اسرار بريس:بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،دجنبر،2020.
ما يمكن أن يتفق معه الكثيرون، ويختلف حوله الكثيرون في نفس الوقت ان فلسطين اليوم ليست فلسطين الماضي، وأن شعب فلسطين اليوم ليس هو شعب الإنتفاضة بالأمس،
وأن قيادة فلسطين اليوم، ليست قيادة” ابو عمار” و ”الشيخ ياسين” رحمة الله عليهما،
كما أن أرض فلسطين ليست هي نفس الأرض منذ تقاتلت ”حماس” مع” فتح” وسالت الدماء الفلسطينية/الفلسطينية، وقُسمت الأرض التي لم تتحرر بعد، إلى أرض ل ” فتح” وأخرى ل ” حماس” في غزة ،
تمد فتح يديها هنا للسلام، و تقصف حماس العدو هناك بالقنابل،
خَفت صوت القضية في اوساط الفلسطينيين عبر ربوع العالم ،توقفت المهرجانات وتراجعت المسيرات التي لا تتحرك الا عقب كل قصف غاشم إسرائيلي على حماس بغزة.
حتى حق العودة خفتَ نبضه، فقد كبرت أجيال بأمريكا و كندا و بعض الدول العربية، وبدا ان عقيدة اليهود الدينية المتشبتة بارض الميعاد، ليست كارتباط بعض الفلسطينيين بوطن سمعوا عنه ولم يعيشوه، وانتسبوا إلى أرض لم يطئوها ( يطؤوها) قط، بنفي اختياري للآباء او بتهجير،
وبقرى فلسطين هناك تحت نير الإحتلال معاناة أهالي و قبائل وعشائر مع ضروريات الحياة، قلة في الماء، و مضايقات الإحتلال للأراضي الفلاحية والمزارع، و انتهاك حرمة المنازل بالمداهمات،
بكل بيت حملة شواهد عليا ذكورا وإناثا تنهشها البطالة، و بكل بيت أم تنتظر عودة إبنها من الأسر في السجون الإسرائيلية،
دولة بلا عُملة، يعيش اقتصادها على المساعدات وتحت رحمة الإحتلال، علاقات دولية و اتفاقيات وزيارات متبادلة، لكن الواقع لا يتغير، مادامت المستوطنات في تزايد ،و انتهاك اراضي الفلسطينيين العزل في تزايد.
مشكلة فلسطين اليوم، أنها وقعت” سلاما ” بإسم كل الفلسطينيين، لكن جزءا من الفلسطينيين يرفضونه و يمارسون التحريض ضده بدعم من دول عربية غارقة في علاقات مع اسرائيل!!!
وإسرائيل تجد ذلك دريعة بعدم الوفاء بإلتزامات” أوسلو” ، وكل قديفة طائشة تأتيها من ” غزة” تُرد بقصف عنيف في حق الأبرياء، بحجة ان القدائف هي خرق لإتفاق” أوسلو” .
من لازال ينظر إلى إسرائيل ككيان وهمي مغتصِب لأرض فلسطين، فهو كمن لازال متشبتا بتاريخ ما قبل الإنتداب البريطاني،
فاليوم أصحاب القضية اعترفوا لإسرائيل بوجودها، والجيران فاوضوها واسترجعوا أراضيهم،
و نضال فلسطين اليوم ليس لطرد إسرائيل، ولكن للعيش بسلام مع اسرائيل.
ومن يزور فلسطين سيدرك ان القدس الشريف هو جوهر القضية والباقي تفاصيل!!!
وبين من يراك فلسطينيًا لأنك” مقدسي’:، وبين من يراك’ ‘أردنيا’ ‘مادمت لست’ ‘مقدسيا’ :، تتوسع فجوة سؤال الهوية الفلسطينية، هوية الإنسان قبل الأرض، وهوية الأرض في ظل الإنقسام وتعدد الولاءات الخارجية، والمصالح الظرفية.
السؤال الصعب ، كيف لكيان استقر بهذه الأرض منذ ثلاثينيات القرن الماضي ان يتحول إلى دولة قوية ليس في التسلح ولا القوة العسكرية فحسب، ولكن في العلوم والأبحاث، في الزراعة و الملاحة وحتى علوم الفضاء؟
هل اليهود اكثر عبقرية، و حبا لكيانهم من فلسطينيين متفوقين في دراستهم، فاعلين بقوة في دول المنفى،؟
الفلسطينيون حالهم معروف بين القهر و الإحتلال والإغتيال واستلاب الأراضي وقمع الحريات….
لكن، كيف لدول الجوار التي سبقت هذا الكيان وحاربته وفاوضته أن تكون بكل هذا التخلف مقارنة مع اسرائيل؟
الأردن التي تعاني من فساد اقتصادها، و لبنان الغارقة في اقلياتها، وسوريا الديكتاتورية الوطنية ،
لماذا هذه الدول لم تتطور ؟
وإذا كانت أمريكا ويهود العالم يدعمون إسرائيل لتنمو وتكبر و تتجبر، بتطوير اقتصادها و البحوث بجامعاتها، و البنية التحتية ،
فلماذا دعم الدول العربية غالبيته لدعم مهرجانات ترديد الشعارات و الحماس و الغناء، و مسيرات المطالبة برحيل الإحتلال.
او أسلحة وقنابل خفيفة تُهرب عبر البحر والانفاق، لا تصلح حتى لرشق معبر فارغ، لكن تستعمل دريعة لمصاصي الدماء من قيادة الجيش الإسرائيلي لقصف الأبرياء في قطاع غزة، لتبدأ بيانات التنديد والإدانة بلا جدوى.
القضية الفلسطينية ليست قضية سلطة وقعت اتفاقا ولم تلتزم به إسرائيل، ولا دعمتها دول العالم،
وليست قضية لاجئين، ربما لا رغبة لكثير من الأبناء والاحفاد منهم في العودة،
وليست قضية فصائل فلسطينية متناحرة حسب قناعات او دعم خارجي،
وليست قضية امم متحدة تراوح قراراتها مكانها، إتجاه الفلسطينيين لكنها غارقة في دعم إسرائيل.
القضية الفلسطينية هي قضية قِبلة البيت الأقصى، وقضية أرض الإسراء والمعراج، وقضية ميلاد المسيح عيسى، وقضية مبعت المسيح الدجال،
هي قضية شعب الكنعانيين الذين ربما ليسوا عربا، وربما ليسوا يهودا أيضا!!!!
وعندما يكون ملك المغرب رئيس لجنة القدس، و يدعم ساكنتها من غير الإسرائيليين بملايين الدولارات سنويا، فهذا له معاني تفوق القضية الفلسطينية!!!!
إنتظرونا في باقي الأجزاء.