اسرار بريس: بقلم سدي علي ماءالعينين اكادير
نزولا عند رغبة بعض القراء الذين راسلوني على الخاص، ورغم قراري التوقف عن الكتابة اليومية خلال هذا الشهر الكريم، فأنني التجاوب مع طلبهم بالكتابة والنشر، لكنني سأكتفي بمناسبة رمضان بنشر حلقتين سبق لي نشرها خلال السنة الماضية واحدة في شهر مارس وأخرى في شهر شتنبر ،واجمعهما في نشر واحد لتقارب وتكامل المقاولين حول الصلاة وعلاقة العبد بخالقه،
اتمنى ان تروق لكم الفكرة، وقراءة ممتعة، في إنتظار تفاعلكم.
– كن أنت كي تربح العالم كله:
بقلم :سدي علي محمد ماءالعينين أكادير،شتنبر،2020.
المكان إن كان له معنى: من أمام مصحة خاصة في لحظة تأمل خاصة.
لا يمكن ان تقنعني الا بالممارسة، أما القول غير المقرون بالفعل فتضليل وتدليس .
كي تكون ماتدعي او تزعم ،لابد أن تعيش الصفاء مع نفسك ومع ربك. وساعتها ستجد الصفاء يتجسد عفويا في علاقاتك مع محيطك .
مؤلم ان تقبل(بضم التاء) على الحياة، او على أمر، او شخص فيدير وجهه عنك ،
لكن كي تعيش تلك الحياة ،و تدبر ذلك الأمر ،وتتعايش مع ذلك الشخص ،عليك أولا ان تضبط إيقاع إقبالك و حجم خطواتك ومعنى كلماتك…
لا تبحث عن معنى نفسك في عيون الناس، بل في نبضات قلبك،
ولا تبحث عن القبول في تصفيقات الناس، بل في رضاك عن نفسك.
…قد تفقد يوم عمل ،لكن اليوم يحسب لك وعليك.
وقد تفقد شخصا ،موتا او خلافا او خصاما او حتى سفرا او انكارا لك ولوجودك، فلا تجاحد بالنسيان ، او إستجداء القرب، لأن ماضيه هو جزء منك، ومستقبله لم يعد لك فيه مكان ،فلا تبحث له عن مكان في مستقبلك.
ان الناس كالصلاة تصليها بخشوع لكنك لا تعرف هل وصلت او قبلت، فلا تصلي بمنطق الحساب والجزاء،
وكذلك الناس، تعاملهم ولا تدري اهم مدركون ومقدرون لعملك وتعاملك ام لا، فلا تعامل الناس بمنطق الربح والخسارة كما الحال في التجارة.
لذلك بينك وبين الله خالقك ،لا تحسبها بمعادلة العرض والطلب،و لا بالعمل واجرة العمل،
احتسبها بمعامل الرضى عن النفس و حب ما انت فيه وما انت مقبل عليه:
– المسجد والكنيسة والدير والمعبد مجرد فضاءات لتصريف تعبدك وخشوعك،
– العمل والأسرة والشارع وكل المؤسسات هي مجرد فضاءات للمعاملات ولتصريف كنه شخصيتك وقناعاتك،
فلا تهتم بالفضاءات، ولا تهتم بالكائنات، اهتم بروحك في صفاءها، وبربك في تجلياته،وبنفسك في تقلباتها،
قد تسقط في عيون الناس وانت لازلت واقفا، لكنك حين تسقط فعلا ،فأنت اول من ستسقط في عيونه!
فإحذر أن تسقط في عيونك ،لأنك ستفقد الرضى عن نفسك، ولن يجديك رضى الناس عنك.
انت خليقة الله لم تخلق لترضي خلائق الله ولكن لترضى عن نفسك حين تحس برضى الله.
تعلم الجلوس على الصخور قبالة البحر او في الوديان، و سترى حجم قوة الصخور التي تنحتها أمواج البحار من الأزل، وقوة حجر الوديان مهما تلاعبت به سيول الوديان كلما زادته لمعانا وبريقا من مكان الى مكان.
فهل تعتبرون؟
– الله يرانا،
بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير مارس2020
لماذا ننتظر ذائما من الخالق العطاء،ونقابله بالجفاء؟
ألأنه لا يتضرر ولا ينتفع بطاعتنا له نتغافل عنها؟
ولما نصر ان عطاءه شيء بديهي؟
أليس الله كرب المعمل ومدير الشركة والمدرس في الفصل ،تنتظر منهم الزيادة في الأجور او احسن النقط في الفصول،ومن أجل ذلك تبدل أكبر المجهود،وتنافس اقرانك في الفصل والعمل لتحتل الرتب الأولى وترتقي مهنيا ،وكل غايتك ان ترضي مرؤوسيك حتى تكون لك عندهم حضوة وتنال من عطاياهم في الترقية وتقلد المهام ،وفي التنقيط والحصول على الشواهد،
ماذا لو انك تعاملت مع الله بنفس المنطق تعطيه ليعطيك،تهتم بأمور دينك كي يغنيك في دنياك واخرتك،
ثماني ساعات من العمل تقابلها ثمان صلوات باحتساب الفجر والشفع والوتر والصلوات الخمس!
وكما تقدم في المدرسة والعمل شواهد طبية للغياب ،فإن الله يقبل منك في مرضك وحتى في سفرك كل تخلف عن موعد صلاتك ،فيمنحك التسهيلات في الصلاة والضوء، ويكون أكرم من مرؤوسيك فلا يجبرك على المسجد كما تجبر على المدرسة ومقر العمل،
في الحياة الأمور المعنوية هي التي تصنع الفارق ،فاولادك ليسوا بالضرورة أجمل الاولاد،وزوجتك ليست بكل تأكيد فاتنة الفاتنات،لكنك اذا نظرت بروحك ،لا بظاهر الجمال ستجد نفسك تحب من من صلبك لمجرد انه منك،وتحب زوجتك لأنها هي من أنجبت من من صلبك،
فكيف لك ان لا تعامل ربك بنفس النظرة،فربك هو خالقك،ورازقك، فهو لا يقارن مع الآه اخر،فتلك أمور انتهت منذ قديم الازل،
اليوم الكل يقر بالاه واحد .وتلك بديهية لا يجادلها الا مجاحد، لكن كيف تتصور نفسك أقل ارتباطا بربك ممن يرتبط بغيره من أصنام وابقار، وشمس وقمر؟
انت الآن لم يعد مطلوبا منك أن تجتهد في اكتشاف الله،ولكنك مطالب ان تخرج ما دفنته أمور الدنيا من محبة في قلبك لله،
اجدد لك في كل خواطري نفس المنطلق:
لا تعر اهتماما لثنائية الجزاء والعقاب
ولا للحلال والحرام
فقط انت مطالب ان تخرج ما دفنته في دواخلك
يقولون لك رتل القرآن، واقم الليل في تلاوته،
وأنا أقول أن جزاء ذلك ثابت لكنه لاينفعك في روحك
لتنتفع بالقرآن الكريم وتنفع به غيره عليك ان تتدبره
ان تدبر أية او سورة من القرآن قد تغنيك عن مائة سلكة تخرجها عددا و لا تتدبرها معنا ،
القرآن لا يمكن ان يكون نور قلوبنا ان نحن تعاملنا معه بعدد مرات تلاوته،و عدد احزابه وسوره التي حفظناها،
القران كالدرس في الفصل علينا ان نتبينه ونفهمه.، ونختبر انفسنا بمعانيه في حياتنا اليومية كي يجد طريقه إلى قلوبنا وكي يكون نبراس عقولنا ونظرتنا للحياة
والقرآن كدليل في عملك،كلما اتقنت تنزيله على أرض الواقع رضي عنك المتعاملون معك من مرؤوسين وزبناء،
وكذلك القرآن كلما تدبرته سهلت عليك الحياة لأنه سيكون دليلك إلى محبة الله ومحبة المخلوقات كافة
الله يطلب منك ان تحبه،وحتى لا تتيه بحتا عن محبته مدك بدليل ومرشد في طريقك إلى محبته وهو القرآن الكريم
تدبر منه أية واحدة وإن هي قادتك إلى محبة الله ،فستجد كل الآيات والسور والاحزاب في متناول فؤادك لان اية واحدة ان هي غدت روحك فانها ستفتح لك ابواب النجاح والفلاح
يتفننون في تجويده، و غيرك يعجبه صوت فلان وتشده قراءة فلان،وتجده يقتني أشرطة المقرئ فلان و يستمع إليها في سيارته ،ويطلقها بالتلفاز صباح الجمعة،
كل تلك المظاهر المجتمعية دعك منها ،فمنها الرياء ومنها التباهي،
انا أدعوك ان تتبين لا ان تظهر للناس إيمانك،
انا لا أدعوك للتباهي، انا ادعوك للتماهي في محبة الله،
اقرأه بصوتك متهجيا ناطقا بالحروف بصعوبة،متعلما كنت او اميا،فهو احلى وأعظم وابرك واجمل من ان يرتله غيرك فيثيرك ويستهويك بصوته أكثر مما تستهويك المعاني والعبر.
لذلك فإن مايخرج من حلقك من كلمات كتاب الله هي الخطوة الأولى لتدبره،
و يوم تعلم ان الله ينصفك أكثر من المدرس ورب المعمل وكل مرؤوسيك، فإنك بكل تأكيد قد وضعت خطوتك الأولى في ترسيخ محبة الله في قلبك.
فهل تعتبرون؟