ثقافةسلايد

تحرش غير متكافئ

* قهوة الصباح مع الأستاذة:  س ح.
فعلا إنه مشهد مقزز يصيب العين بتوعك صحي يصعب أن يعالجه أمهر الأطباء، إنه مشهد بطلاه ٱختارهما مخرج مبتدئ على ما يبدو، كل شيء كان يسير بروتينه المعهود إلى أن ظهرت أمامي فتاة جميلة أنيقة يبدو أنها تهتم بأدق التفاصيل فألوان ملابسها متناسقة بدقة متناهية، حذاؤها ملمع، حجابها ملفوف بعناية، وجهها مصحح العيوب، من مشيتها المتزنة والمسرعة تخيلت أن نظراتها ستكون حادة إلا أن النظارات الشمسية منعتني من التأكد، تحمل في إحدى يديها حقيبة جلدية واضح أنها غالية الثمن، وفي اليد الأخرى ملفات رفقة شيئ آخر استرعى ٱنتباهي كثيرا كانت رواية للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، إبتسمت فقلما أصادف في هذه البلدة السعيدة فتاة تحمل في يدها كتاب، لكن ٱبتسامتي دمرت بسرعة وتكسرت لآلاف الأجزاء لما أغمضت عيناي وفتحتهما لأجد شابا يتتبع خطاها محاولا اللحاق بها، لا أدري من أين خرج كأن الأرض ٱنشقت وأخرجته، الغبار يملأه من شعره المجعد إلى قدميه العاريتين في عز البرد إلا من حذاء بلاستيكي ومتسختين جدا كأنهما لم تذوقا نعمة الماء منذ خلقتا، وجهه لايُفسَّر ملامحه منفرة، يحمل على ظهره سلة لقطف الليمون ورائحته مزيج من العرق والليمون والتي لا تطاق، نجح في الإقتراب من الفتاة وأطلق وابلا من الكلمات، الواحدة أغبى من الأخرى بدارجته الركيكة المختلطة بالأمازيغية ويحاول جاهدا لفت ٱنتباهها. والله إنه أحد أغرب المشاهد التي رأيتها في حياتي، مشهد كله تناقضات بين مظهر ينبض بالحياة وآخر ينازع آخر لحظاتها، بين عقل عامر مثقف وزنه ثقيل وعقل خاوي ليس فيه سوى الأكل والنوم، وبين عالم وردي جميل وعالم بئيس ومظلم، فعلا التحرش ليس له دين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى