تارودانت…فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بتارودانت يخلد الذكرى 67 للاعياد الثلاثة المجيدة ،
عبدالله المكي السباعي
وفاء لعهد متجدد وعملا بما تقتضيه المسؤولية المدنية والأخلاقية والمهنية والوطنية في سبيل تخليد الذكرى من أجل الذكرى ، وكعادته في التفاعل مع المناسبات الوطنية كلما اقتربت وحل موعدها واحتفاء بما يليق بمقامها، انكب فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بتارودانت التاريخية على الإعداد الجيد لتنظيم نشاطها بفضاءها المتواجد بالحي المحمدي لاسطاح المدينة…
هذا الحفل الذي عرف حضور الكاتب العام لعمالة إقليم تارودانت ، ورئيس مجلس الإقليم السيد محمد العباس ،ونائب رئيس المجلس البلدي محمد امهارسي ، ورئيس الشؤون الداخلية بالعمالة ورئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت رفقة مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،ورؤساء المصالح الخارجية…..
وتخليدا للذكرى 67للاعياد الثلاثة المجيدة ، عرف فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بتارودانت نشاطا وبرنامجا حافلا صباح اليوم الجمعة 18نونبر 2022 وكان على الشكل التالي=
1-تحية العلم
2- كلمة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالمناسبة..
3-كلمة الولاء والإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس نصره الله
4-جولة تشمل أروقة فضاء الذاكرة للمقاومة والتحرير بتارودانت…
وجاءت كلمة أحمد الخطابي مدير فضاء المقاومة بتارودانت بمناسبة الذكرى 67 للأعياده الثّلاثة المجيدة كالاتي=
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
– السّيد الكاتب العام لعمالة إقليم تارودانت؛
-السّيد رئيس المجلس الإقليمي؛
-السّيد نائب رئيس المجلس الجماعي؛
-السّادة رجال السلطةالمحلية…
-السّيدات والسّادة المنتخبون، أعضاء المجالس المنتخبة؛
-السّادة رجال السّلطات القضائية والإدارية والأمنية والعسّكرية والسّادة رؤساء المصالح اللاممركزة؛
-السّيدات والسّادة المنتمون لأسرة المقاومة وجيش التحرير؛
-السّيدات والسّادة ممثلو الهيئات السّياسية والمنظمات النقابية والحقوقية ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي ومبعوثو وسائل الإعلام والاتصال؛
-الحضور الكريم؛
يخلدُ الشَّعبُ المغربي وفي طليعته نساءُ ورجالُ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من 16 إلى 18 نونبر 2022 الذّكرى 67 للأعياد الثّلاثة المجيدة، عيد العودة وعيد الانبعاث وعيد الاستقلال في أجواء طافحة بمشاعرِ الفخرِ والاعتزازِ مفعمة بأريج الوطنية الصَّادقة وعَبِير المُواطنة الإيجابية.
وتعتبرُ ذكرى الأيام الثّلاثة المجيدة مَنارة وضّاءة ومحطةً وازنةً في سجل تاريخنَا التَّليد المعطرِ بالمكارمِ والأمجادِ الّتي صنعها الشُّعب المغربي بقيادة العرش العلوي المنيف في التحام وثيقٍ وترابطٍ متينٍ دفاعاً عن المقدساتِ الدّينية والثَّوابت الوطنية. وهي مناسبةٌ وطنيةٌ مجيدةٌ تُؤرِخُ للعودة المظفرة لبطل التّحرير والاستقلال جلالةُ المغفور له محمد الخامس طيّب اللهُ ثراهُ رفقة وارث سره وشريكه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثّاني رحمهُ الله والأسرة الملكية الشّريفة من المَنفى السّحيق إلى أرض الوطن وإعلان بُشرى انتهاء عهد الحجر والحماية وإشراقة شمس الْحرية والاستقلال.
فكما هو معلوم، منذ فرض معاهدة الحماية على المغرب في 30 مارس 1912م، دخلت بلادنا في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات متعدد الأشكال والصّيغ من أجل الحرية والاستقلال. وخاض المغاربة معارك ذاع صيتُها ووصل مداها إلى أصقاع وجهات الأرض الأربعة، وشهدتها وعاشتها كافة جهات وأرجاء الوطن، ففي شمال البلاد، برزت مقاومة المجاهد الشّريف محمد امزيان إلى غاية سنة 1912، ومقاومة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي قائد معركة أنوال بالريف سنة 1921م، وأما بالجنوب وبالأطلس الصغير، فظهرت حركة المجاهد أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين من سنة 1910م إلى غاية وفاته مسموما سنة 1919م ثم أخيه مربيه ربه الذي واصل الكفاح المستميت إلى سنة 1934م، و بالأطلس المتوسط تجلت مقاومة المجاهد الشهيد موحى اوحمو الزياني قائد معركة الهري سنة 1914م، ومن رحم جبال الأطلس الكبير خرجت مقاومات لعل أبرزها مقاومة المجاهد عسو با سلام، قائد معركة بوغافر بتنغير وزايد اوسكونتي وعلي اوطرمون أبطال معارك جبل بادو بالرشيدية سنة 1933م، إلى غير ذلك من المحطات النّضالية والّتي لقَّن فيها المجاهدون للغزاة دروساً بليغة في الوطنية والنضال والصمود.
وفي مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، ظهرت الإرهاصاتُ الأولى للنضال السِّياسي الَّذي برزت تباشيرهُ بالمدن قبل اتساعها لتعمَّ القرى والمداشرَ بفضل حملاتِ التحسيسِ والتنويرِ ونشرِ الوعي الوطني وإلهاب الحماس الشّعبي في صفوف الشّباب وفي أوساط المُجتمع المغربي بشتَّى مشاربِهِ وأطيافِهِ لإذكاءِ الهممِ والعزائمِ لمواصلة النّضال الوطني.
ومن مظاهر هذا المسار الجديد الّذي اتخذتهُ القضية الوطنية، المبادرة التّاريخية الرائدة لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال لقادة الحركة الوطنية في 11 يناير 1944م بتنسيق تام مع بطل التّحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس، هذا الحدث التّاريخي الّذي قضّ مضاجع الإقامة العامة وبعثر مخططاتها، فسارعت إلى اعتقال رموز الحركة الوطنية والتنكيل بالمؤيدين والدّاعمين للوثيقة التّاريخية وإيداعهم في السُّجون أو إبعادهم إلى المنافي.
ولفك الحصار الّذي ضربتهُ الإقامة العامة الفرنسية بالمغرب على العاهل المغربي ورجالات الحركة الوطنية والدّاعمين لها ورفع التَّحدي، عزمَ جلالتهُ على القيام برحلة تاريخية إلى مدينة طنجة في ظل نظام الحكم الدولي في 09 أبريل 1947م، وفيها ألقى خطابه التّاريخي من حدائق المندوبية، معلنا صرخته المدوية الدّاعية إلى تحقيق الاستقلال والوحدة التّرابية ومؤكدا انتماء بلادنا إلى العالم العربي والإسلامي.
واحتدم الصراع بين القصر والإقامة العامة الّتي لم تجد من خيار سوى الإقدام على نفي جلالة الملك محمد الخامس رضوان الله عليه رفقة الأسرة الملكية يوم 20 غشت 1953م إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر متوهمة بأنها بذلك ستقضي على جذوة الكفاح الوطني وروح المقاومة، حيثُ آثر أكرم اللهُ مثواهُ أهوال الإبعاد وشدائد المنفى على التّنازل عن العرش وقال جلالته مخاطبا أساطنة الاستعمار: ”إني ملك المغرب الشّرعي ولن أخون الأمانة الّتي ائتمنني عليها شعبي الوفي المخلص، إن فرنسا قوية فلتفعل ما تشاء” وأضاف جلالته قائلا: ”ما من شيء من أفعالي وأقوالي يبررُ أن أتخلى عن أمانة اضطلع بأعبائها بصفة مشروعة، وإذا كانت الحكومةُ الفرنسيةُ تعتبرُ أن الدّفاع عن الحرية والشّعب يعاقب عليها، فإني أعتبرها فضيلة يفاخر بها وتورثُ صاحبها المجد”.
لقد كانت سلطات الإقامة العامَّة تتوهمُ أنّها بإحكام قبضتها على البلاد، ستتمكن من إخماد شعلة الحركة الوطنية وجذوة المقاومة المسلحة وحمل المغاربة على الرضوخ والاستكانة، بإبعادها للملك الشَّرعي إلى المنفى السّحيق. غير أن خبر المُؤامرة المُشينة ضد رمز الأُمة وأُسرته الشّريفة، كان له مفعول النّار في الهشيم إذ اكتسحت المظاهرات والاحتجاجات الصّاخبة والانتفاضات العارمة جميع أرجاء الوطن، حيثُ أعلنت الجماهير الشّعبية عبر التّراب الوطني عن تنديدها واستنكارها لهذا الفعل الإجرامي، واندلعت ثورة الملك والشَّعب المجيدة الّتي جسّدت أروع صور الالتحام الوثيق والوفاء المتبادل والانصهار الشّامل بين القمة والقاعدة، وعكست أسمى مظاهر التّضحية والفداء دفاعاً عن حمى الوطن وحياضهِ وصيانةَ مقدساتِ الأمّة وثوابتها.
وانطلقت العملياتُ الفدائية ضد رموز الاستعمار ومصالحه وأعوانه، مثل: العملية الاستشهادية الجريئة للشَّهيد علال بن عبد الله يوم 11 شتنبر 1953م ضد صنيعة الاستعمار محمد ابن عرفة، إلى العمليات البطولية الفدائية للشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في الخلايا الفدائية بالدار البيضاء، وغيرها من أعمال المقاومة والفداء الّتي عمَّت سائر المُدن والحواضر المغربية، ثم انطلاق عمليات جيش التّحرير بشمال المملكة ليلة فاتح وثاني أكتوبر 1955م.
وهكذا دفعت الضّربات المتوالية لأبطال المقاومة السّرية والتّنظيمات الفدائية وانتصارات أبطال جيش التّحرير السّلطات الاستعمارية للدخول في مفاوضات مع المغرب تكللت بحصول البلاد على استقلالها وعودة بطل التّحرير والاستقلال إلى أرض الوطن مظفرا منصورا داعيا إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر.
الحضور الكريم،
نخلد اليوم الذكرى المجيدة للأيام الثلاثة الغراء في سنتها 67 في أجواء من التعبئة الوطنية الشاملة والتجند التام والمستمر تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي لا يألوا جهدا ولا يدخر وسعا للارتقاء بشعبه نحو مدارج التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والبناء الديمقراطي وتثبيت المكاسب الوطنية وصيانة الوحدة الترابية وفتح الأوراش الكبرى لتأهيل البلاد لكسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة.
وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تستحضر أفضال وأمجاد هذه الذكرى الخالدة الطافحة بالمعاني والقيم والمثل العليا لتغتنمها مناسبة سانحة لتأكيد وتجديد موقفها الثابت والمبدئي من قضية وحدتنا الترابية المقدسة غير القابلة للتنازل أو المساومة.
والمناسبة سانحة اللحظة لتؤكد وتجدد أسرة المقاومة وجيش التحرير وقوفها الثابت والموصول وتعبئتها الدائمة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من اجل الترافع على قضيتنا الوطنية، قضية الوحدة الترابية وتثبيت المكاسب الوطنية وقد أولاها الخطاب السامي لجلالته ما هي جديرة به من مكانة وأولوية بقوله في ذكرى المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 2022:
“يأتي تخليد الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، في مرحلة حاسمة، في مسار ترسيخ مغربية الصحراء.
وإذا كانت هذه الملحمة الخالدة، قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة التي نقودها، تهدف إلى تكريم المواطن المغربي، خاصة في هذه المناطق العزيزة علينا.
ومن هنا، فإن توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة”.
ويضيف جلالته:
لقد شكلت الصحراء المغربية، عبر التاريخ، صلة وصل إنسانية وروحية وحضارية واقتصادية، بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وإننا نسعى، من خلال العمل التنموي الذي نقوم به، إلى ترسيخ هذا الدور التاريخي، وجعله أكثر انفتاحا على المستقبل.
وهو توجه ينسجم مع طبيعة العلاقات المتميزة، التي تجمع المغرب، بدول قارتنا الإفريقية، والتي نحرص على تعزيزها، بما يخدم المصالح المشتركة لشعوبنا الشقيقة.
إن الوفاء لروح المسيرة الخضراء، ولقسمها الخالد، يتطلب مواصلة التعبئة واليقظة، من أجل الدفاع عن وحدة الوطن، وتعزيز تقدمه وارتباطه بعمقه الإفريقي.” انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.
فهنيئا وطوبى لنا بهذه الذِّكرى الخالدة، وتحية تقدير وإكبار لضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية وإدارة الجمارك والإدارة الترابية وكل المرابطين على الحدود وفي الثغور على ما يبذلونه من جهود جبارة وتضحيات جسام في سبيل استتباب الأمن والاستقرار بأقاليمنا الصَّحراوية المسترجعة والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
رحم الله شهداء الحرية والاستقلال والوحدة الترابية والواجب الوطني، شرفاء الوطن وأبنائه الغر الميامين، وفي طليعتهم بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول، جلالة المغفور له محمد الخامس نور الله ضريحه، ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته، وحفظ الله بالسبع المثاني وبما حفظ به الذكر الحكيم سليل الأكرمين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأسدل عليه أردية الصّحة والعافية، وحقق به وعلى يديه كل ما يصبُو إليه وينشدهُ لشعبنا ووطننا من بناءٍ ونماءٍ، وتقدمٍ وازدهارٍ وأمنٍ واستقرار، قرير العين بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وشدَّ أزره بشقيقه صاحب السُّمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد وكافة أفراد الأسرة الملكية الشَّريفة والشَّعب المغربي قاطبة.
إِنَّهُ على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وإِنَّهُ نِعم المولى ونعم النصير
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.