“عداد كورونا” يتصاعد بالبيضاء .. ووضعية الجائحة تنذر بالأسوأ
قبل عشرة أيام تقريبًا، منح وزير الصحة دعماً لوجيستيكياً للعاصمة
الاقتصادية، قصد تطويق البؤر الوبائية المتزايدة، في إطار التدابير
الحكومية الجديدة التي حُددت لها مدة أربعة عشر يوماً، وتدخل حيز التنفيذ
مباشرة في اليوم الموالي لصدور البيان المؤرخ في 6 شتنبر الجاري.
وتنتهي
في الأيام الأربعة المقبلة فترة سريان القرارات المتخذة، دون أن تحقق
الغايات المسطرة لها، إذ مازالت الدار البيضاء، حتى الآن، تنذر بالأسوأ،
بحيث يحافظ “عداد كورونا” على معدل إصابات مرتفع، في ظل “الضعف” الذي يطبع
تنزيل الخطة الصحية المعمول بها.
ودخلت المدينة، بشكل غير رسمي،
مربع الخطر بعد تسجيلها “أرقاما قياسية” في أعداد الإصابات، بالنظر إلى
بروز 773 حالة يوم إصدار البيان الحكومي، ثم ارتفعت الحصيلة من جديد إلى
798 حالة بعد مضيّ ستة أيام على التدابير الجديدة (12 شتنبر)، بينما بلغت
أمس 533 حالة (16 شتنبر).
ومع ذلك، ليس معدل الإصابات هو ما يؤشر
على مدى الخطر الذي تعيشه العاصمة الاقتصادية، فالأخطر، حسب الباحثين في
المجال الصحي، هو الخط التصاعدي لعداد الوفيات الذي يتضخم يوماً بعد آخر،
إذ سجل 10 وفيات الجمعة المنصرم، ليرتفع المعدل يوم الإثنين إلى 14 حالة،
بينما انخفض أمس إلى 8 وفيات.
نتيجة لذلك، يرافق الإرباك العودة
المقررة إلى المقاعد الدراسية والجامعية في القطب المالي للمملكة، فلا شيء
في الأجواء يدعو إلى الاطمئنان إلى التعليم الحضوري، في ظل ظهور إصابات
بفيروس “كورونا” في أوساط الهيئات الإدارية والتربوية، وتسلّل الموت إلى
جامعة الحسن الثاني، بعدما توفي إطاران جامعيان جراء المرض.
إزاء
هذا الواقع، ضاعفت السلطات المحلية مجهوداتها من أجل الحرص على مواقيت
إغلاق المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، غير أن السكان لا يلتزمون بموعد
حظر التنقل الليلي المحدد في الساعة العاشرة ليلاً، إلى جانب عدم ارتداء
الكمامة الواقية من طرف أغلبية المواطنين، في ظل “التساهل” مع الأشخاص
المخالفين للقوانين.
وتجد السلطات المحلية صعوبات كبيرة في السيطرة
على “الغول الاقتصادي”، بالنظر إلى اشتغال شرائح واسعة من المواطنين في مهن
القطاع غير المهيكل، ما يصعب مأمورية العودة إلى الإغلاق الشامل، فضلا عن
اعتماد الحكومة على “المقاربة الكرنفالية” في تفعيل الطوارئ الصحية، من
خلال تدخلات أعوان السلطة التي تركز على تخويف الناس عوض التوعية بمخاطر
الوباء، ما جعل الأسر تتخوف من السلطة بدل الفيروس.
وبالنسبة إلى
المهدي ليمينة، فاعل محلي متتبع لخيوط تدبير الطوارئ الصحية في الدار
البيضاء، فإن “الحكومة غير منسجمة في تنزيل المخططات المركزية، بفعل انعدام
تصور واضح لديها”، مستدركا: “إذا كان الأمر متفهما في بداية الجائحة بسبب
طابعها الفجائي، فإن ذلك لم يعد مقبولا الآن، لأنه مرت أشهر عدة على ظهور
الفيروس، فضلا عن التجارب الغربية في هذا المجال”.
تبعا لذلك، قال
ليمينة، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “السياسات
العمومية لا تستجيب لتطلعات المواطنين في مدينة الدار البيضاء، التي تعد
محورا اقتصاديا لا غنى عنه، ما يستدعي ضرورة أجرأة خطة جهوية في الدار
البيضاء-سطات من شأنها محاصرة واحتواء الفيروس”.
وأبرز محدثنا أن
“السلطات الأمنية والمحلية تحاول تدبير المرحلة، سعيا منها إلى إحلال السلم
الاجتماعي، عبر إغلاق المناطق السكنية التي تشهد ظهور البؤر الوبائية؛ لكن
توقيف الدعم الاجتماعي يحول دون التزام المواطنين بالحجر الصحي، إذ تضطر
الأسر إلى البحث عن لقمة العيش بصفة يومية؛ وهو ما يدفع السلطات إلى تفادي
الاصطدام بالمواطنين”.
وأوضح الفاعل المدني أن “المجالس المنتخبة لا
تحمل أي رؤية لتدبير الجائحة في المدينة، لاسيما ما يرتبط بالعملية
التحسيسية، إذ يجب إقناع المواطنين بأنه ينبغي التعايش مع الفيروس، لكن لا
بد من العمل بالإجراءات الوقائية، حتى يتفادى الجميع تبعات الإغلاق الشامل