اليافعون… المندفعون :”لكليكة ديال راس الدرب و حدا الجامع “.
اليافعون… المندفعون :
“لكليكة ديال راس الدرب و حدا الجامع “.
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكتوبر،2023.
مقال (82).
أين طفلك ؟
إنه يلعب مع الأطفال في الحارة ،
هذا وضع سليم يدعو الى الإضمئنان ،فالطفل يحتاج في صغره الى الإحتكاك بأقرانه للتعلم وإكتشاف الحياة و فن التعامل مع الآخر .
أين إبنك اليافع ؟
إنه يقف مع أقرانه على ناصية الشارع ،في “رأس الدرب “،
هناك تبدأ رحلة المجهول ،حيث تبدأ الخطوات الأولى نحو الإنضمام إلى ” الكليكة”, و التي ترسم للشاب معالم أشبه بتكوين عصابة ، قد تبدأ بتكوين فريق لكرة القدم ،او تبدأ بالتفكير في إنشاء فرقة موسيقية ، و ما إن تبدأ بوادر المراهقة تبرز، إلا واصبح اليافعون فريسة سهلة لخريجي السجون و تجار المخدرات ،و العاطلين المهووسين بالقمار …
البطالة ،و غياب الرعاية الأسرية ،و تفشي مصادر الانحراف من حشيش و معجون و خمر وحبوب الهلوسة وصولا الى “السيليسيون” الرخيص الثمن .
كلها وقود يغدي في المراهق رغبة الإستقلال بالنفس و ركوب موجة المغامرة بلا عودة .
في الجهة الأخرى ، تبدو على طفلك اليافع وهو يطل على الشباب ، مظاهر التدين والتي تأتي إما فطرية ،او تحت تأثير الأسرة أو أحد افرادها ،او تأثير المدرسة عبر معلم في الغالب يكون استاذ عربية او تربية إسلامية ،
فيتردد الإبن على المسجد لصلاة المغرب و العشاء ، فيما الصلوات الاخرى يكون فيها داخل الفصل الدراسي ، في الخطوات الاولى سيبدو لك يافعك شابا عاديا في لباسه ،محب للصلاة بالمسجد ، وما إن يخرج لصلاة المغرب والمكوت بالمسجد او بمحيطه حتى موعد صلاة العشاء إلا ووجد نفسه وسط “كليكة” المسجد او ما يسميه المغاربة “كليكة اللحاية “,
هنا يبدأ الشاب في تربية الزغيبات القليلة التي تظهر على وجهه ، و يقصر ملابسه ،و يميل الى اللباس الخليجي ،ويبتعد تدريجيا عن اللباس “الاوروبي”.
وتبدأ الرحلة بعمل خيري يكون في الغالب المساهمة في تنظيف بيت الله ، و بعدها استقطاب أقرانه من المدرسة قبل إعلان الثورة على الأسرة الكافرة و المجتمع المارق .
هذان المساران هما الغالبان في اوساط الأسر المغربية ، خاصة في الأحياء الشعبية ، وهما مختلفان كلية عن مسار البنات ، فهي مسارات جد معقدة لا تتشابه الا في النتيجة اما الاسباب يصعب حصرها.
في مثل هذه الحالات ،كان النصح المقدم للآباء هو توجيه أطفالهم الى دور الشباب ،والجمعيات و لعب كرة القدم ،
اليوم الفضاءات الثقافية إحتلها الكبار لصرف اعتماداتهم !! ،وتحولت الورشات نحو اهتمامات تبتعد كليا عن شؤون الطفولة ،خاصة مع غياب التكوين لدى اعضاء الجمعيات في مجال تأطير الطفولة والشباب .
بصيص الامل الذي يبقى هو الصالات الرياضية التي أصبحت تحتضن الاطفال اليافعين و الشباب و تنتشلهم من وسط “كليكة البزنازة و اللحاية “, و هو مكان ايضا لا يخلو من تجار الدين و بائعي المنشطات ولكن بحدة اقل …
كل هذا يمكن ان يكون تجربة عمر إذا كانت المدرسة تربي و تكون و تخرج افواجا تتسابق إليهم الشركات وتفتح لهم آفاق العمل بدل حال اليوم حيث الشباب هم من يقفون طوابير أمام الشركات طلبا للشغل ،
إذا كانت البطالة و التفكك الأسري هما السمة الطاغية في المجتمع ، فإن الانحراف بكل أشكاله سيكون عنوان جيل لم تنصفه الأسرة ولا المدرسة ،وحوله الشارع الى مجرم او متطرف او إنسان فاقد للإنسانية و غارق في المخدرات حتى الموت .
اولادنا يحتاجون منا لرعاية اكبر ،و على الدولة أن تضمن استقرار المدرسة وتفتح آفاق الشغل حتى لا يكون حلم كل طفل وهو يحبو أن يتمكن من الوقوف ليجد مكانه على راس الدرب او قرب المسجد ،او تقوده سيقانه للجري الى الشواطئ ليلا لركوب قارب الموت المسكون بوهم الهجرة الى الفردوس الاوروبي .
فهل تعتبرون ؟