هكذا أدى المغاربة أول صلاة في “أجواء كورونا” بعد الحجر الصحي
على نحو محتشم، عادت الحياة إلى المساجد التي قررت السلطات الدينية
إعادة فتحها ابتداء من صلاة ظهر اليوم الأربعاء، بعد إغلاقها بسبب جائحة
كورونا منذ 16 مارس الماضي، بينما ما تزال مساجدُ أخرى مغلقة إلى إشعار
آخر.
في حي تبريكت بمدينة سلا، تاهَ عدد من المصلّين وهم يبحثون عن
مسجد مفتوح لأداء صلاة الظهر؛ إذ قصَد بعضهم مسجد “الموحّدين”، لكنهم وجدوا
أنه لم يُرخّص بالصلاة فيه بعد رغم أن بابه كان مفتوsحا.
“ما
كايناش الصلاة فهاد الجامع”، يقول أحد جيران مسجد الموحدين لرجليْن قصداه
لأداء صلاة الظهر، مضيفا: “دبا كاين غير الناس اللي كينقّيوْه هوما اللي
لْداخل، ويلا دخلتو غادين يرجّعوكم”، ما حذا بأحد الرجليْن إلى العودة إلى
بيته، فيما انطلق الثاني يبحث عن مسجد آخر لأداء صلاة الظهر.
يقول
الرجل في حديث لهسبريس إن مسجد “الموحّدين” كان مُدرجا ضمن لائحة المساجد
التي ستُفتح في مدينة سلا، وإن اللائحة وصلتْه عبر تطبيق “واتساب”، فيما
قال مرافقه قبل أن ينصرف: “هادو (يقصد المسؤولين عن الشأن الديني) غير
كيْخربقو”.
أمام
مسجد “رمضان”، بدَت الأجواء مختلفة تماما عمّا جرت عليه العادة أثناء ولوج
المصلين إلى المساجد قبل انتشار جائحة كورونا. على جانبي الباب ثلاثة من
أعوان القوات المساعدة يراقبون الداخلين، وعلى عتبة الباب يقف شاب مكلف
بقياس حرارة المصلين الوافدين.
وظهر من خلال معاينة هسبريس لأجواء
صلاة الظهر اليوم في مسجد “رمضان” بحي تبريكت أن عددا من المصلّين لم
يطّلعوا على الإجراءات التي وضعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ إذ
“حُرم” بعضهم من أداء صلاة الظهر إما بسبب عدم توفره على سجّادة خاصة أو
كيس لوضع حذائه.
“ضروري
تْكون عندك الصلاية أسيدي والميكا فاش دّير صباتك”، يقول أحد أعوان القوات
المساعدة لأحد المصلّين، فاستدار هذا الأخير ولوّح بيده في الهواء بحركة
غاضبا ثم انصرف، وتبعه شاب آخر كان وراءه لم يحمل معه كيس وضع الحذاء.
داخل
المسجد بدَت الأجواء مختلفة تماما. على الزرابي تمّ وضع علامات بلصاق أصفر
يفصل بين كل واحدة وأخرى متر ونصف المتر، وعندما أقيمت الصلاة بعد عشر
دقائق عقب رفع الأذان عوض خمس عشرة دقيقة كما كان معمولا به في السابق، لم
يَسمع المصلون عبارة “سوُّوا صفوفكم يرحكم الله”؛ إجراء التباعد الاجتماعي
ألغى هذه العبارة من “قاموس” الأئمة.
المصلّون
الذين قصدوا مسجد “رمضان” في حي تبريكت بسلا أدّوا صلاةَ ظهر “خفيفة”،
وبعد السلام أعلن الإمام عن صلاة جنازة حرص أن تكون بدورها “خفيفة”،
ومباشرة غادر المصلّون المسجد؛ إذ يُمنع أداء صلاة النوافل بعد صلاة
الفريضة.
وأغلق أعوان القوات المساعدة أبواب المسجد حتى قبل انتهاء
صلاة الظهر، بعد أن امتلأت الأماكن المتوفرة. “لا قال لينا هاداك اللي
لداخل كلشي عامر كنحبسو ومنخليوش تا واحد يدخل، ويلا جاء شي واحد ولقا
الباب مسدود يمكن نخليوه يصلي على برا”، يقول أحد عناصر القوات المساعدة
لهسبريس.
وعلى
الرغم من أن أبواب المساجد بدأت تُفتح تدريجيا ابتداء من اليوم الأربعاء،
إلا أن عددا من المواطنين ما زالوا يعتقدون أن هناك رغبة في “إبعاد
المغاربة عن بيوت الله”، بداعي أن المقاهي والملاعب والشواطئ، وغيرها من
الفضاءات، تم فتحها عن آخرها، فيما لم تُفتح بعد جميع المساجد.
“خايفين
غير من الجّوامع، القهاوي عامرين بالبشر وما خايفينش منهم”، يقول كهل
ستيني جاء إلى مسجد “رمضان” ووجد أبوابه مغلقة بعد انتهاء صلاة الظهر،
مضيفا: “جاء الإسلام غريبا وسيعود غريبا”، كما نطق الحديث.
وتم
تعليق إعلانات على أبواب المساجد المفتوحة تتضمن جملة من الإجراءات التي
ينبغي أن يلتزم بها المصلون، ومنها عدم توجه أي شخص يحس بأعراض فيروس
كورونا إلى المسجد، ومراعاة التباعد في الصف بمتر ونصف متر بين شخص وآخر،
وتجنب التجمع داخل المسجد قبل الصلاة وبعدها.
كما يتضمن الإعلان
دعوة إلى تجنب المصافحة والازدحام، خاصة عن الخروج، ووجوب تعقيم اليدين قبل
الدخول إلى المسجد، لكن هذين الإجراءين لم يُطبّقا كما عاينت هسبريس في
مسجد رمضان بسلا؛ إذ دخل المصلون بدون تعقيم أيدهم لعدم توفر سوائل
التعقيم، كما أن عملية الخروج لم يراعَ فيها شرط تفادي الازدحام. عن هسبريس