الراي الحر.... سلايدر

بعيدا عن المدرس ،قريبا من الحالة النفسية للتلميذ .او عندما تصبح نفسية التلميذ مجرد آثار جانبية.

بعيدا عن المدرس ،قريبا من الحالة النفسية للتلميذ .
او عندما تصبح نفسية التلميذ مجرد آثار جانبية
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،دجنبر ،اكادير،2023
مقال( 106),2023.
تجمع كل الدراسات الإجتماعية أن الخاسر الأكبر أثناء نشوب خلاف بين الزوجين هم الأبناء ، و أن اطفال الطلاق لا يملكون حالة نفسية متزنة .
وفي كرة القدم ،عندما ينشب خلاف بين الإدارة و المدرب ،يكون لذلك الأثر البالغ على اللاعبين في رقعة الملعب و في مستودع الملابس .
وفي الحروب ،عندما يتقاتل الكبار ،مهما عملوا لحماية الأطفال ،فإنهم في نهاية المطاف مهما حموهم من الرصاص لن يستطيعوا حمايتهم من اليتم ،لأن الحرب هي في الاصل لقتل الأب .
الأب الذي يهاجر للبحث عن لقمة العيش ،يعتقد ان المال هو الأساس في البناء الأسري ، فيترك الزوجة و الاولاد لمدد طويلة قبل أن يعود محملا بالهدايا و المال و اللباس ، قطعا سيعوض الزوجة حرمانها من فراش الزوجية ،لكن هداياه لن تعوض طفله الحنان و الرعاية و المصاحبة التي افتقدها طيلة مدة غيابه مهما سعت الأم لتعويضه .
الدول التي تسعى لتطوير الفرد هي الدول التي وضعت المصاحبة النفسية في قلب تعاملها مع مواطنيها ، لانه بالاستقرار النفسي تتحقق باقي الجوانب . فالمعنوي لا ينفصل عن المادي .
أكبر تحدي لا يلتفت إليه أحد هو نفسية الطفل الذي إنقطعت صلته بالمدرسة منذ شهر يونيو قبل العطلة الصيفية . فالتلميذ مكانه الطبيعي هو المدرسة ، وكلما إنقطع عن هذا الفضاء كلما احدث خللا في باقي الفضاءات .
لقد وجد الآباء انفسهم أمام واقع أربك نمط عيشهم حين يصبح الطفل بعيدا عن حجرات الدراسة ليحتل حجرات البيت في وقت يكون فيه الأبوان في العمل .
حكايات تروى عن ازواج يقومون بإيداع أطفالهم عند الجيران ، مع ما يترتب عن ذلك من أحداث واستغلال و تواجد في فضاء مختلف و ربما غير سليم .
آباء يريدون أن يرفعوا اصواتهم لكن ترسخت لديهم قناعة خاطئة أن أي إحتجاج ضد إضراب الأساتذة سينتج عنه إنتقام من أولادهم في المعاملة و التنقيط !!!! وطبعا المدرس منزه عن هذا المنطق الفج ، لكن أمية بعض الآباء تصدق مثل هذه المقاربات .
آمهات يشتكين من تغير طباع أولادهن الذين كانوا في زمن كورونا حبيسي المنزل ،لكن هذه المرة اصبح ميولهم الى الشارع و ما يترتب عن ذلك من سلوك العنف و الكلام الساقط و النزوح الى اللعب اكثر من محاولة مراجعة الدروس المتوقفة .
آخرون ببراءة الاطفال يقفون امام عتبة المنزل يبكون ، رغبة في الخروج الى المدرسة ، و هم يشاهدون كل صباح النقل المدرسي لأولاد الجيران تحملهم الى المدارس الخاصة .
قد نعد البرامج و نكدس المقررات و نحذف بعضها لتدارك هدر الزمن المدرسي بعد عودة الأساتذة الى اقسامهم وكرامتهم تاج على رؤوسهم ،وجيوبهم قد تم انتعاشها ببعض التعويضات و الزيادات ،
قد يضاعف الآباء الساعات الإضافية من حصص الدعم كي تزيد من انتعاش جيوب الأساتذة لعلها تتدارك ما فات ،
لكن الحالة النفسية للطفل لا تعاد بالدروس الخصوصية ،ولا بزيادة الحصص الدراسية ، هناك نمط عيش تغير ،وهناك خلل وقع و طالت مدته ، والوزارة لا تملك المرشدين الإجتماعيين لمصاحبة التلاميذ ، و الأساتذة اعلنوها جهارا ،انهم غير مستعدين للقيام بآية مهام إضافية غير التدريس الا في إطار تعويضات ملزمة للوزارة ،فلا مجانية في العمل الثقافي و الإجتماعي بعد اليوم !!!
حماس تقول إن الاطفال شهداء عند الله ، بل هم طيور الجنة لأنهم راحوا ضحية إقتتال لا ذنب لهم فيه .
الزوجان بعد الطلاق يرون أطفالهما وسيلة ضغط لنيل مكاسب من صفقة زواج فاشلة ، بين النفقة و الإقامة وشروطها ، فتجد الازواج يتحاكمون باسم حقوق الصغار ،وهم لا دراية لهم بما يحدث باسمهم.
عندما يتصارع الكبار يقدمون الصغار قربانا لصراعاتهم .
اليوم عدد الاطفال من الولادة الى سن 17 سنة يشكلون ثلث الساكنة ، هؤلاء منهم 7.6 ملايين يتراوح عمرهم ما بين 7 سنوات و17 سنة.
269 الف هو إجمالي هيئة التدريس برسم الموسم الحالي ، هؤلاء دفاعا عن كرامتهم /مصالحهم/مايرونه حقوقهم دخلوا في إضرابات مفتوحة وفي مواجهة مفتوحة ضد حكومة ليبرالية

الدولة صم/ بكم ، لا تجد نفسها معنية بإستمرار الهدر المدرسي اكثر من إنشغالها بأن تكون المطالب بالحوار وليس بالتظاهر ، وإلا فإن قانون الغاب سيكون هو السائد . لأنه فور تحقق مطالب التعليم بالإضرابات فإن الجماعات المحلية ستغرق الشوارع بالازبال و تعطل رخص كل الأنشطة التجارية حتى تتحقق المطالب. و قس على ذلك .
ستصبح ميزانية المغرب مخصصة فقط لأجور الموظفين ،و نغلق باب الاستثمار و نركز على تعليم اطفال لن يجدوا بعد تخرجهم مكانا للعمل .
لقد قلنا منذ البداية هذا وطن وليس مدرسة . و الحكومة و المدرسون على حد سواء لا يرغبون في سماع صوت يقول لهم إنكم في صراعكم تعملون على قتل جيل بأكمله ،طعنته كورونا و جاء صراعكم ليكمل ما تبقى .
نعم هي مسؤولية الحكومة ، لكن تذكروا اننا لا نتحدث عن خصاص في هيئة التدريس ولا خصاص في المؤسسات و لا عيب كبير في المناهج ،
نحن نتحدث عن تسوية وضعية رجال التعليم ،عندهم ويريدون المزيد ،ويرون في هذا المزيد صونا لكرامتهم ،
و مستعدون للعمل ،لكن ليس بمفهوم المربي الذي لا يضع حدودا لعمله كقيام الاب بمهام الام في غيابها و العكس ، بل العمل مقابل الأجرة و الأنشطة مقابل التعويض …
أجمل ما في هذه العطلة البينية هي ان المدرس سيواصل عطلته المفتوحة لكن هذه المرة بلا اقتطاع ، فالعطلة المدفوعة حق مكتسب لكل الموظفين بالوظيفة العمومية ،
لكن بالنسبة للتلميذ فهو في عطلة مفتوحة ، وستبقى مفتوحة حتى يقرر هذا الوطن الموازنة بين حقوق 300 الف بالغ ، وبين حقوق سبعة ملايين قاصر ، كل ذنبهم انهم مغاربة .
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى