اسرار بريس=سدي علي ماء العينين ،أكادير ،ابريل،2021.
لم يعد الحديث عن آثار جائحة كورونا على فئات واسعة من المجتمع موضوعا يحتاج إلى كثير من التوضيح و التشخيص،
ولا احد يجاحد من أن اي حجر صحي محتمل سيقصم ظهر فئات من المجتمع، و الإقتصاد الوطني ،
لكن كلنا يتذكر عندما قام المغاربة بعملية ليلة الهروب الكبرى من أجل قضاء عيد الأضحى عند الأسر، وما نتج عن ذلك من تصعيد صاروخي للإصابات ووصولها إلى مناطق كانت بعيدة عن الجائحة.
اليوم هناك تلويح لإمكانية الإقدام على إعلان حالة طوارئ بحلول شهر رمضان،
بعض المغاربة سامحهم الله يختزلون نظرتهم إلى الحجر في حرمانهم من شعائر صلاة التراويح او الجلوس على المقاهي ليلا للتسامر.
وهذه النظرة تتحامل على الدولة وقراراتها بل وتتطاول على نواياها متهمة إياها بمحاربة الشعائر الدينية.
وليس من المنطق في شيئ ان يتحول نقاش صحة وسلامة المواطنين إلى نقاش حول محاربة الشعائر ،
رغم ذلك ،وسيرا على هذا المنوال، فمؤكد اننا بصدد الحديث عن سنة، وليس فرضا دينيا، كما أن هناك اسرا ولعقود تصلي صلاة التراويح بمنازلها في جوي أسري فيه التلاحم الأسري و الخشوع، كيف لا و رب البيت يصلي بأسرته الصغيرة من زوجة وأبناء وحتى الوالدين،
لكن إسلام اليوم يميل إلى الخروج إلى المساجد و التمتع بأعذب الأصوات وهي ترتل القرآن الكريم.
إن حالة الطوارئ في حالة تنزيلها لا يمكن النظر إليها بنظرة المآمرة او تقليد ماما فرنسا وغيرها من الأفكار المشيطنة لقرارات الدولة،
إننا بكل تأكيد قطعنا أشواطا لكسب رهان مواجهة الوباء ،وهاهو يتطور ويتحول إلى نوع جديد، ولا خيار لنا سوى تغليب مصلحة وصحة المواطن على الأسباب والآثار الإقتصادية ، ونراهن في حالة إقرار حالة الطوارئ ان تكون هناك مصاحبة إجتماعية و بشكل اكثر قوة لا من حيث قيمة الدعم ولا الفئات المستهدفة،
اما غير ذلك، فمن التهور المغامرة بصحة المواطنين من أجل ضمان لقمة عيش العاملين بالمقهى، أو زبنائهم من عشاق السهر و السمر،
وليس من الدين في شيئ، تهديد سلامة المصلين من أجل متعة الإستماع إلى تجويد القرآن الكريم، وكلنا يعرف حجم الإقبال والإزدحام الذي تعرفه المساجد، حتى ان اعتماد نظام التباعد سيجعل المصلين يفترشون الأرض بجنبات المساجد على بعد مسافات طويلة يصعب حصرها.
وإذا قال قائل، لما الإبقاء على الأسواق ومنع المساجد،؟ مقاربة مغلوطة وشعبوية، لأن أصحاب هذا الإدعاء يفهمون ان الأسواق ضرورة تحتمها ضروريات الحاجات اليومية، فيما صلاة التراويح فإسمها يدل على معناها وهو الترويح عن النفس، وهذا امر ممكن في كل مكان بعيدا عن الإختلاط و الإزدحام.
المغاربة أمام إمتحان عسير، يختبرون فيه وعيهم بأن مزيدا من التضحية ولو على حساب الجوع والعطش و العطالة وبعض الشعائر ،اهم بكثير من أن نفتح بلادنا على حالة وبائية تضرب عرض الحائط بكل ما أنجز، و كل الخطوات التي تحققت وفي مقدمتها نجاح عملية التلقيح.
فرجاء ،كونوا كما عهدناكم في بدايات الجائحة متضامنين، صبورين ،محتملين لتبعات قرارات هي إضطرارية ولكن ضرورية لنعبر ببلادنا إلى شاطئ النجاة
فهل تعتبرون؟