رأيسلايد

روتيني اليومي : ثقافة الصرف الصحي لكل مخلوقة لا تستحي

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكتوبر ،2022.

في اليوم الوطني للمرأة كان لابد من وقفة عند ما تحقق وما لم يتحقق ، وتقديم حصيلة مسار من الإصلاحات إكتملت أركانها خلال العشرين سنة الماضية ،فيما بعض المطالب لا زالت تنتظر .

وبهذه المناسبة كانت هناك مقالات وبلاغات وانشطة تناولت مختلف جوانب الموضوع  ولا داعي لتكرارها .

في هذا المقال سنعرض لبعض القضايا التي أصبحت لصيقة بالمرأة المغربية ،واصبحت تضرب عرض الحائط بمجهودات دولة باكملها ، قضايا لم تعد داخلية تخص وطننا لوحده بل تجاوزته لتصبح ظواهر عالمية ابطالها نساء ،

ترى ما هي صورة المرأة المغربية اليوم ،والتي تقدم بها نفسها للعالم ؟ او نحن نقدمها بها للعالم ؟

على طول بلدنا المغرب نساء عفيفات يواجهن مصاعب الحياة بتفاني و تضحيات ، نساء امهات يلدن و يربين رغم قساوة الحياة ، و تلميذات مجتهدات يتفوقن على اقرانهن من الذكور بالحصول على اعلى المعدلات وفي كل الشعب و المستويات،

نساء عاملات في القطاعين الخاص والعام ،أبن عن قدرة على القيادة و كفاءة في العطاء ، وابداع في العمل وفي الحياة الخاصة في الفنون والآداب والموسيقى و ….

نساء بمختلف مساجد البلاد يحفظن القران و يحاربن الامية ،و تشرف عليهن مرشدات دينيات تكونن تكوينا دقيقا في الشريعة الحقة بلا تطرف ولا غلو … 

وبين الفينة و الأخرى تشارك نساء مغربيات في مسابقات تجويد القران فيحصدن الجوائز كما غيرهن يحصدن الميداليات الرياضية …

كل هذا البحر من المنجزات تلوث مياهه مياه يجرفها واد يصب في هذا البحر ،واد يلوث مياه البحر و يغير لونها و يقتل اسماكها ،

انه عاهة هذا الزمن ،و وصمة عار هذا الوطن ، ووقاحة زمن الحريات المنفلتة من شعائر الدين وقيم المجتمع ، 

إنه “روتيني اليومي و التيك توك”,

المغرب الذي يعرف في التاريخ بمقدمة ابن خلدون ، اصبح كل هم نسائه إظهار المؤخرات (!!!), 

المغرب الذي بنت حضارته نساء خالدات ،اصبحت  بعض نسائه يظهرن أمية و جهلا بالكلام الساقط و الكلمات النابية ،

المغرب الذي تتحجب فيه النساء في البيوت ،ولا يظهرن على الغريب ، اصبحت بعض نسائه يشاركن العالم غرف نومهن،

المغرب الذي يعتز ببيوته العامرة ،التي تفتح للصدقات و الذكر و صلة الرحم والزيارات ، اصبحت منازلا مشرعة لكل من هب  ودب من رواد التواصل الاجتماعي ، حيث العري والميوعة ،و الكلام الساقط والايحاءات الجنسية الحاط بكرامة المرأة وقدسية العلاقات الحميمية …

واقعة فتيحة بمرحاض بيتها وضع الجميع امام مرآة المكاشفة و فضح النفاق الاجتماعي:

– من اي مجتمع تخرجت هذه الكائنة ؟ و ما وازعها الذي يحكم تصرفها؟ وماذا يقول القانون في النازلة ؟ 

– هل العقوبات الجزرية كافية ؟ و أين يبدأ و ينتهي الوازع الأخلاقي وسلطة المجتمع ؟

– لماذا الدولة و المجتمع يخلقون تعايشا مع هذه الظواهر ويدعمونها بالصمت و التجاهل و نسب المشاهدة وهي التي تنخر مجتمعنا وتفسده ؟

الطامة الكبرى الأخرى هي “التيك توك” هذا التطبيق الذي تحول الى معرض مفتوح لمؤخرات المغربيات وغير المغربيات ، حتى اصبح الشارع المغربي يتحدث عن تزايد الإقبال على استعمال أدوية واعشاب لتكبير حجمها كموضة عصرية !!!

 اول سؤال يتبادر الى ذهن اي شخص صادف تلك المشاهد هو : أين أسرة هذه الفتاة ؟ و أين اهلها وجيرانها ؟ أين اصلها واين فصلها ؟

هنا تتشعب الاسئلة و تحرج الأجوبة ، فنحن أمام جيل بلا أسرة ، وجاء اصلا خارج نظام الأسرة ،و تربى خارج الأسرة ،و يملك حقدا اتجاه المجتمع و الدين و الرجال عامة .

اطفال الشوارع الذين يفوق عددهم في اليوم الواحد خمسين طفلا ، الذين يرمون في قمامات الازبال ، او يوضعون امام أبواب المساجد ،

قبل سنين لم يكن هناك شيئ اسمه طفلات وبنات الشارع ،فهذا حكر على الذكور ، ولا احد استفسر أين تذهب الفتيات المتخلى عنهن ؟

هنا تظهر شبكات الاتجار بالأعضاء البشرية ،و تجارة الدعارة المنظمة ،وتجارة التسول ،وتجارة اليد العاملة المقنعة بالخليج و بحقول اسبانيا ،

هنا زواج القاصرات ،وفظ البكارة في طقوس سادية بملايين الدريهمات ….

نعم ،كل مولودة بلا أسرة تجد من يرعاها لانها دجاجة تبيض ذهبا ، 

و عندما نعود الى مجتمعنا و نلاحظ تزايد نسبة الطلاق التي حطمت كل الارقام ، لا احد يستفسر عن مصير المطلقات اللواتي لا يتوصلن بالنفقة رغم احكام المحاكم ، و لا يجدن سكنا بعد الطلاق فيصبحن فريسة لملاكي دور الكراء ، ولا احد يناقش نفسية الاطفال و وضعيتهم ،والذين ينتفظون على الام المغلوب على امرها فيجدن الشارع خير ملاذ  ومحتضن ….

قبل سنوات كتبت مقالا سميته : الخطر القادم من الارحام ، واليوم اجدد القول ان بلادنا اذا واصلت هذا التفكك الأسري الذي امتد حتى الى البادية ، فصلوا السلام على امتنا و قيمنا و مستقبل اجيالنا ،

المرأة نعمة اذا وجدت مجتمعا يحتضنها ،لكنها تصبح اصل البلاء والداء إن هي مست في طهارتها وكيانها ،

المرأة هي الحب كله إن وجدت من يرعاها ،وهي الشر كله إن هي فقدت حس الانتماء و حس العفة وحس الوطن ،

«وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون» (النحل: 58 – 59) 

قبل أن تعودوا الى وضعية قوم نزلت عليهم هذه الآية ،كونوا اوصياء خير بالنساء ،  ولا تنسوا ما جاء في الاثر: لا تكرهوا البنات، فإنهن المؤنسات الغاليات.

 وفي الاثر ايضا: ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم. ومما ورد في إكرام النساء والإحسان إليهن عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».

فهل النساء بيننا في خير ؟ ام هن الشر المتربص بنا ؟

وهنا ودوما وابدا تحية عالية للمرأة المغربية التي لا تجعل حريتها و رزقها على حساب شرف المجتمع و قيم المجتمع و الانتماء الى المجتمع .

تحية عالية و غالية لكل النساء اللواتي يشدن بالجمر بايديهن ،ان ابتلين استترن ،وان كافحن و ناضلن قدمن النموذج و القدوة ، 

فهل تعتبرون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى