،سلايد،سلايد،ثقافة

الطبيب الفرنسي بول شاتنيير دخل عزيزا ومات غريباً بمدينة تارودانت التاريخية….1884/1928

اسرار بريس …عن الباحث علي هرماس بتصرف…/السباعي 

قبل الغوص في بحر  تاريخ والسيرة الذاتية لشخصية الطبيب الفرنسي الباحث الذي دخل عزيزا كريما إلى مدينة تارودانت التاريخية، ثم مات ودفن بها غريبا أتساءل دائما من المسؤول وماهي الاسباب وكيف لم  يتم تكريم هذا الهرم ؟؟؟؟  

……في أحد الأيام من  صيف 1914 وصل الى  مدينة تارودانت طبيب فرنسي  يدعى بول شاتنيير Paul Chatinière عبر طريق تيزي نتاست حيث أستقبل الطبيب والوفد من طرف باشا تارودانت حيدة ميس بطابور طويل من الأهالي والأعيان خارج باب السلسلة بجانب السور، أقيمت حفلات فلكورية وأهازيج شعبية، دوَت المدافع وبنادق “بوشفر” انطلقت حوافر خيل الفروسية “التبوردة ” بساحة القصبة وهي اللقطة المتداولة لدى هواة جمع الصور ، لم يخف الطبيب إعجابه بذلك، وانبهاره بالأسوار الشامخة وصومعة الجامع الكبير التي تتراءى له من ساحة باب القصبة والمدينة ككل بل والمحيط ، يقول شاتنيير في كتابه ” في الأطلس الكبير المغربي” الذي ألفه سنة 1919 من تقديم الجنرال ليوطي نفسه : ” تارودانت عبارة عن قصبة ضخمة أو بستان كبير منظم بدقة وعناية وهي مليئة بأشجار الزيتون والنخيل وتحيط بها أسوار عالية ذات شرفات وخلال هذه الخضرة التي تشرف عليها المساجد تبدو أربعة قرى مبعثرة – يقصد أربع ربوعات المذكورة في المدونة السابقة – وأهم مسجد يظهر من بعيد بصومعته العتيقة المزخرفة بزنابق الفسيفساء الزرقاء ، قمنا بزيارة الأسواق المغطاة حيث يباع مستخلص أزهار البرتقال المشهور وأعواد العطر النادر المستورد من السودان…”

وفي سنة 1924توقف العمل “بسبيطار الكرمة” وانتقل الطبيب بول شاتنيير وزرجته الممرضة ازابيل Isabelle وبقية الطاقم للعمل بالمستشفى الجديد – المختار السوسي حاليا – سنوات معدودة بعدها، ضرب تارودانت وباء جارف هو التيفوس épidémie du typhus اضطر بول شاتنيير أن يرسل عائلته الصغيرة الى مدينة الصويرة، فيما فضل هو البقاء بمقر عمله ” سبيطار جديد” لاستقبال الأشخاص الموبوءين يعالج ويواسي بما أوتي من ضمير أخلاقي وحس انساني ، الى أن جاءت عليه الجائحة بدوره رغم حرصه على الإحتياطات الوقائية ، بعد اصابته بالوباء حضر على عجل طبيب من مراكش وآخر من الصويرة للسهر على علاجه، يقول شاتنيير في رسالة بعث بها الى زوجته بتاريخ 28 يناير 1928 : ” أنا في اليوم الثالث من المرض، أنا مرتاح البال، ومعنوياتي جيدة للغاية، لكن زوجتي مضطربة غير أنها شجاعة، نترقب جميع الإحتمالات بما فيها الأسوأ بهدوء ودم بارد، ينبغي أن نغتنم ما بقي لنا في الحياة، لم نندم يوما على مجيئنا لتارودانت”. شهادة بخط اليد وإقرار بالقلب واللسان على مدى حبه وتعلقه بتارودانت التي سحرته بجمالها وأسرته العلاقة التي نسج بها مع مجتمع الأهالي الطيبين.

تفاقمت الحمى لدرجة الغيبوبة، بعد 13 يوم من المرض توفي بمنزله ليلة 8 فبراير 1928 أول طبيب عمل بتارودانت ودفن بمقر عمله وسمي المستشفى باسمه ، الطبيب شاتنيير يشهد له التاريخ أنه عمل طيلة مقامه بتارودانت على معالجة الأهالي بضمير انساني، اقتحم قلب الوغى الوبائي الى أبعد الحدود ولم يوَله ظهره يومئذ، تخليدا لذكراه بقية لوحة كبيرة تحمل اسمه فوق مدخل المستشفى الى منتصف الثمانينات حيث أصدر وزير للصحة مذكرة لاستبدال الأسماء الأجنبية بأسماء وطنية أو مغربية، فنقلت اللوحة الى الجناح الداخلي القديم – جناح الاستشفاء – الى أن قدَم كلاوديو برافو الرسام العالمي هبة مالية ضخمة من باب انساني هو الآخر، حيث هدم الجناح القديم الذي يحمل اسم بول شاتبذنيير وشيد من جديد ليحمل اسم كلاوديو برافو.

هذا الرجل والطبيب الإنساني ألى يستحق من كل هذه المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير المدينة واعتبارا للخدمات التي قدمها للإنسانية ان يطلق إسمه على شارع او زقاق او قاعة كذكرى للخدمات الإنسانية التي قدمها لساكنة مدينة تارودانت وللمنطقة عموما/ عن علي هرماس بتصرف

,

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى