رأيسلايد

ذ/خليفة مزضوضي يكتب: أي دور لجمعيات المجتمع المدني في محاربة التطرف الفكري والإرهاب

 

أسرار النجاح…بقلم: خليفة مزضوضي مدير مكتب جهة مراكش آسفي

يتطور التطرف الفكري اسرع ما تتطور أدوات مواجهته , فهو ينمو وينتشر ويرواغ  كفيروس يتمحور اسرع من سرعة المناعة على إنتاج اجساد مضادة ,  والمفارقة الغريبة ان التنظيمات الارهابية المتطرفة الرجعية المعادية للحداثة والتجديد والابداع  هى الأقدر على الأبداع  وإبتكار أدوات للإنتشار !

بينما الدول النظامية  التى هى احد مكتسبات العصر الحديث تسيطر عليها الافكار الروتينية  والتقليدية فى المواجهة  , لذلك لابد من تطوير استراتيجيات مواجهة الإرهاب والتطرف بمزيد من الأفكار خارج الصندوق وبمساندة كل القوى  الإبداعية فى المجتمع و يأتى على رأسها مؤسسات المجتمع المدنى بكافة تنويعاته , والمقصود بالمجتمع المدنى هنا هو

” مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التى ينشئها المواطنون لتحقيق مصالح افرادها او لتقديم خدمات للمواطنين او لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة  “

مثل الجمعيات  و النوادي الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب والاتحادات الطلابية وجمعيات رجال الأعمال والنقابات المهنية والنقابات العمالية , والكيانات الدينية كالطرق الصوفية  وهذه المنظمات والمؤسسات جميعا قادرة لو عبئت قواها ومارست أنشطتها فى كل أنحاء المجتمع على القيام بدور فعال فى مواجهة الإرهاب والتطرف.

فالإرهاب هو منتج  لحالة تطرف كان سببها عدم تطوير خطابات دينية او سياسية  تحولت لأفكار متطرفة كان يمكن مواجهتها بأدوات المجتمع المدنى الفكرية والاجتماعية والثقافية والفنية فهذه هى المسئولية  التى تتحملها  النخبة  فى أي دولة وهى قيادة عملية التنوير، وبناء الوعي، خاصة في مرحلة ما بعد الاهتزازات السياسية الكبرى او فى اوقات التحديات الكبرى  . كونها تعد في مقدمة القوى الناعمة لأي دولة، دفاعًا عن مصلحتها الوطنية، في إطار بناء أمنها الوطنيي .

أدوار المجتمع المدنى فى مواجهة الارهاب

تأتى أھمیة مؤسسات المجتمع المدني كونھا وسیطا ً نھضویا ً وتعبویا ً  بین الفرد والمجتمع والمواطن والدولة ، وھي لا تقوم إلا على أساس المواطنة والدیمقراطیة والتعایش ، وھي بدورھا تعزز وترسخ قیم واستحقاقات المواطنة والدیمقراطیة والتعایش لذلك تتعدد ادوار ها ومهامها  فى مواجهة الارهاب بتعددها وتنوعها وانتشارها فى المجتمع كالاتى  :

 – المشاركة فى وضع وتخطيط استراتيجيات وبرامج وخطط  لمواجهة‌ الإرهاب  فى المجالات الفكرية والثقافية والفنية والاجتماعية للتأكید على علاقة الشراكة بین الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، ابتداءً من التخطیط إلى التنفیذ وانتھاءً بالتقییم ، مما یتطلب شكلا ً جدیدا ً من الإدارة العامة تضمن مشاركة ھذه المنظمات في عملیة تطویر السیاسات العامة للدولة، وفي صیاغة التشریعات، وفي صنع القرار ، وتنفیذ استراتیجیات التنمیة ومواجهة الارهاب  .

  رصد وتشخیص مؤشرات الإنذار المبكر فى المجتمع , بحكم انتشار مؤسسات المجتمع المدنى فى كافة انحاء الوطن واحتكاكها اليومى بالمواطنين والاحداث  , وقدرتها على رصد التغييرات التى تعطى مؤاشرات انذار لتنامى الافكار المتطرفة  .

  نشر ثقافة التسامح والاستنارة من خلال أنشطتها المتنوعة فإنها تساهم بشكل حقيقى فى تحصين المواطنين ضد التطرف والاستجابة لمحاولات تجنيدهم للمنظمات الإرهابية .

تشجیع برامج  وانشطة  نشر ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، ونبذ ممارسات الاقصاء والتھمیش ضد أي مجموعة عرقیة أو اجتماعیة, نشر ثقافة إنماء الحس الوطني والوحدة الوطنیة لدى المواطن .

 العمل كشريك لمؤسسات الدولة على النهوض بمستوى معيشة الفئات المهمشة وسكان الاحياء العشوائية ومساعدتهم فى ايجاد المسكن والعمل المنتظم وادماجهم فى المجتمع وتمكينهم من التعرف على القيم الانسانية الرفيعة من خلال العروض السينمائية والمسرحية والندوات فى اماكن اقامتهم وفى مراكز الشباب والاندية ليكونوا على صلة بالثقافة الانسانية والقيم الايجابية من خلال هذه العروض الفنية والندوات الثقافية والاجتماعية   , وهذا لا ينفى مسئولية مؤسسات الدولة فى المقام الاول  عن توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين  .

  لعب دوراستشاري إيجابي لاستبدال برامج مواجهة ‌الإرهاب التي لم تنجح لأي سبب کان .

  تقليل المسافات وردم الهوة وتخفيف الصراعات الموجودة  فى المجتمع بين كافة طوائفه من خلال توفير أجواء مناسبة وآمنة للنقاش والحوار المجتمعى لحل كافة المشكلات وحصار التوتر الطائفى او القبلى او الدينى  .

وفى هذا الشأن يثور السؤال الهام   : هل يجب علی المجتمع المدني والمنظمات  الدخول في حوار مع الأشخاص أو الجماعات المرتطبة والممارسة للعنف والإرهاب؟!

من منطلقات مختلفة ‌ولأسباب متعددة فإن دخول المجتمع المدني والمنظمات في مثل هذا الحوار أسهل بکثير من دخول الحکومات والدول فيه ذلك ان وجود اتجاه انساني هو أمر ضروري ، وفي هذه الحوارات يجب أن يتم التأکيد وبوضوح تام أن الحورا لا يعطي الجماعات التي تمارس العنف أي نوع من الشرعية أوالتبریر ، وهنا لا بد أن تستخدم منظمات المجتمع المدني أسلوب الرسائل المفتوحة والبيانات والخطابات الموجهة ‌إلی الجماعات المسلحة ‌بحيث تحتوي هذه الرسائل إدانة للأساليب الإرهابية‌ وتأکیدا علی الإتجاهات والمسائل الأخلاقية‌ وتطبيقات موازين حقوق الإنسان ، وإن موازين حقوق الإنسان تشمل في أحکامها طرفي المعادلة أي منفذوا الأعمال الإرهابية‌ وضحاياها علی حد سواء.

ومن الجوانب الأخری لنشاطات المجتمع المدني والمنظمات  هو الدور الذي يمکن أن تلعبه هذه المنظمات في التعامل مع وسائل الإعلام وتوجيه الرأي العام إزاء ظاهرة‌ الإرهاب ، فالعلاقة البناءة مع وسائل الإعلام تعد مسألة حياتية بالنسبة للمجتمع المدني والمنظمات الأهلية ، لأنها تحتاج إلی وسائل الإعلام من أجل توفير معلومات تتطابق مع الواقع والتشکيک بالتصورات السلبية وغير المنصفة التي تمتلکها قطاعات من المجتمع ، ومن أجل الترویج للحوار وللمناظرات العامة حول قضايا مثل الأمن العام وحقوق الإنسان داخل المجتمع ، لأن طرح مثل هذه الموضوعات من خلال قنوات تخصصية ومحترفة‌ في المجتمع سيدفع بالجماعات الصغيرة‌ نحو الإلتفات إلی مسألة مواجهة الإرهاب ويذکرهم بمسؤولياتهم في الحيلولة دون إثارة العصبيات والتصورات التقليدية أو المعلومات الخاطئة والناقصة‌، وبالنسبة‌ للمجتمع المدني والمنظمات ‌ نفسها ، من المهم جدا أن تجري دراسات کاملة‌ ودقيقة‌ حول الإرهاب ، والعنف السياسي والظروف التي تنتهي إلی اتساع نطاق الإرهاب ، ويمکن لهذه الدراسات أن تشکل مجموعة ‌قيمة من الأبحاث واستطلاعات الرأي حول تأثير إجراءات مکافحة الإرهاب وتداعياتها وتساؤلات معقدة‌ أخری حول الإرهاب  تساؤلات مثل : ماهى العوامل التي تجعل الأشخاص يدعمون الأفکار والأيدلوجيات الأصولية ‌أو التي تدفع بهم نحو ممارسة ‌العنف ؟

كما یمکن للمجتمع المدني والمنظمات  لعب دور قانوني مهم للغایة فیما یتعلق بالمجالات القانونیة المرتبطة بالإرهاب ومواجهته ، ومنها «تقویة الأطر القانونیة الدولیة والقطریة للأنشطة المتعلقة بمواجهة الإرهاب »خاصة عندما یتم تنفیذ هذه القوانین ویرتبط الأمر بحمایة حقوق الإنسان .

مايحتاجه المجتمع المدنى للقيام بمسئولياته فى مواجهة الارهاب

اعطاء اهمية لمنظمات المجتمع المدني وتعزيز دورها بالشراكة فى مواجهة الارهاب ، يتطلب ان تكون مرجعيتها القانونية تؤمن لها حرية العمل والاستقلالية بعيدا عن الاجراءات البيروقراطية او المقيدة لعملها وهذا لا يعفيها من ان تكون منظمات تخضع للمحاسبة والشفافية, فالشرعیة والحریة والاستقلالیة ھي عناصر اساسیة وھامة لمنظمات المجتمع المدني ، باعتبارھا حقوقا ً طبیعیة ، والمساءلة والمحاسبة والشفافیة باعتبارھا مسؤولیة اساسیة لمنظمات المجتمع المدني ، وھي حق طبیعي للدولة في إطار سیادة القانون  وكذلك لابد من توفير البيئة المناسبة بتفعیل المواد الدستوریة التي تنص أو تؤكد على المساواة للجمیع في الحقوق والواجبات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى