،، ،،سلايدر،،،،كتاب راي ،،،،سلايدر

الصيف: فصل جامع مانع

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير ،غشت ،2023

مقال( 68),2023

الصيف هو الحرارة ،هو العطلة ،هو المهن الموسمية ،هو السفر ، وهو الشواطئ المكتظة بالمصطافين، وهو السهرات و الأعراس ، وهو الأكل بالشارع ، وارتباك مواعيد الوجبات ، واوقات النوم ، وهو الزيارات العائلية التي لا تبحث عن صلة الرحم اكثر من بحثها عن مكان لقضاء العطلة ، وهو الجالية التي تأتي محملة بشوق الوطن ،و بالعملة الصعبة ،و بالمتلاشيات التي عبأت من شوارع العالم لتفرش في المحلات .

الصيف عند البعض استعداد لحياة جديدة إما بزواج او إلتحاق بالجامعة للدراسة ،او انتظار دخول مدرسي للالتحاق بالعمل بمنطقة من مناطق البلاد ، وهو مسار جديد لرجال السلطة و اسلاك الامن بانتقالهم في إطار الحركة الانتقالية.

الصيف هو موسم الجني للفنانين الذين يشاركون في المهرجانات والمواسم والحفلات العامة و الخاصة ، وهو فترة المواسم الدينية ، حيث الاذكار و الاطعام وصلة الرحم ،

الصيف حرارة في مدن الداخل و برودة في مدن الساحل ، مدن مهجورة واخرى مكتظة ، و هجرة جماعية ،وتجمعات أسرية ،وكراء منازل ،و حجز تذاكر حافلات ،وازدحام على الطرقات ،

الصيف هو حرائق الغابات ،وتلويث المنتزهات ،و تزايد اطنان النفايات ،و تراكم الازبال بالشوارع و الشواطئ بأغلب الجماعات .

والصيف هو حب الصدف ،تقول الحكايات أن الحب الذي يولد في الصيف حب بارد لا يدوم ،وحب الشتاء دافئ و يطول ، حب الصيف يدوب تحت الشمس ،وحب الشتاء يؤدي الى قاعات الاعراس في الصيف .

الصيف ايضا هو الموت ، حوادث على الطرقات ،وغرق في الشواطئ و الأودية والبحيرات ، و موت عادي في المنازل و المستشفيات . لكن صوت الامواج ،و وايقاع المهرجانات ، يعلو عن صوت المآذن و العزاء و تكريم الوفيات .

الصيف هو الحياة في صخبها ،والشوارع في ضجيجها ،و النفوس في مرحها ،والقلوب في تماهيها ، و البيوت في لعب اطفالها ، والمشي ليلا بحثا عن برودة ،والاختباء نهارا بالبيوت او ولوج الشواطئ و الانهار بحثا عن انتعاشة مفقودة .

هذا هو الصيف ،او هكذا يبدو لنا ،او هكذا اردناه ان يكون ، متميزا عن كل الفصول ، وجعلناه عطلة عن الفصول الدراسية ،و فرصة للعطلة والإجازة السنوية .

هو إذا فصل استراحة من تعب السنة ،وشقاء العمل ،وثقل المسؤوليات ،والتفرغ للابناء و مجالسة الاحباب …

رغم طول سواحل المغرب على طول خريطته ،فإن مناطق الداخل اكثر مساحة وكثافة سكانية ، و الهجرة من الداخل هربا من الحرارة الى المدن الساحلية بحثا عن البرودة امر لا يتحقق للجميع ، فتجد المدن الداخلية تعيش ويلات الحر ليلا ونهارا ، وساكنتها لا تملك ما به تسافر فتبقى قابعة بمنازلها التي تقاوم الحرارة ببناء الطوب وسط الحشرات الزاحفة القاتلة ، و الأمراض الجلدية ..

هؤلاء المغاربة لا نجد لمعاناتهم مكانا في الإعلام العمومي ، ولا في الكتابات الصحفية ، والغريب انه كلما تغير طقس المدن الساحلية عبر موجة حرارة عابرة ، تصبح حديث الساعة ،و يبدأ الجميع يعبر عن قساوة الحرارة و خسائرها .

للذين يشكون من حرارة عابرة بالمدن ياليتكم تكتبون عن معاناة مغاربة مدن الداخل الذين يعانون في صمت وعبر السنين ،حتى اصبحت عندهم مناعة من الحرارة و الفت أجسامهم لسعات الحشرات .

نعم ،لا نملك ما نقدمه لهؤلاء غير ان نتعاطف معهم ،وان نتحاشى التباهي ببرودة مدننا ،ولا ان نبدو وكأننا لسنا في وطن واحد و كلنا مغاربة ،

قد لا نكون مسؤولين عن الحرارة و توزيعها ،ولا عن المناطق و تميزها ، لكننا مدعوون ان نكف عن الشكوى بسبب حرارة عابرة ونحن لا نحس بحرارة دائمة بمناطق الداخل .

فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى