، ،،سلايدر،،،،كتاب راي ،،،،سلايدر

الإعلام والإعلاف…

 

اسرار بريس… الدكتور سدى علي ماء العينين 

الجزء الاول 

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،يوليوز 2023

المقال (55)2023.

الصحافة تسمى بصاحبة الجلالة ، لذلك يكون الإقتراب منها ولو من باب الملاحظات أمرا محفوفا بالمخاطر ،لأن ممتهني هذه الحرفة لا يحبون ان تقلب الادوار ،فبدل ان يكونوا هم المنتقدون (بكسر القاف) يصبحون هم المنتقدون (بفتح القاف).

لكنني رغم ذلك اعطيت الحق لنفسي ان اخوض في شؤون مملكة صاحبة الجلالة آملا ان لا يكون في كلامي بداية من العنوان ما يمس بهبتها .

عشنا في كثير من المناطق بالمغرب وخاصة بسوس ونحن نعاني من غياب وضعف للجرائد الجهوية الورقية ،فكل من هب ودب حسب قانون تأسيس الجرائد الورقية كان من حقه إمتلاك جريدة ،ولو كان أميا او ممتهنا لأية مهنة او حتى بدونها …

فكانت تظهر في المناسبات لنشر تهاني الرؤساء ،قبل ان تتحول ملفات الجرائم من رفوف ولايات الامن والدرك الملكي الى صفحات جرائد وصفت ساعتها بالصفراء.

اما الجرائد الوطنية الحزبية فقد اصبحت تعتمد في الجهات على مناضلين حزبيين غالبيتهم من رجال التعليم ، فكانوا كمعارضين مختصين في نشر الخروقات ومواجهة السلطات و التربص بالاختلالات.

واستمر هذا الوضع لسنوات ،كلما اردت نشر الوجه المشرق لجهتك اتهموك انك تتقاضى أموالا مقابل ذلك ،لكنك اذا نشرت الفضائح فهذا معناه انك صحفي و مناضل ومراسل جيد وتزيد من عدد المبيعات مقابل دريهمات قليلة …

وللأمانة لازالت اقلام المراسلين مسكونة بهذه العقدة ،وهي إختزال الصحافة في النقد والفضح دون اداء باقي الادوار كالترويج للمناطق والتعريف بها و ابراز منجزاتها ،وكل محاولة في هذا الاتجاه تجعل صاحبها طبالا ومروجا ل”كولو العام زين ” ،

المراسلون الذين انتقلوا إلى الصحافة الرقمية واسسوا مواقعهم كثير منهم – وتبعهم ابناء هذا الجيل- بقوا وفيين لهذا النهج وهذا التوجه .

لقد عاشت الصحافة في بلادنا مفارقة لا نجد لها مثيلا في كثير من الدول ،وهي ان الصحفي المهني في بلادنا ليس من خريجي معاهد الصحافة ،بل يكفي فقط التوفر على بطاقة الصحافة حتى لو كنت تمتهن مهنة أخرى كالتعليم او الأعمال الحرة .

ولو تم قياس عدد الجرائد و المواقع مع عدد حاملي شهادة الإعلام والصحافة لأدركنا ان عددهم لا يتجاوز 1./. من مجموع ممتهني الصحافة من حاملي البطاقة .

فهل يمكن القول ان مملكة صاحبة الجلالة غارقة بأناس يحملون لقب الأمير لكنهم ليسوا من سلالة صاحبة الجلالة ؟

حتى ان اشهر أسماء الصحافة ببلادنا والذين اسسوا تجارب صحفية رائدة ليسوا بخريجي معاهد الصحافة بل مجرد مناضلين يجيدون كتابة مقالات الرأي لكنهم عاجزون عن إجراء تحقيق صحفي بمواصفات مهنية ،وربما هذا ما تسبب في ضعف التحقيق الصحفي ببلادنا.

ومباشرة بعد تقنين فتح المواقع الإخبارية و عدم الزامية التوفر على بطاقة الصحافة قلت المواقع المعتمدة ،ليتحول جل اصحاب المواقع التي اضطرت إلى الإغلاق إلى مصورين يقتحمون كل الأنشطة بصفة صحفي مصور ولو لم يكن تابعا لأي موقع .

وفي زمن اصبحت فيه اكثر الجرائد انتشارا لا تطبع سوى اقل من عشرة آلاف نسخة في اليوم ،ظهر رواد التواصل الاجتماعي الذين أطلق عليهم مؤثرون ،مجموعة من الشباب كل رأس مالهم هاتف يصلح للتصوير ،وموهبة تحتاج الى الصقل ،فتجدهم ينشرون فيديوهات قد تبدو تافهة عند البعض ،لكنها تجني الملايين من المشاهدات وفي وقت قياسي ،وهي بذلك تعلن الوفاة التدريجي للإعلام الورقي .

انتظروني  غدا مع  الجزء الثاني لمواصلة رحلة سبر اغوار محيط صاحبة الجلالة .

فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى