إكراهات الحياة و”أكباش الرّخا” تؤخر اقتناء المغاربة لأضاحي العيد
برحيل بريس متابعة
يضطر عدد من المغاربة إلى تأخير اقتناء أضحية عيد الأضحى إلى غاية يوم
واحد قبل حلول العيد. ويعود سبب هذا التأخير، في الغالب، إما لأنّ إكراهات
الحياة لا تتيح الفرصة لشراء الأضحية قبل العيد بأيام، أو للاعتقاد بأن
الأسعار تنخفض ليلة العيد.
في
سوق بيع الأضاحي بمدينة بيوكرى بإقليم اشتوكة أيت بها، وتحت أشعة شمس
حارقة، استمرت عملية بيع الأضاحي إلى ما بعد زوال اليوم الثلاثاء، وسط
توافد عدد كبير من المواطنين الباحثين عن اقتناء الأضحية على السوق، ممّن
لم يسعفهم الوقت لاقتنائها في وقت سابق، أو الذين كانوا ينتظرون نيْل أضحية
بسعر أقلّ.
“مقارنة مع الأيام السابقة، تبدو أسعار الأضاحي اليوم
أرخص مما كانت عليه خلال الأيام الماضية”، يقول شاب كان ينتقل من بائع أضاح
إلى آخر ماسكا مقودَ دراجته الهوائية وسط سوق بيع المواشي ببيوكرى، مضيفا
أن السبب الذي دفعه إلى التريث في اقتناء أضحية العيد هو أن الأسعار في
الأيام السابقة كانت مرتفعة.
لا
نظام لتحديد أسعار الأضاحي في أسواق بيع الأضاحي، بل تتحدد الأسعار وفق
منطق العرض والطلب، أو “عْلى حْساب الموجود”؛ لكن عددا من الكسابة أكدوا أن
أسعار الأضاحي عرفت اليوم الثلاثاء انخفاضا مقارنة مع الأيام السابقة؛
لكون دنوّ العيد يرغم الكسابة، وخاصة الصغار منهم، على البيع، بدل إرجاع
الأضاحي إلى بيوتهم.
“هادْ اللي كطّلب ماشي ديال اليوما”، يقول
مواطن لكسّاب حين سأله عن سعر خروف عرضه للبيع فأجابه “رْبعين ألف ريال”.
وبالرغم من تمسّك البائع بالثمن الذي طلبه في البداية، فإنه سرعان ما تنازل
عنه، حين تبيّن له أنه لن ينال 2000 درهم، كما كان يمنّي نفسه، واضطر لبيع
الخروف بعد مساومة لم تدم سوى بضع دقائق، بـ1700 درهم.
وإذا
كان بعض الذين يؤخرون اقتناء الأضحية إلى غاية ليلة العيد يفعلون ذلك بحثا
عن سعر أرخص، فثمّة من يفعل ذلك مضطرا، بسبب إكراهات الحياة، مثل العمل أو
عدم التمكن من توفير المال إلا في آخر لحظة؛ وثمّة سبب آخر، وهو “أنّ كل
واحد كيْدّي غير داكشي اللي مْكتاب ليه”، كما قال أحد الكسابين لهسبريس.
من
جهة ثانية، أصبحت التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي تبرز حتى في
الفضاءات التقليدية التي كانت حكْرا على الذكور، مثل أسواق بيع أضاحي
العيد. وقد عاينت هسبريس في سوق بيوكرى عددا من النسوة يبحثن عن اقتناء
الأضحية، إما برفقة أزواجهن أو بمفردهن، وثمّة نساء أخريات يَعرضن أضاحي
للبيع جنبا إلى جنب مع الرجال.
تدخل
شابة كانت برفقة سيدة يرجح أنها أمّها في مساومة مع كساب حول سعر خروف
حدده الكساب في 1150 درهما، ولكي يقنعها قال لها إنّ هناك مَن أعطاه هذا
المبلغ ورفضه، لكن الشابة رفضت دفع المبلغ المطلوب، وحين انصرفت قالت
لوالدتها ساخرة من الكساب: “گالّك عطاؤه ثلاثة وعشرين ألف ريال، إيوا علاش
خلاه عندو”.
وموازاة
مع بيع الأضاحي، يستمرّ نبْض بعض المهن الهامشية المرتبطة بالعيد، مثل بيع
مستلزمات الذبح والسلخ وشيّ اللحوم.. كالسكاكين والعصي المستعملة في النفخ
لفصل جلد الأضحية عن اللحم، والمباجر والفحم.. مهن تنتعش قبل أيام من عيد
الأضحى وتختفي مباشرة ليلة العيد.