اسرار بريس:
بقلم سدي علي ماءالعينين ،،أكادير، يناير، 2021.
فلسطين التي تكلمنا عنها بمرارة في الحلقة الماضية
ونحن نعرض الصراع الفلسطيني /الفلسطيني ،هي في أول الأمر وآخره هي ضحية فصائلها السياسية المتناحرة والتي أصبحت تكن بالولاء لمن يدعمها في حساباتها الداخلية، اكثر منه من يدعمها لنصرة قضيتها، وهي ضحية دول الجوار التي فاوضت الكيان الإسرائيلي من أجل تسوية حدودها، وهي ضحية شعوب عربية تبنت قضية فلسطين بالعاطفة و الحماس، وكثير منها مسكون بمرجعيات بالية اكل عليها الدهر وشرب ولم تعد بالنفع على شعب فلسطين.
أما الفلسطينيون كما عرفتهم عن قرب ودخلت بيوت اكثر من عشرين أسرة منهم، وزرت مؤسساتهم وعاينت حبهم للحياة رغم ضيق العيش و مضايقات الإحتلال،
هم شعب مسالم ومقهور، لم يمنعه الإحتلال من ممارسة حقه في الحياة وهو يزرع حقوله التي لم تنتزع منه بعد لتشييد المستوطنات، وفي كل بيت دخلته شباب حاملي شهادات، و رجال ونساء قمة في الكرم، اهاليهم موزعون بين منفيين وآخرين في سجون الاحتلال، فيما هم يتشبتون بالحياة.
إنهم يعاينون كيف قامت دولة على أرضهم وطورت العلوم، و أنشأت معاهد و مصانع، فيما سلطتهم ينخرها الفساد ،ودول الجوار غارقة في ديكتاتوريات او مليشيات او عصابات فساد،
يدرك الفلسطينيون ان لا حق لهم في ممارسة ديمقراطية جعلت حماس تنشئ دولة وسط دولة، وتزج بمواطنين محاصرين في غياهب القصف الإسرائيلي جراء قدائف ترمي بها حماس على إسرائيل كي تفسد كل خطوة للمفاوضات والسلام وتوجد دريعة لإسرائيل المتعطشة للدم لقتل الأبرياء العزل.
أما وهم التطبيع فليس في حقيقة الأمر سوى وجها من أوجه التعايش مع وضع فرضته تطورات السياسة ،ويدفع ثمنه من يتلاعب بمصير شعب بأكمله.
المغاربة ليسوا تجار قضية، بل هم أصحاب أرض، كيف لا وهم من استقروا بالقدس بعد أن جاء بهم الفاطميون و استقروا هناك ولقوا رعاية من صلاح الدين الأيوبي الذي أنشأ لهم حيا يسكنونه وهو الموجود في مدخل باب المغاربة، وهو بالمناسبة باب المسلمين المغاربة وليس اليهود فقط كما يعتقد الكثيرون.
وكما احب محمود درويش يهودية هي ريتا، فإن فلسطينيين أنفسهم تعايشوا وطبعوا وفاوضوا الكيان الإسرائيلي، بل ومنهم فئة مع الأسف قبلت بالعمالة لإسرائيل، كما كان حال كثير من العملاء الذين اوقعوا أنفسهم في حضن دول استعمرت اوطانهم، والمغرب واحد منهم.
إن الفلسطينيين اليوم لا يخوضون حربا عسكرية او مقاومة كما توهمهم حماس، هم اليوم يعيشون صراعا غير متوازن لتجلس إسرائيل إلى طاولة الحوار لتنفيذ ما اتفق عليه في أوسلو، بعد اعتراف فلسطين بحق إسرائيل العيش في سلام، وحل الدولتين و قيام دولة فلسطين عاصمتها القدس الشرقية، وليس كل القدس.
اكبر جامعة بالقدس الكلية الإبراهيمية تترأسها جزائرية، و جامعة إبن زهر بأكادير تجمعها إتفاقية مع جامعة نبلس بالضفة الغربية، وجمعية الصداقة الفلسطينية الفرنسية يعمل بها صديق إبن ورزازات درس معنا بجامعة ابن زهر، هذه عينات من المبادرات الخلاقة التي يحتاجها الشعب الفلسطيني، و ما المستشفى العسكري المغربي في قلب غزة إلا عينة أخرى من الدعم المغربي للفلسطينيين، رغم بيان حماس العنيف ضد استئناف المغرب علاقاته مع اسرائيل.
دون أن نعيد التذكير بلجنة القدس التي يترأسها ملك المغرب والتي تقدم دعما ماليا بملايين الدولارات للطلبة المقدسيين ولحماية الرموز الدينية بالقدس.
الفلسطينيون واعون كل الوعي بحب المغاربة لهم، ولم اسجل من اي جهة زرتها بفلسطين انها متضايقة من حب الإسرائيليين للمغاربة بحكم التاريخ المشترك والصورة الطيبة التي رسمها اليهود المغاربة في اوساط الإسرائيلين.
المغرب لا يمكن أن يحاسب على علاقات مع اسرائيل هي من صلب مخرجات اتفاقية اسلو، و لم ولن يسجل عنه انه تاجر او قايض بالقضية الفلسطينية، رغم يقينه ان كثيرا من فصائل السياسيين في فلسطين لا تعترف له بالصحراء كارضه التاريخية.
في شهر فبراير المقبل ستكون مرت اربع سنوات على زيارتي لفلسطين وصلاتي في القدس الشريف ،وساصدر كتابا مصورا يوثق لتلك الزيارة التاريخية ويكشف اللثام عن الوجه الحقيقي للشعب الفلسطيني المحب للسلام والمتشبت بحقه في العيش.
الفلسطينيون وقضيتهم العادلة في قلوبنا ،و يقيننا ثابت بأن احسن خدمة نقدمها لهذا الشعب ان نكون في صفه لتنزيل مضامين اتفاقية اسلو كأول خطوة لحل الدولتين واعلان دولة فلسطين.
هذه الدولة التي باعها الجزائريون بالوهم وهم يعلنون استقلالها من طرف واحد في مؤتمر لمنظمة التحرير الفلسطينية بالجزائر منذ ثمانينات القرن الماضي ، مؤتمر كل ما انجزته دولة الجزائر انها دفعت بياسر عرفات ليعانق ويصافح رئيس جمهورية وهمية تعاكس المغرب في حقه في صحرائه.
لذلك فأنا واثق ان إعادة ربط العلاقات مع اسرائيل لا يمكن إلا أن يكون في خدمة عملية السلام لان تاريخ الدولة المغربية مع الشعب الفلسطيني هو تاريخ حافل بالتضحيات ودماء المغاربة التي سالت بالجولان خير شاهد.
فلا تتعجلوا الحكم على المبادرة المغربية، فالعبرة بالخواتيم
فهل تعتبرون؟