اسرار بريس=بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،مارس،2021.
كل من سمحت له الفرصة للذهاب خارج المغرب، و بعيدا عن فرنسا، سيدرك ان اللغة العربية، و الفرنسية لا قيمة لهما في التواصل ،وأن اللغة الإنجليزية تتربع على عرش اللغات في غالبية الدول،
وعبر تاريخ المغرب ومنذ حلول المستعمر الفرنسي إلى بلادنا ،ترسخت قناعة عند ساكنة المغرب مثل باقي المستعمرات الفرنكوفونية ان إمتلاك اللغة الفرنسية يجعل صاحبها في مصاف الطبقة الراقية،
ولا داعي ان نذكر ان حتى الأدوية و روشيتة الطبيب تعطى لأميي هذا البلد مكتوبة بالفرنسية، وواجهات محلاتنا و مراسلات إدارتنا كلها بالفرنسية،
وتبعا لذلك ظلت مناهجنا و برامجنا وقوانيننا فرنسية او يتبع فرنسا في تشريعاتها،
وكلما تعالت أصوات لإعتماد الكلوساكسونية في تدبير أمورنا بإعتماد الإنجليزية ليس كلغة فحسب بل وحتى برامج وتشريعات، كان اللوبي الفرنسي يقف سدا منيعا،
اليوم هناك أمور تتغير، و جيال ينفلت من بين أسوار الفرنسة ليعانق الآفاق التي تفتحها الإنجليزية، كلغة للعلوم، و البرمجة و التكنولوجيا، وحتى تطور الفنون و على رأسها الغناء.
أولادنا لم يعودوا سجيني الفرنسية، و أطلقوا العنان لأنفسهم لتعلم الإنجليزية التي تفتح لهم آفاقا، و تشجعهم للطموح في مغادرة التراب الوطني للدراسة بالخارج، و إتباع شعب بعيدا عن الشعب الكلاسيكية التي توفرها الجامعات المغربية، رغم المجهود المبذول في السنوات الماضية لتعدد الشعب و التخصصات.
ادخل إلى بيتي و ارقب الاولاد وهم يتحدثون فيما بينهم بالإنجليزية التي تعلموها عبر شبكات التواصل الإجتماعي وتتبع سلسلات بنيت فليكس، وكلما ذكرت لهم الفرنسية، تجد ثقافتهم محدودة فيما يتلقونه في المدرسة.
إنه إنقلاب من حرير يقوده هذا الجيل للقطع مع التبعية للفرنسية ضدا عن توجهات الدولة.
حتى المؤسسات التي إنخرطت الدولة في تأسيسها تدرك مع مرور الوقت ان تدريسها بالفرنسية أشبه بمضيعة للوقت و إغلاق الآفاق مقارنة مع التطورات التكنولوجية والبرمجاتية التي لا يمكن ولوجها و التمكن منها إلا عبر الإنجليزية.
رويدا رويدا يصنع هذا الجيل لنفسه مستقبلا بعيدا عن نمطية المسارات الفرنكوفونية التي حكمت البلاد منذ الإستقلال.
و أراهن ان هذا الجيل سينتصر لنفسه بفرض خيارات لغوية عالمية بعيدا عن الفرنسية، ومنها الإنجليزية، و الإسبانية و الألمانية.
وهذا في تقديري يثلج الصدر و يبعث على التفاؤل، طبعا مع إملاك لسان عربي أو امازيغي يعبر عن الإنتماء للوطن كلسان وليس كقواعد و مناهج،
هناك تغيير يتم من حولنا يقوده هذا الجيل، و علينا أن نصاحبه بالتشجيع، و ان ندعمه بتوفير مؤسسات تمكنه من إمتلاك اللغات و العلوم،
ولا يجب أن ننكر ان هذا يحصل الآن ولكن بشكل محتشم وكأننا نخاف من قلق وغضب ” ماما فرنسا”!!
علموا أبناءكم اللغات، ولا تبقوا مسجوني الفرنسية لنفتح لبلادنا آفاقا جديدة.
فهل تعتبرون ؟