ثقافةسلايد

مجال تثقيفي تربوي:الموسيقى أداة للتفاؤل والتركيز،فلنحسن استعمالها.

اسرار بريس : بقلم الأستاذة لالة خديجة مبروك.

كل إنسان بطبعه ميال باحث عن حياة سعيدة،يملأها السلم والسلام،خالية من الشوائب السلبية،مليئة بكل ما هو إيجابي،بل وحتى السلبيات التي قد تواجهه يبلورها في قالب إيجابي،وهناك عوامل تتداخل فيما بينها لتمدنا بالحياة التي نأملها، ولكي نفوز بهذه الحياة،يجب أن نرى الأشياء بعين التفاؤل،فنستبدل الشر بالخير،والقبيح بالحسن،والحسن بما هو أحسن،هذه السماة التي لا يمكن أن تجتمع إلا في من يرى الوجود جميلا،وكل شئ جميل ينبع من الفن الذي يتجلى في عدة مجالات،كالرسم، والتمثيل،والموسيقى…..

للموسيقى أهمية مميزة سواء في المجتمع،أو في الإرتقاء بالفرد، أو لكونها تساعد في العلاج النفسي وغير ذلك…

وقد أتبثت بعض الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين يدرسون الموسيقى-إضافة إلى تمكنهم من العزف على الآلات الموسيقية-فإنهم يجيدون التعامل مع اللغات بشكل جيد.

إن الموسيقى تقوم برفع معدل هرمون”السيروتونين”في الدماغ،وهو ما يعرف بهرمون السعادة،وبالتالي تخفف من الشعور بالإكتئاب، وتهدئة الأعصاب،والمساعدة على النوم،كما أنها تنشط بعض أجزاء الدماغ،والمختصة بالحركة،الإنتباه،التخطيط والذاكرة،إضافة إلى كل هذا فإنها تستعمل في علاج بعض الأمراض،وهو ما يعرف بالعلاج الموسيقي”la musicothérapie” بحيث أن هذه الطريقة تعمل على استثمار التأثير الموسيقي على الشخص عاطفيا وعقليا، واجتماعيا،من أجل تحسين الحالة العقلية والبدنية له.

تبعا لكل ما سبق ذكره،وللأهمية القصوى للموسيقى ومدى تأثيرها الإيجابي على حياتنا،فلماذا لا نطالب بها كمادة مستقلة في جميع الأسلاك التعليمية”مع الطرق الناجعة لاستعمالها- لنجني من وراء حسن استعمالها عناصر مبدعة متميزة بمشاعرها النبيلة،حتى يتسنى للمهندس أن يتقن بتفنن في إبداع تصاميم هندسية مميزة،والطبيب يتذوق معاني نبل وصدق مهنته وحبه لتأدية رسالته الإنسانية،ولا ننسى المعلم الذي سيبدع ويبتكر في بيداغوجية تدريسه، بل وحتى المواطن الأمي قد تجعل منه الموسيقى عاشقا متيما بحبه لوطنه مخلصا له،محافظا على بيئته وفخورا بهويته وانتمائه.

نعم،تتراءى لنا بصورة واضحة تداخل العقل والعاطفة،إنه السمو بالمشاعر الإنسانية الذي يحقق كل ما هو جميل وإيجابي في هذه الحياة،لذلك نطالب بكل إلحاح على تدريس الموسيقى،لدورها الفعال في الإرتقاء بالفرد من نظرته المتشائمة إلى نظرة التفاؤل لكل ما يحيط به.

والموسيقى عبارة عن نوتات يتم من خلالها تجميع الألحان لأن كلا منها يعبر عن صوت خاص،وعلى إثر هذه النغمات تقرأ القصائد الشعرية،فتصبح أكثر وضوحا،بل وحتى معانيها يسهل فهمها آنذاك مع الطريقة النغماتية التي تلقى بها،لذلك نجد جل الأطفال يميلون إلى اتباع نغمات موسيقية معينة لحفظ الأناشيد أو القصائد الشعرية-سواء باللغة العربية أو الفرنسية-فمهما صعب حفظها فإن الأسلوب الموسيقي النغماتي يبسطها ويقربها إلى الآذان،ثم سرعان ما تترسخ بالذاكرة.

أعود وأقول إن لم تكن للموسيقى فوائد ومنافع لما كان لها تأثير إيجابي على الجنين،بحيث أن الكثير من الباحثين ينصحون الحوامل بالإستماع اليومي للموسيقى لأنها طريقة فعالة لتوفير الراحة والإسترخاء لكل من الأم والجنين.وقد أكد الأطباء ذلك فنصحوا هذه الأم الحامل بالإستماع مع الإستمتاع بالموسيقى ذات الإيقاع البسيط الهادئ،مع التأكيد على تجنب الموسيقى الصاخبة ،لأن الرحم بحد ذاته يعد مكانا صاخبا لإحاطته بأصوات المعدة،وصوت نبضات قلب الأم….

من خلال ما سبق ذكره،يمكننا القول بأن نستخدم الموسيقى لتحقيق أغراض تعليمية عديدة تساعد على إعادة تفعيل الصلات بينها وبين اللغة والذاكرة،ويتجلى ذلك من خلال تجاريبنا حيث وجدنا أن الدروس التي استخدمت فيها الموسيقى كانت أكثر جاذبية للإنتباه، إضافة إلى الجو التعلمي الإيجابي الذي تم خلقه عن طريق التغلب على الروتين اليومي،والخروج عن أسلوب العمل المعتاد.

إذن تظل الموسيقى فنا مميزا،نشاطا قاضيا على الروتين ،إنها محطة إلهام،أسمى من أن تكون أداة للهو والسرور….بل إنها تطهير للنفوس وراحة للقلوب،…

فلتتأمل أيها القارئ،أو المطلع،هذه الحياة،عندما يخيم السكون على مكان تواجدك،لتستمتع بتردد أصداء نوع هادئ من الموسيقى وتترك له العنان..تلك إذن راحتك النفسية،وذاتك التي تبحث عنها،فاستمتع بنغماتها،إنها الحب والحياة ،فلنعشها متفائلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى