بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،نونبر ،2021.
في رحاب الكلية كل اليساريين يحيلونك في نقاشاتهم إلى كتاب رأس المال لكارلماركس، ولكن قليل منهم من تصفحه ان قرأه،
وفي نقاشات في المجالس يتبجح الكثيرون بالدفاع عن صحيح البخاري و آخرون ينتقدونه، وقليل من كليهما إطلع عليه أو قرأ مضامينه،
هكذا هو حال كثير من الناس يتباهون بدعمهم أو إحتضانهم لقضايا وما يرتبط بها من مصادر ومراجع دون أن يطلعوا عليها،
في المغرب وعشية إعلان بلادنا لمقترح الحكم الذاتي ،سارعت جهات لتأسيس جمعيات و تنظيم تظاهرات مدعمة لهذه المبادرة ،نشرت مضامين المشروع على نطاق واسع ،لكن مع الأسف كلما جالست مواطنين من مختلف الفئات تجدهم قلة من يمسكون ببعض عناصره، آخرون يهللون به غير مكلفين أنفسهم عناء الإطلاع على مضامينه،
في هذا المقال سنقربكم من بعض مضامين هذا المشروع ومراحل تنزيله، آملين ان يتم الإطلاع عليه واخد فكرة عنه،
وقبل الخوض في مضامين هذا المشروع نقف بداية عند مسطرة التنزيل،
يكون نظام الحكم الذاتي للجهة موضوع تفاوض، ويطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة ديمقراطية. ويعد هذا الاستفتاء، طبقا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بمثابة ممارسة حرة من لدن هؤلاء السكان، لحقهم في تقرير المصير
المتأمل في هذه الفقرة ستتبادر إلى ذهنه عدة أسئلة :
– إذا كان القبول بالحكم الذاتي سيعرض على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، فما هي ضمانات الشروع في هذه الخطوة في الوقت الذي. عرف فيه مشروع الإستفتاء الذي طرحه المغرب في 1981 عدة عراقيل في تحديد هوية المصوتين بسبب تعنث البوليزاريو ،
فكيف سيتم تجاوز عائق الإتفاق على الهيئة الناخبة على مشروع الحكم الذاتي؟
الجزائر و صنيعتها البوليزاريو يدركون ان القانون المنظم للإستشارات الشعبية على مستوى الأمم المتحدة يقر بأحقية كل من ولد فوق الأراضي موضوع الإستفتاء يحق لهم التصويت،
فهل عسكر الجزائر وربيبتهم البوليساريو سيقبلون بأن يصوت أبناء مغاربة الداخل الذين استقر آبائهم بالصحراء منذ نشوب النزاع وولدوا فيها؟
وعلى المستوى الوطني، فإن القبول بالحكم الذاتي كحل للنزاع هو خطوة نحو تغيير بنية نظام الحكم المبني على الجهوية والجهوية المتقدمة ،وذلك بإدخال نظام الحكم الذاتي في بنية الدولة العلوية ،وهو ما يستوجب تعديلا في بنود الدستور كما توضح ذلك فقرة في المشروع التي تنص في مادتها :
– 29 . كما تتم مراجعة الدستور المغربي وإدراج نظام الحكم الذاتي فيه، ضمانا لاستقرار هذا النظام وإحلاله المكانة الخاصة اللائقة به داخل المنظومة القانونية للمملكة
إن المدارس لنظام المخزن الذي حكم المغرب عبر قرون سيدرك حجم هذه الخطوة التي يمكن إعتبارها جريئة في المس ببنيان دولة عريقة استطاعت عبر العصور فك نزاعاتها الداخلية دون المس بنظامها العام.
أما مضامين الحكم الذاتي فهي لا تختلف كثيرا عن مثيله في باقي دول العالم، فالمغرب يطرحه مشروعه بالإعتماد على التجارب العالمية التي أعطت لطرحه المصداقية،
ومــن هــذا المنطلــق، ســيتولى ســكان الــصحراء، وبــشكل ديمقراطــي، تــدبير شــؤونهم
بأنفسهم مـــن خــلال هيئـــات تـشريعية وتنفيذيـــة وقـضائيــة، تتمتـع باختـصاصــات حـصرية .
كما ستوفر لهم المـوارد الماليـة الـضرورية لتنميـة الجهـة في كافـة المجالات ، والإسـهام الفعـال في
الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
تحتفظ الدولة باختصاصات حصرية، خاصة منها ما يلي: مقومات السيادة، لاسيما العلم والنشيد الوطني والعملة ؛ المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أمير المؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية؛ الأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية ؛ العلاقات الخارجية ؛ النظام القضائي للمملكة.
تمثل ساكنة جهة الحكم الذاتي للصحراء في البرلمان وبباقي المؤسسات الوطنية. وتشارك في كافة الانتخابات الوطنية.
. يتكون برلمان الحكم الذاتي للصحراء من أعضاء منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية، وكذا من أعضاء منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف مجموع سكان الجهة. كما يتعين أن تتضمن تشكيلة برلمان جهة الحكم الذاتي للصحراء نسبة ملائمة من النساء.
وعندما يتم الحديث هنا عن مجموع سكان الجهة ،فهذا طرح ينبني على فهم دقيق للمجال الذي لم يعد حكرا على القبائل أو الصحراويين ،بل هو مفتوح – كما هو الحال اليوم في انتخاب المجالس الجماعية والجهوية – في وجه كل الساكنة،
لذلك ميز المشروع بين تمثيلية القبائل و تمثيلية مجموع الساكنة.
– يمارس السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي للصحراء رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي وينصبه الملك. رئيس الحكومة هو ممثل الدولة في الجهة.
– يتولى رئيس حكومة جهة الحكم الذاتي للصحراء تشكيل حكومة الجهة، ويعين الموظفين الإداريين الضروريين لمزاولة الاختصاصات الموكولة إليه، بموجب نظام الحكم الذاتي. ويكون رئيس حكومة الجهة مسؤولا أمام برلمان الجهة.
هنا أيضا سنكون أمام ثورة في نظام الوظيفة العمومية ،حيث ان المؤسسات الحالية القائمة بالصحراء و التابعة لمؤسسات الدولة إما ان يتم نقلها إلى خارج منطقة الحكم الذاتي ،أو يتم ادماجها في الهيكل الجديد ،مما يجعلها تابعة للحكومة المحلية، مما سيطرح الوضع الإداري للموظفين،
موضوع آخر كيفية إذماج ساكنة المخيمات في وطنهم الأم، خاصة ما يتعلق منهم بالقادة والجيش ومن ارتكبوا جرائم في حق المغاربة،
وكما كان الحال مع العائدين من القيادات المؤسسة التي استفادت من “إن الوطن غفور رحيم”، فإن مشروع الحكم الذاتي يقر في الفقرة30 و 31 منه:
– 30 . تتخذ المملكة المغربية كافة الإجراءات اللازمة من أجل إدماج الأشخاص الذين تتم عودتهم إلى الوطن إدماجا تاما في حظيرته، وذلك في ظل ظروف تكفل الحفاظ على كرامتهم وسلامتهم وحماية ممتلكاتهم.
– 31 . ولهذه الغاية، تصدر المملكة بالخصوص عفوا شاملا يستبعد أي متابعة أو توقيف، أو اعتقال أو حبس، أو أي شكل من أشكال الترهيب، ينبني على وقائع مشمولة بهذا العفو.
إشكال آخر يطرحه المشروع بدقة و بحس استباقي، ويتعلق الأمر بعودة ساكنة المخيمات المتواجدين فوق الأراضي الجزائرية، :
– 32 . بعد موافقة الأطراف على مشروع نظام الحكم الذاتي، يساهم مجلس انتقالي مكون من ممثلي الأطراف، في تدبير عودة سكان المخيمات إلى الوطن، ونزع السلاح والتسريح، وإعادة إدماج العناصر المسلحة التي توجد خارج تراب الجهة، وكذا في أي مسعى يهدف إلى إقرار هذا النظام وتطبيقه، بما في ذلك العمليات الانتخابية.
تلكم أبرز مضامين مشروع الحكم الذاتي الذي نال القبول من طرف كبريات دول العالم، و قبلت به عمليا ساكنة الصحراء، و الذي يعكس مبادئ تقرير المصير كما هي متعارف عليها دوليا،
كلنا مع الحكم الذاتي، لكن إذا لم تعرفوا مضامينه فكيف لكم ان تترافعوا لصالح قضيتنا الوطنية العادلة،
فهل تعتبرون ؟