رأيسلايد

الجماعات السلالية وأراضي الجموع: محاولة رصد.

اسرار بريس:أعدها وجمع مادتها، سدي علي ماء العينين ،أكادير ،أبريل ،2021.

في الحلقة الأخيرة من كتاباتي التي ستتوقف بداية من الغد الأربعاء اول ايام رمضان، على أن تستأنف بعد الشهير الفضيل، أردت أن أفي بوعد لأحد متابعي الصفحة الذي إقترح الحديث عن الجماعات السلالية وأراضي الجموع وفق بحث اجريته على المحرك جوجل. 

تعرف الجماعات كقبائل، فخدات قبائل، دواوير أو كل مجموعة سلالية وتتوفر هذه الجماعات على الشخصية المعنوية و تخضع للقانون الخاص ولها إطارها القانوني التشريعي والتنظيمي ،وتعهد الوصاية على الجماعات السلالية إلى السيد وزير الداخلية.

اما الأراضي الجماعية

هي ملكية للجماعات السلالية وتتميز هذه الأراضي بكونها غير قابلة للتقادم،ولا للحجز ولا للبيع (باستثناء الدولة ، الجماعات المحلية، المؤسسات العمومية و الجماعات السلالية التي يمكنها اقتناء هذه الأراضي )، وتقدر المساحة الإجمالية لهذه الأراضي ب15 مليون هكتار تكون الأراضي الرعوية نسبة تفوق 85% تشغل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق وتوظف أهم المساحات المتبقية في النشاط الفلاحي . ويتم توزيع حق الانتفاع من الأراضي الجماعية الفلاحية بين ذوي الحقوق من طرف جمعية المندوبين أو النواب طبقا للأعراف و العادات و تعليمات الوصاية.

ويبلغ عدد الجماعات السلالية ما يناهز 4563 جماعة موزعة على 55 عمالة وإقليم

تشكل أراضي الجموع (أراضي الجماعات السلالية) نظاما عقاريا يرجع إلى حقبة ما قبل الإسلام، إذ أن الأسرة كانت في الأصل صاحبة الملكية ثم انتقل هذا الحق إلى القبيلة التي ينتمي إليها الفرد. وفي فترة الحماية، عمدت السلطات الفرنسية إلى إصدار قوانين تنظم طريقة استغلال هذه الأراضي، الأمر الذي دفع بالمشرع آنذاك إلى تجميع كل النصوص التي تم إصدارها في هذه الحقبة الزمنية في نص واحد وهو ظهير 27 أبريل 1919، الذي يعتبر بمثابة ميثاق للأراضي الجماعية.

وقد عرف هذا الظهير مجموعة من التعديلات كلما فرضت حاجة المعمرين ذلك. وبعد الاستقلال بادرت السلطات المغربية إلى إدخال عدة تعديلات على الظهير المذكور لجعله مسايرا للوضعية الاجتماعية والاقتصادية

سنة كاملة على الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة، والذي دعا من خلاله الملك محمد السادس إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق، على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري. ومنذ ذلك اليوم، بدأت عمالات الأقاليم التي تضم أراض سلالية تعرف توافد آلاف الأشخاص يوميا، من أجل تسجيل أنفسهم في لوائح ذوي الحقوق.  

حوالي 185هكتار امستغلة بشكل غير قانوني، مقابل 120 ألف هكتار تستغل بشكل قانوني، وهناك حوالي مليون و700 ألف هكتار يستغلها ذوو الحقوق، وهذا الصنف هو الذي يريد جلالة الملك إدماجهم وتتشكل منهم طبقة فلاحية وسطى، عن طريق تأطيرهم وتشجيعهم للتمليك ومواكبتهم بالتكوين والتمويل، وهذا ما نشتغل عليه إذا توفرت شروط المواكبة.

 وقد حدد المشرع مدة معينة للاستغلال، قبل التمليك، حتى لا نشجع  المضاربة العقارية والريع وحتى لا نشجع التمليك من أجل التمليك فقط، لأن الهدف الأسمى من عملية التمليك هو خلق الثروة ومناصب الشغل، وخلق دينامية فلاحية بالعالم القروي،

وعرف المغرب بداية الشروع الفعلي في أجرأة الورش الملكي لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، من خلال إصدار ثلاثة قوانين تتعلق بالأراضي السلالية، تمت المصادقة عليها بمجلسي البرلمان، ثم صدرت بالجريدة الرسمية، في انتظار إخراج المراسيم التطبيقية لهذه القوانين.

المستجد الأبرز في ما يخص القوانين الجديدة، وهو تكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق، وكما يعلم الجميع شكل هذا الموضوع نقاشا كبيرا داخل المجتمع، وهناك من استغله لأهداف أخرى،

قانون صدر سنة 1994 وقبله كان قانون صدر منذ سنة 1964، ينص على منع تجزيء العقار إلى مساحة تقل عن خمسة هكتارات، وفي بعض المناطق إلى أقل من 10 هكتارات، وهناك مرسوم يحدد هذه المناطق، لكن لا أحد يعمل بهذا القانون، إذن المشكل يكمن في التطبيق، أما القوانين موجودة.

لحد الآن، حسب المؤشرات المتوفرة فإن الأراضي المعنية بالتمليك تصل إلى مليون و700 ألف هكتار، وهي أراض مستغلة مباشرة من طرف ذوي الحقوق، أتكلم فقط عن الأراضي البورية، لا أتكلم عن الأراضي السقوية التي تبلغ مساحتها 337 ألف هكتار، والتي تستفيد منها حاليا حوالي 120 ألف عائلة بالتمليك، أما الأراضي البورية تستفيد منها حوالي 300 ألف عائلة، ما يعني أن هناك حوالي مليون ونصف المليون مستفيد، لذلك فإن عملية تمليك وتثمين هذه الأراضي ستساهم في خلق فرص للشغل مهمة.

 – يسجل ومن خلال ما تم رصده من قبل الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب أن مئات من السكان الأصليين لا تزال دون الحصول على الأراضي المنتزعة منهم سواء من قبل سلطات الاستعمار الفرنسية والإسبانية، وحولتها الدولة الوطنية بعد انتهاء معاهدة الحماية لملك الدولة العام والخاص، بل إن سياسة الاستيلاء على أراضي القبائل والأفراد مستمرة أحيانا بإعمال تشريعات وضعت ما بين سنة 1912 و 1923، أي في فترة الاستعمار،  وأحيانا بتوظيف قرارات وإجراءات  إدارية متسمة بالشطط والتعسف مما يجبر العديد من السكان إلى الهجرة والتشرد، وهو ما يشكل انتهاكا لمقتضيات العهد ومقتضيات إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الفلاحين وغيرهم من الناس الذين يعملون في المناطق القروية.

وأكدت الدورية، أنه استنادا إلى مقتضيات المادة 20من المرسوم رقم 2.19.973  الصادر بتاريخ 9يناير 2020 بتطبيق القانون  المذكور، ذلك أن عملية تمليك قطع أرضية لفائدة الجماعة السلالية يتم بمبادرة من سلطة الوصاية مع ضرورة الاستجابة لعدة شروط هي أولا، أن يكون طالب التمليك مقيدا في لائحة أعضاء الجماعة السلالية وصادق عليها، ثانيا أن يكون المترشح للتمليك قد استفاد بكيفية قانونية من الانتفاع بحصة جماعية، ويكون مستغلا لها بصفة مستمرة ومباشرة وبالتالي يجب أن يكون مقيما بتراب الجماعة السلالية و مهنته الرئيسية هي ممارسة الفلاحة.

وهذا  يعني حسب الدورية، أنه لا يمكن تحت أي كان أن  يتم تمليك قطعة أرضية جماعية لغير المستغلين المباشرين، خاصة، أن الانتفاع حسب القانون هو انتفاع  شخصي ولا يجوز التنازل عنه لأي كان، ثم  ثالثا يجب أن يلتزم المترشح للتمليك بإنجاز مشروع استثماري فلاحي فوق الأرض التي يستغلها، لأن الهدف من فتح إمكانية التمليك ليس فقط منح الملكية الفردية لأعضاء الجماعات السلالية، لكن أيضا تمكينهم من الاستقرار في هذه الأراضي وتشجيعهم على الاستثمار فيها وتحسين وضعيته ودمجهم في مسلسل التنمية وخلق الثروة في العالم القروي.

وقد تم  توزيع ما مجموعه 100 مليون درهم، استفاد منها ما يزيد عن 38 ألفا من ذوي الحقوق، ينتمون لـ78 جماعة سلالية تتوزع على 19 إقليما، و44 بالمائة منهن نساء.

وتشير معطيات وزارة الداخلية، إلى أن كناش محتويات أملاك الجماعات السلالية قد أحصى لغاية سنة 2018 أن عدد الأملاك السلالية المحفظة نهائيا يبلغ 2289 عقارا، بمساحة إجمالية تتجاوز مليونين و852 ألف هكتار، في ما تبلغ الأملاك المحدد إداريا 382 عقارا بمساحة 670 ألف هكتارا مصادق عليها، و727 عقارا غير مصادق عليها تبلغ مساحتها أزيد من 7 ملايين هكتارا.

وفي ما يتعلق بعدد الأملاك موضوع مطالب التحفيظ في إطار المسطرة العادية 3160 عقارا بمساحة 505 ألف هكتار، و186 عقارا مطالب بتحفيظها في المسطرة الخاصة تبلغ مساحتها 295 ألف هكتارا، في ما تبلغ مساحة العقارات المتعرف عليها والتي يفترض أنها جماعية أزيد من مليون هكتار حسب المصدر ذاته.

يتساءل الكثير من المواطنين القاطنين في المدن وخارج أرض الوطن لأسباب مهنية ولظروف اجتماعية، من ذوي الحقوق، عن مصير انتمائهم للجماعات السلالية بعدما أصدرت وزارة الداخلية المرسوم التنظيمي الجديد رقم 2.19.973 الذي يتضمن شرط الإقامة في الأرض الجماعية، وهو أمر مرفوض، أي السكن والتواجد في عين المكان، قصد الاستفادة أو الانتفاع من أرض القبيلة، الشيء الذي طرح إشكالية كبيرة معقدة بسبب مسألة الإقامة، التي تحرم الآلاف من ذوي الحقوق السلاليين من الانتماء للقبيلة، خاصة وأن غالبية سكان المناطق والقرى التي تتواجد قرب الأراضي الجماعية هاجروا إلى المدينة، لدوافع اجتماعية والبحث عن مصدر رزق لهم.. فماهو مفهوم الإقامة الذي طرحته وزارة الداخلية؟ وكيف سيتم تطبيقه؟ وما مصير الأشخاص السلاليين القاطنين في المدن؟

    تنص المادة الأولى من مرسوم وزارة الداخلية تحت الرقم 2.19.973 والمتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، على ثلاثة شروط للاستفادة من الأراضي الجماعية، أولها الانتساب للجماعة، وبلوغ سن الرشد القانونية، ثم الإقامة بالمنطقة، حيث طرح هذا المرسوم إشكالية كبيرة لدى الرأي العام، ودفع بعض الفعاليات الجمعوية والحقوقية إلى المطالبة بتوضيح مسألة “الإقامة”، وحذفها تفاديا لحصول مشاكل اجتماعية بسبب إقصاء الآلاف من ذوي الحقوق الذين تربطهم جذور تاريخية مع الجماعة السلالية.

فمفهوم الإقامة في القانون الجديد، غامض ويتنافى مع الخطاب الملكي السامي في البرلمان خلال افتتاح الدورة التشريعية في أكتوبر 2018، الذي أنصف فيه الملك ذوي الحقوق من السلاليات والسلاليين، وساوى بين المرأة والرجل في الاستفادة من أراضي الجماعات السلالية، وفسح المجال أمام المواطنين الذين يقطنون في المدن الكبيرة والصغيرة للتسجيل في اللوائح السلالية الخاصة بذوي الحقوق.

لهذا، فقد خلق مفهوم الإقامة جدلا واسعا بين السلاليين وبين النواب وذوي الحقوق والسلطات المحلية، لأن هناك بعض الجهات سوف تستغل هذه المسألة حرفيا وسطحيا، للتشطيب على المسجلين في اللوائح أو إقصاء المستفيدين من الأراضي لأسباب وحسابات شخصية، بينما رفضت غالبية سكان الأراضي السلالية هذا المفهوم، لأنه سيحرم أقرباءهم وأبناءهم العاملين في المدن أو خارج أرض الوطن من الاستفادة من أراضي آبائهم وأجدادهم.

هذا بتفصيل هو واقع الأملاك السلالية، ويبقى المستجد الابرز هو توريث النساء، ومنع التجزيئ و المضاربات، و تمليك الأراضي لمستغليها رغم ما شاب العملية من عيوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى