،سلايد،رأي

الخفي والظاهر في العلاقات المغربية الفرنسية

اسرار بريس….بقلم نجيب الأضادي:

قرأت كثيرا بخصوص العلاقات الدبلوملسبة المغربية الفرنسية، وأتابع هذا الملف باهتمام بالغ باعتباري باحثا ومعنيا بهذا الموضوع ،انطلاقا من الإطلاع على عدة تحليلات وبرامج وآراء لدبلوماسيين وخبراء و باحثين آكاديميين، فهناك من يرى أن هناك أزمة صامتة ،ولكن ما هي إلا سحابة صيف عابرة، وهناك من يرى بأن الحرب الباردة بين الدولتين في تصعيد خطير وصل ذروته بعدما حاولت فرنسا التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب وقراراته السيادية بإملاءات استراتيجية تخدم مصالحها فقط،في حين أن المغرب لم يعد سهل المراس أمام أي قوة كيفما كانت ..
فرنسا التي ارادت تركيع المغرب ديلوماسبا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا؛ لم تجد بدا من تغيير استراتيجيتها للعب على المستوى الإثني والديني وملف حقوق الانسان، فعندما فشلت مناوراتها بدءا بسحب سفيرتها من الرباط دون سابق إعلام، في خطوة تخالف كل الأعراف الدبلوماسية المعمول بها في العلاقات الدولية، وهو الشي الذي رد عليه المغرب بالمثل ،مما اعتبرته فرنسا خروجا عن المألوف ،وخطوة صدمت الدبلوماسية الفرنسية مما جعل “زبانبة الإليزيه” يمرون للسرعة القصوى من أجل الإساءة إلى المغرب وثوابته ورموزه ومؤسساته ،حيث لجؤوا لتوظيف ملف حقوق الإنسان بالمغرب، من خلال ادانة المملكة عبر البرلمان الأوروبي في مناسبتين وفتح المجال للصحافة الإستخباراتية الفرنسية لتشويه صورة المغرب بخصوص هذا الموضوع مستعملين أسطوانة مشروخة اسمها قضية “بيغاسوس” دون توفرهم على أية أدلة تذكر ..
أما على المستوى الإقتصادي ؛اعتبرت فرنسا أن سحب استثماراتها وشركاتها من المغرب ؛سيكون ضربة “قاصمة” للمملكة، في حين اعتبرها المغرب هدية ثمينة لتقوية المؤسسات الوطنية، التي احتلت مكانة الشركات الفرنسية مثل “ريضال، ليديك ؛ طوطال انيرجي وشركات التأمين والبنك المغربي للتجارة والصناعة ” وغيرها ، والتخلص منها لجلب “شركات أنجلوساكسونية وإسبانية”.
وحتى الصفقة التي كان يحلم بها “ماكرون” المتعلقة بقطار الفائق السرعة TGV الرابط بين الدار البيضاء ومراكش من جهة، ومراكش وأكادير من جهة أخرى ،تم حرمان فرنسا منها ،عقابا على عنجهية صناع القرار في “الإليزبه ”
وبخصوص الصفقات العسكرية فقد انتقل المغرب الذي كان يعتمد كليا على فرنسا، الى تنويع شركائه العسكريين من أمريكا والصين وإسرائيل وتركيا والهند..بالإظافة الى المفاعلات النووية التي ستتكلف بإنشائها روسيا الاتحادية.. الشيئ الذي أصاب ماكرون بالجنون خاصة وأنه كان يمني النفس بتعويض خسارته لصفقة الغواصات الأسترالية..
أما على مستوى التعاون العسكري والأمني والإستخباراتي بين المغرب وإسرائيل، فقد أصاب ماكرون بالذعر ؛الشيئ أخرجه من جحره وكشف الوجه الحقيقي لفرنسا مما اضطره لعرض صفقة المصالحة والتطبيع مع الجزائر مقابل قطع العلاقات مع إسرائيل ”
أما على مستوى الطاقات المتجددة والبديلة والذي يحتل فيها المغرب مركز الريادة العالمية، فقد وجدت فرنسا نفسها تعيش في،الظلام، بدل التوجه إلى الشريك الموثوق به عوض هرطقات “التبون وشنقريحة ”
اما الخطوة الأخرى التي أصابت فرنسا الإستعمارية في مقتل، وهي توجه المغرب بفضل حنكة وتبصر الملك محمد السادس ورؤيته الاستشرافية نحو الإستثمار الفلاحي في “جنوب نهر الكونغو”الذي قلنا عنه قبل أيام أنه سيكون “أوكرانيا الجديدة في مجال الإنتاج الزراعي “مستغلا توفره على إحتياط عالمي من الأسمدة، التي تتلاءم مع طبيعة التربة في إفريقيا والتي تتميز بخصوبتها ووفرة المياه بها وكثرة التساقطات المطرية .
على المستوى الثقافي، فإن المغرب أصبح عازما على تغيير الفرنسية بالإنجليزية سيما في المناهج الدراسية، والتعامل مع المستثمرين والتواصل الدبلوماسي مع العالم.
أما على المستوى الديني فوجب التذكير إلى أن المغرب يعرف حق المعرفة الخلفية الخبيثة لماكرون حول حل وتغيير هيكلة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية..
وفي نظري بخصوص هذا الموضوع يجب الإنتباه جيدا الى المناورة الخبيثة لفرنسا لإشعال الفتنة المذهبية وخاصة بعد اقتناعها ان من العوامل القوية التي عززت العلاقات المغربية ودول الساحل وجنوب الصحراء ترجع الى العلاقات التاريخية والثقافية والدينية السنية وامارة المؤمنين الضاربة في أعماق التاريخ، ومن ثم اقدمت فرنسا على تسهيل تسرب وتثبيت الشيعة في كل من الجزائر والآن في موريتانيا وجعلهما منصتان للانطلاقة نحو الجنوب، من أجل ضرب العلاقة الروحية التي تجمع شعب المغرب بشعوب إفريقيا ومن ثم اقدمت فرنسا على حل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية للحد من سلطة المغرب الدينية فيه، والاخطر من ذلك اقحام الشيعة بداخله والسنة التركي وهذا يذكرنا بايواء الخميني بالديار الفرنسية وهذا أمر خطير جدا .
الخلاصة أن المغاربة ملكا وشعبا عربا وأمازيغ واعون جيدا بما تحيكه فرنسا ومقاطعتها الإفريقية اتجاه مصالح المملكة.. وفرنسا تعرف ذالك جيدا لذلك تلجأ لسياسة فرق تسد لان ما يجمع المغاربة ويوحدهم هو البيعة التاريخية الإسلامية لملكهم والتشبث بدينهم ووحدتهم الترابية.
وأخيرا أقدم نصيحة لصناع القرار في فرنسا :إن المغرب أصبح قوة اقليمية عسكرية واقتصادية منافسة في إفريقيا، وجب التعامل معه بمنطق الندية واحترام الشركات واذا كانت فرنسا ترغب في إعادة بناء علاقات قوية مع المغرب، فما عليها سوى الكشف عن الوثائق التي تكشف عن الحق الشرعي والتاريخي للمغرب على صحرائه الشرقية والغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى