رأيسلايد

لِي تَعْطَبْ يَطْلَبْ، ومول الجود يجود.” :

اسرار بريس=بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،مارس ،2021

القانون 14.05 لسنة 2006، المنظم للمؤسسات الإجتماعية حدد غرضها في التكفل بجميع الأشخاص، الذين يوجدون في وضعية صعبة أو غير مستقرة أو وضعية احتياج. ويُقصد بطبيعة التكفل المشار إليه الاستقبال والإيواء والإطعام والعلاجات شبه الطبية والتتبع الاجتماعي والتربوي.

ويضيف القانون 14.05 أن المؤسسات التي تحمل تسمية الرعاية الاجتماعية تتمثل في: دار كفالة الأطفال المهملين، دار الأطفال، دار الطالب، دار الطالبة، دار الأشخاص المسنين، مؤسسة رعاية الأشخاص المعاقين وإعادة تربيتهم أو تأهيلهم، المركز الاجتماعي الخاص بمحاربة التشرد والتسول، مؤسسة إعادة إدماج الأشخاص الذين يوجدون في وضعية صعبة.

ومع إنطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،تم تشييد مراكز إجتماعية لمحاربة الأمية و تعليم الحرف والاعمال اليدوية، و المصاحبة الإجتماعية…

ويصل عددها بالمغرب اكثر من 825 بقدرة استيعابية تتجاوز 70الف شخص.

رقم قد يبدو هزيلا لساكنة تتجاوز ثلاثين مليون نسمة، لكن هذا ليس هو موضوعنا اليوم،

اليوم نريد أن نلفت الإنتباه إلى هذه المراكز وما تعانيه من خصاص كبير في العنصر البشري، حيث تعمد الدولة إلى إنشاء بنايات و تجهيزها، لكنها لا تملك تصورا لتسييرها، مما يجعلها تستعين بالجماعات الترابية التي تستعين بدورها لعمال الإنعاش باجرتهم الهزيلة و عقود عمل لا تتوفر فيها أدنى شروط الإنسانية ولا حتى التشريعات الوطنية، أو تسلم لوزارة الشباب التي تديرها بعدد محدود من الموظفين غالبيتهم غير مؤهلين رغم تعدد التكوينات سنويا، أو يتم الإستعانة بجمعيات المجتمع المدني ،وما يخلقه ذلك من صعوبة في التعاقد او توظيف اليد العاملة المؤطرة ، و تداخل في الإختصاصات بين الإدارة التابعة للوزارة و تلك المنتمية للجمعيات.

منشآت تعتمد على المحسنين سواء من الشركات او الأشخاص الذاتيين من المواطنين، و هو وضع لا يضمن استقرارا في المداخيل ،ولا ضبطا لاوجه صرف الإعانات و المساعدات.

منشآت تم تشييدها في غياب تصور لتسييرها، ولا توفر عنصر بشري مكون لتدبيرها، هذا نتجت عنه إختلالات في كل مرة تطفو إلى السطح و تكون مادة إعلامية سرعان ما تنمحي،

وضع اليوم له وجهان :

– وفرة في المؤسسات الإجتماعية وتعدد تصنيفاتها، و تزايد حجم ادوارها والحاجة الملحة لها.

– و ضعف في العنصر البشري، عددا و تكوينا، مع الإستعانة بفئة إجتماعية هشة من عمال الإنعاش الوطني، الذي يبدو أن مكانهم ان يكونوا نزلاء بهذه المراكز و ليس عاملين بها.

وضع يستوجب منا التقييم و المساءلة، خاصة وان شوارعنا تعج باطفال الشوارع، و المسنين و المتسولين و المشردين، فئات مكانها الطبيعي هو هذه المرافق الإجتماعية التي لا تملك القدرة لجلبها إلى المراكز او لمحدودية القدرة الإيوائية لهم.

يمكن أن نسجل أيضا أن هذه المراكز بكل خاصها استطاعت فعلا ان تنتشل العديد من الأطفال و النساء من التشرد و الإدمان ووهبتهم حياة جديدة، لتبرز إشكالية إعادة الإدماج في المجتمع وما يتطلبه من مجهود جماعي ووعي مؤسسات حكومي لضمان انخراطهم في دينامية المجتمع.

إننا أمام خلل كبير يزداد يوما عن يوم، فبقدرما نشيد مؤسسات قليلا ما نفكر في من سيسيرها، وبقدرما نجهز مراكز الإيواء قليلا ما نفكر في مصاحبة النزلاء و توفير مرشدات إجتماعيات للإستماع و العلاج.

وضع ينذر بكارثة عنوانها ان الظواهر الإجتماعية في تزايد بسبب الإختلالات الإجتماعية العديدة التي تفكك المجتمع و روابطه الإجتماعية، وهذه المراكز لم تعد قادرة على مجاراة هذا الزحف الهائل للأطفال المتخلى عنهم، ولا المدمنين، ولا النساء العوازب،ولا المسنين المقطوعين من شجرة او الذين كانوا ضحية تنكر الأبناء لهم.

إن هذا الوضع يستوجب خلق قنوات للدعم الشعبي للمواطنين لهذه المراكز بدل شرعنة التسول الذي ابانت واقعة متسولة اورير ان المغاربة يصدقون، لكنهم لا يعطون الصدقة والزكاة لمن يستحق، بسبب غياب مساطر و قنوات شفافة في تقديم الدعم للمؤسسات الإجتماعية، التي تحول بعضها إلى مراكز للإغتناء من المساعدات على حساب النزلاء بدون وازع ضمير.

لنتعبأ جميعا من أجل وضع خريطة طريق لإنتشال هذه المراكز من الخصاص الذي تعانيه من العنصر البشري، و انتشال المشردين و المتسولين من الشوارع، و تقنين الإحسان العمومي بتبسيط مساطره ولجمها بقوانين شفافة وواضحة.

بلادنا تحتاج لتكافل اجتماعي وتضامن بين مختلف فئات المجتمع حتى نحقق العدالة الإجتماعية والعيش الكريم لكل المواطنين.

فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى