سلايد،،مجتمعمجتمع،

13ماي 1970 ذكرى وفاة احميدو بن فارس الملقب بالإسم الحركي ” احميدو الوطني .

زهاء نصف قرن ونيف تحل ذكرى وفاة أحد أقطاب الحركة الوطنية المغربية الماجدة التي شهدها المغرب خلال سنة 1970 وأحد رجالاتها الأبرار من القرن الماضي والذي تعرض لجريمة قتل شنعاء دوت في كل أركان الوطن وإهتز لها الوجدان الوطني المغربي نظرا لما يحظى به المرحوم احميدو الوطني من تقدير واحترام كبيرين من لدن المغاربة الأحقاق والذين خبروه في أحلك أيام الاستعمار الفرنسي الغاشم وكيف إستطاع إبن المدينة الأثرية أغمات والمزداد سنة 1910 بمسفيوة وبالضبط بالحاجب تمسولت أن ينطلق بشرارته المبكرة وهو في سن الثالثة عشر من عمره منتفضا على الظلم القائم من المعمرين الفرنسيين وأذيالهم من عملاء أذناب للفرنسيين آنذاك ، وتذكر الأحداث التي سجلها من عاصروه من الوطنيين شاهدين على العصر أن المرحوم احميدو الوطني أثار غيضه الإستبداد وظلم والعبودية الذي كان يرخي بكلكله على صدور المغاربة ، تولدت فكرة الرحيل من القرية الأصلية الى الدارالبيضاء لفتح أفاق جديدة والعمل على إثبات الوجود الشخصي والوطني لتلبية الاحتياجات الخاصة به من خلال القيام  بأعمال تجارية بحيث عمل المرحوم احميدو الوطني في التجارة الحرة منطلقا منها كبائع متجول ينمي تجارته ويطورها وبعد إدراكه بضرورة توفره على صنعة تمكنه من الولوج إلى مهنة تذر عليه المال وتحصن معيشه إشتغل عند عائلة إسبانية   ( Guerrero ) والتي إحتضنته داخل ورش الكهرباء الخاص بالسيارات ولبث سنينا داخل الورشة إلى أن تمكن تحصيل المعرفة بمجال كهرباء السيارات ، ليشتهر كأول مغربي داع صيته في إصلاح كهرباء السيارات ، ومن هنا تملكه وعي وطني عظيم بالانخراط في العمل الوطني لمقاومة المعمر الفرنسي الذي كان يمارس بطشه على المغاربة من خلال الإساءة لهم وتركيعهم وجعلهم كالعبيد ، ويوما بعد يوم كان المرحوم احميدو الوطني تترسخ لديه قناعة وطنية خالصة من أجل البحث عن السبل الممكنة للخلق والإبداع في مواجهة التحديات التي تفرضها المرحلة على البلاد وبما أنه كان يفتح علاقات مع مغاربة كانت تجمعهم الروح الوطنية وهم في عنفوان شبابهم ومن مختلف المدن والقرى والأرياف جمعتهم مدينة الدارالبيضاء التي وفدوا إليها من أجل العيش وتطوير الذات داخل الأحياء الشعبية بالمدينة القديمة ، ودرب السلطان ، وكاريان الكلوطي ، وكثير من الأحياء جمعت مشارب من مقاومين مغاربة ، ومن الاقطاب الوطنية التي تعرف عليها المرحوم أحميدو الوطني الشهيد إبراهيم أضياضو الروداني بحيث من هنا توطدت العلاقة بينهما من أجل التخطيط الاستراتيجي للكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي ويذكر التاريخ أن كل من إحميدو الوطني ورفيقه إبراهيم الروداني تم إعتقالهما ليسجنا ببناية يلقبونها ( داركوم ) بالدارالبيضاء وتم نقلهما الى مدينة خريبگة لقد تعرضا الإثنين لكل أشكال التعذيب والترهيب والتهديد بالقتل داخل سجون المعمر الفرنسي .

لم تتمكن الشرطة الفرنسية ومفتشوها من نزع إعترافات تقر بالحقيقة والحصول على المعلومات المتعلقة بسير المقاومة ورجالها الأبرار تم نقي احميدو الوطني إلى مدينة آيت أورير لمدة عامين وحيث أن التجمعات كانت محظورة تولدت لديه فكرة ضرورة التنظيم لمواجهة الاستعمار بأي شكل من الاشكال أسس مع عدد من الوطنيين فريقا لكرة القدم كواجهة أساسية تمكنه من التواصل مع المغاربة للتعبئة والمقاومة مع حمل السلاح من أجل الكفاح المسلح إيمانا منهم بفكرة لا يفل الحديد إلا الحديد ولقد تم تأسيس الفتح البيضاوي الرجاء البيضاوي حاليا ، ولكي تكون غطاءا وخلفية للمقاومة للإسقطاب وبلورة الافكار ميدانيا وجعلها فعلا حركيا للمقاومة بالسلاح .

المرحوم احميدو الوطني قطب الرحى في تأسيس قيادات جيش التحرير الجنوبي وتذكر الأحداث أنه إشترى بنفسه سيارات جيب مستعملة من القاعدة الأمريكية أعدها ثم تبرع بها للجيش الجنوبي  .

 نقف اليوم في ذكرى وفاة احميدو الوطني على آثار الشخصية المغربية المشبعة بالقيم الوطنية النبيلة والتي أبانت على عبقريتها في صناعة مستقبل المغرب المستقل لقد كان المرحوم احميدو الوطني من الركائز الأساسية والأعمدة المغربية التي كانت تنظر للمستقبل وايمانا منها من تعاقب الاجيال القادمة لقيادة شؤون البلاد فلابد من خلق جيل قارئ وعارف بمجريات الحياة في كل أبعادها الثقافية والفكرية والرياضية والاجتماعية وفي كل المجالات الدنيوية لقد أنشأ المرحوم احميدو الوطني مكتبة داخل بيته جعلها رهن إشارة الطلبة لتمكينهم من المعرفة واعدادهم لمرحلة ما بعد الاستعمار ، ولقد تمكن مجموعة من الطلبة المغاربة آنذاك من تحصيل دراستهم بفضل مساعدة احميدو الوطني ومن بين هؤولاء الطلاب كان هناك حسن حاجبي .

يسجل التاريخ الوطني المغربي أن احميدو الوطني كان مبادرا رفقة مجموعة من الوطنيين من المقاومة المغربية ورموزها في تأسيس المنظمة السرية للمقاومة المغربية لتحرير المغرب ، تاسست من ثلة من الرجال الاحرار الذين شكلوا النواة الأولى للكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي بحيث كانت كل المقابات تنطلق بالتشاور بين أعضائها في وضع البرامج بعد حبكها وجعلها فاعلة في الميدان من خلال تنزيلها بالتنفيذ الناجح لضرب المعمر وشله حتى يؤمن أنه لا خيار لهم سوى الاستجابة لمطالب المقاومة المغربية الباسلة ولقد كانت أول منظمة سرية لم تعلن على وجودها إلا بعد نفي المغفور له محمد الخامس واسرته الشريفة إلى المنفى ومن هنا إنطلق البسطاء من شرفاء الوطن في حبك الخطط ضد الاستعمار وضربه بالسلاح .

(ولقد أشار موقع هسبريس إلى هذه الحقيقة التاريخية ، بالمودن يتذكر تأسيس المنظمة السرية )

.

وقد شهد بهذا الأستاذ جان شارل لوكران “المحامي الفرنسي في مذكراته إذ كتب يقول:

“لم يرجع محمد الخامس إلى وطنه لا رجال السياسة، ولا المفكرون، ولا العلماء في المناورات، ولا المختصون في الزيارات، تلك القوى الضرورية والمحترزة. إن الذي أرجعه إلى وطنه هو العامل، هو الطراف، هو الخباز، هو بائع الملابس القديمة، هو بائع النعناع، هم أولئك البسطاء الذين تركوا عملهم، في يوم من الأيام وغادروا عائلاتهم، مخلصين للحرب والنضال في سبيل وطنهم وملكهم”.

والفضل الكبير في تأسيس المقاومة المغربية يتشرف به كل من الشهيدين محمد الزرقطوني وإبراهيم الروداني، والمرحومين عبد الله الصنهاجي، وحسن العرائشي.

والمقاومة في الحقيقة انطلقت من درب السلطان وبالضبط من “درب القريعة” وبالتحديد من دار أبا عمر الباعمراني المشهور “بمول الحليب” بالزنقة 24 رقم 15، وكان يقطن في هذه الدار المرحوم حسن العرائشي كما كانت تعقد بها كل الاجتماعات في المرحلة الأولى، وأول مركز للاتصال بين رجال المقاومة كان بالقرب من “قيسارية المنجرة” في متجر المرحوم بلعيد البركوكي الذي كان يسكن في شقة فوقه مولاي العربي الشتوکي.

وعلى الرغم من أنني لم أكن أنتمي لأي حزب سياسي، ولكن يجب الاعتراف أن حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحزب الإصلاح الوطني وحزب الوحدة الوطنية، يرجع لها الفضل الكبير في تأطير المواطنين وتحسسيهم بعدالة قضيتهم وإثارة غيرتهم الوطنية، من أجل المطالبة بالاستقلال وطرد المستعمر )

ما أحوجنا اليوم إلى إستحضار التجارب الوطنية للمرحوم احميدو الوطني وكل رفاقه في الكفاح الوطني ضد الاستعمار والوقوف على آثار الشخصية الوطنية التي صنعت أمجاد المغرب المستقل بقيادة المغفور لهما جلالتا الملكين المغفور لهما محمد الخامس ووارث سره المغفور له الحسن الثاني وكل شرفاء المملكة المغربية الماجدة التي صنعت التاريخ الحديث للبلاد ، فعلى أرواحهم الطاهرة السلام 

مصطفى حناوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى