Uncategorized

الحالة (4)السارق.. الطيّب !!!

الدكتور إدريس الكريني استاد العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش 
في صيف 2009 دعيت للمشاركة في لقاء علمي بإحدى المدن المغربية، تميز بمشاركة عدد من الباحثين وحضور ومتابعة شباب من المغرب وبلدان عربية أخرى، دام اللقاء أكثر من أسبوع، امتزج فيه الفكر والبحث العلمي، بالتواصل الإنساني. كانت أول محاضرة لدكتور من الأردن يتجاوز الستين من عمره، حول إدارة الأزمات، عندما اعتلى المنصة نوّه في بداية مداخلته بكتاباتي حول الموضوع، مشيرا إلى أنه استفاد منها.. وتابع كلمته.. لكن الورقة المقدّمة عموما كانت ضعيفة ولم تثر الحضور رغم أهمية المحور.. ونفس الأمر سيتكرّر خلال تقديمه لورقته الثانية فيما بعد.
في نهاية المحاضرة، جلسنا معا نتبادل أطراف الحديث حول موضوع إدارة الأزمات، وغيره من المواضيع.. وبعدها توجّهنا نحو مقهى غير بعيد عن مقر الإقامة الذي يحتضن اللقاء العلمي أيضا، كانت فرصة لتبادل الآراء حول البحث العلمي وعدد من قضايا المنطقة.. وهكذا أصبحنا كل مساء نقوم معا بجولة بالمدينة، وغالبا ما كنا نتناول وجبات الطعام بالإقامة معا..
انتهت أشغال اللقاء العلمي، سلّمني الدكتور بطاقة زيارة (Carte Visite) أنيقة، لأعود إلى مراكش، بعد أسابيع التقيت بأحد المشرفين على اللقاء كان منزعجا من المشاركة الضعيفة للباحث الأردني، أخبرني أن هذا الأخير وزّع مجموعة نسخ من كتاب له حول إدارة الأزمات على عدد من الأساتذة المشاركين، استغربت كثيرا لكوني لم أحصل على نسختي، رغم أننا قضينا لحظات جميلة، وكنا لا نتفارق طيلة أيام اللقاء، لكنني تسلمت فيما بعد نسخة من أحد المشاركين لاعتقاده أنني سأستفيد منها بحكم التخصّص.
تصفحّت فهرس الكتاب، أثارني عنوان فصل يتطابق تماما مع عنوان دراسة نشرت لي بإحدى المجلات العربية الصادرة بلبنان حول إدارة الأزمات عام 2003، وكانت دهشتي وصدمتي عندما وجدت “صاحبنا الطيب” قد أقحم الدراسة كاملة بعناوينها الفرعية وهوامشها كفصل كامل ضمن الكتاب، دون إشارة للمصدر.. عرفت حينها لماذا لم أحظ بنسخة من كتابه..
وجهت رسالة إلكترونية إلى “صاحبنا” دون تحية أو سلام، معاتبا ومحتجا على هذا السلوك المقيت، لافتا إياه أنني أسحب كل ما صدر من جانبي تجاهه من تقدير واحترام.. تلقيت بعدها جوابا منه يعترف بالذنب ويقدّم الاعتذار، لتنقطع العلاقة بيننا..
عندما سردت القصة على مسامع أحد الأصدقاء من منظمي اللقاء، أخبرني أنه حين طلب من أحد الشباب الحاضرين تقييم مشاركة “صاحبنا” من ناحية المضمون والمنهجية والتواصل، ردّ عليه: إنه رجل طيب..وكفى!!، ابتسمت وقلت في نفسي: ولكنه “سارق” على كل حال..
ملحوظة:
نبتغي من هذه التدوينات التي لا تشير للأسماء فتح نقاش جاد وهادئ حول أخلاقيات البحث العلمي، وسبل مواجهة ظاهرة السرقات الأدبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى