذي خصت بها المجتمعات الذكر على مر العصور.
تقلب الادوار لا يعني بالضرورة تكاملها ،ولا نجاعتها ، لأن الفطرة وطبائع الكون هي التي لا تسمح للذكر او الانثى ان يلدا كل لوحده ما لم يتحقق التلاقي ، ونفس قانون الكون هو الذي جعل الانثى هي من تلد و ترضع .
فجعلت المجتمعات نتاج هذا الوصال يحمل كنية الذكر وليس الانثى ، وجعل الحضانة للانثى و النفقة للذكر .
حتى ما تسميه التشريعات بالمتعة ،هو إقرار بأن المتعة وإن كانت متبادلة فإن الذكر فطريا هو من يتمتع بالانثى .
في مؤسسة الزواج ،الملعب الذي يحتضن ذلك التلاقي ، و الملعب الذي تجري فيه اطوار تلك المتعة ، هناك تصبح الانثى ربة بيت .و تمكينها من صفة الربوبية مجازا دليل على ما يطلب منها القيام به لضمان بقاء تلك المؤسسة و استمرارها .
فتمارس الانثى فطرتها الكونية بأن تتزين للذكر ، و تتدلع له ،و تسقيه من رحيقها ،و تغدق عليه بحنانها ،و تلفه بحضنها ، تكون حلاوة الاكل من حلاوة اصابعها ،وحلاوة القبلة من حرارة شوقها ،و تفتح الحياة من إبتسامة وجهها ، ووسادة الراحة من سواد وطول شعرها على وسادة فراشها ،
وهكذا تكون كل البدايات ، إهتمام ،و رعاية ،و تضحية بلا حساب ،وعطاء فطري بلا مقابل ، وخضوع إرادي لقوانين المؤسسة و اعراف المجتمع و الفطرة الكونية ،
وعندما تلد الانثى وتتملكها غريزة الأمومة ، يتوزع الاهتمام بين الذكر و الأبناء ،و تنتقل الرعاية من الذكر الى الابناء تدريجيا ،و مهما كان الاهتمام موزعا بينهما ،فإنه الى نقصان و الى تباعد و الى تقلب في العطاء ،
فالاولاد هم إضافة تكرس و تقوي علاقة الذكر والانثى ،لكن كلما مالت الانثى كل الميل للاولاد ، و انستها امومتها فطرتها كانثى في مقابل الرجل ،قلت زينتها ،و ضعف اهتمامها بنفسها و بالذكر وحتى بكل من حولها ،واحيانا بكل ادوارها الاخرى المفترضة .
فيصبح الأمر إهمالا ،و تصبح العلاقة مؤسساتية ومفرغة من تلك الغريزة الفطرية التي تشد الذكر للانثى كما تشد الانثى للذكر ،
قد يذبل كل شيئ في الانثى ،لكن الربيع يظل مزهرا في قلبها وروحها ، فتسقي الذكر رحيق وردها وشهد عسلها مهما تقلبت السنين ورسمت التجاعيد خرائطها ،وفقد الذكر القدرة كلها او بعضها .
ولأن المجتمع ذكوري بحكمه وشريعته و غريزته ،فهو من جعل للذكر اكثر من أنثى ، ففتح للزيجات مكانا ، و جعل لتعدد الزوجات قانونا مكنه للذكر وحرمه على الانثى .
ولم يجد صعوبة في نسج مبررات قانونه ،من بحث عن اولاد من أخرى ،او نشاز حاصل في معاشرة ، او نفور ناتج عن إهمال ،او تغير في المصالح ،و تقلص للمتعة .
هنا لا تصبح الانثى بمنطق المجتمع الذكوري ضحية ،بل مجرد نتيجة طبيعية تمليها سنة الحياة و تفرضها تقلبات الغريزة الكونية التي تحكم ثنائية الذكر والانثى بمنطق الفاعل و المفعول به .
فالانثى تهتم بزينتها مالم تحقق غريزتها الكونية بأن تكون لذكر يهيم بها ، و ما إن تعتبره في حضنها إلا وزادت إهتماما به وبها ،و لكن عندما يصبح حضنها مفتوحا للأمومة تتقلص زينتها ،و تهمل ذكرها ، وتكون قد فسحت المجال لحضن الذكر ان يأوي اكثر من حضن ،وأكثر من أنثى ….
هنا مربط الفرس ،وهنا لجام ربط الفرس ،فكلما نجحت الانثى في ضبط إيقاع ادوارها الكونية وفق غريزة الوجود المزدوج بينها و بين الذكر ،كلما كانت العشرة و الحب و المحبة،و الود و تحققت الإستمرارية ،وتقوى التماسك .
هذا العصر يتفنن في إغتيال الغريزة الكونية /الفطرية في الذكر و الانثى ، معلنا مقتل مؤسسة الزواج و فطرة وجوده ،
لذلك كثر الطلاق ، و توسعت الهوة بين الذكر و الانثى ،واصبحنا في مجتمع مختل و ظالم و خالي من قيم التزاوج الذي يسن قانون الكون .
وعندما يكبر الأولاد و تكبر الهوة بين الذكر و الانثى ،فإننا نعلن بكل أسى إنهيار أعمدة الكون .
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى