اسرار بريس جمال الدين الناصفي/
قبل ثلاتين سنة خلت وبالضبط بتاريخ 17 مارس 1986 / كتب عبد الإله بن كيران رسالة إلى وزير الداخلية الأسبق ادريس البصري بصفته مسؤولا بجمعية الجماعة الإسلامية يوضح فيها العديد من الملابسات عن هذه الجمعية وظروف نشأتها يقول بنكيران :
قبل ثلاتين سنة خلت وبالضبط بتاريخ 17 مارس 1986 / كتب عبد الإله بن كيران رسالة إلى وزير الداخلية الأسبق ادريس البصري بصفته مسؤولا بجمعية الجماعة الإسلامية يوضح فيها العديد من الملابسات عن هذه الجمعية وظروف نشأتها يقول بنكيران :
يسرني أن أرفع إلى جنابكم هذه الرسالة التوضيحية حول جمعية الجماعة الإسلامية وظروف نشأتها وواقعها الحالي وما نرجو اللّه أن ينعم به علينا من خير على يدكم واللّه المستعان.
ويضيف بنكيران في رسالته :
ويضيف بنكيران في رسالته :
معالي الوزير، إن كثيرا من الشباب تهفو قلوبهم إلى الانتساب إلى جمعيتنا والعمل في إطارها المعتدل السليم إن شاء اللّه، ولكن ما وقع علينا من حظر من طرف السلطات المحلية في صيف 1984 وتوقيف أنشطتنا العامة في مركز الجمعية يحول دون التحاقهم بنا مما يؤدي ببعضهم إلى الانحراف والتطرف، وإننا نأمل أن تتداركنا عناية اللّه على يدكم فيسمح لنا من جديد بممارسة نشاطنا والاستمرار في القيام بواجبنا في الدعوة. ومن الواجب في رأينا أن يقوم بين المسؤولين والدعاة تعاون قوي لما فيه خير بلادنا.
وأما النزاع والشقاق فلا يستفيد منه إلا أعداء الدين وأعداء الوطن. وإن الشباب المتدين لما أكرمه اللّه به من ورع وصلاح حسب ما نعلمه عنه مؤهل لخدمة دينه وبلده أفضل الخدمات، وأن أفضل وسيلة في نظرنا لقطع طريق على من يريد سوءا ببلدنا ومقدساته هي فتح المجال أمام الدعاة المخلصين الذين يعتبرون أن من واجبهم إرشاد الشباب وتقويم أي انحراف يغذيه أصحاب الأغراض والأهواء.
ويضيف بنكيران : إننا معالي الوزير، سنكون مسرورين وشاكرين لكم صنيعكم إذا خصصتم جزءا من وقتكم لاستقبالنا والتعرف علينا، وذلك سيساعدنا بإذن اللّه على مزيد من التفهم والوضوح، واللّه نسأل أن يوفقكم لما فيه الخير ويهدينا وإياكم إلى ما يحبه”.
الخادم المطيع و الداعي لكم بالصلاح و التوفيق في كل حين
عبد الإله بنكيران”
ويضيف بنكيران : إننا معالي الوزير، سنكون مسرورين وشاكرين لكم صنيعكم إذا خصصتم جزءا من وقتكم لاستقبالنا والتعرف علينا، وذلك سيساعدنا بإذن اللّه على مزيد من التفهم والوضوح، واللّه نسأل أن يوفقكم لما فيه الخير ويهدينا وإياكم إلى ما يحبه”.
الخادم المطيع و الداعي لكم بالصلاح و التوفيق في كل حين
عبد الإله بنكيران”
ومرت الأيام والسنوات بسرعة مذهلة على هذه الرسالة التاريخية وأصبح بن كيران بعدها رئيسا للحكومة المغربية في عهد الملك محمد السادس في نسختها الاولى وعزز بذلك مكانته في الإستقبال الأخير الذي خصه به جلالة الملك لما جدد فيه الثقة وعينه رئيسا للحكومة بعد الإنتخابات البرلمانية الاخيرة لسابع أكتوبر وكلفه بتشكيلها.
ومن خلال مجريات الأحداث والإتصال التي اجراها بنكيران مع الأحزاب السياسية قصد تشكيل الحكومة وبعيدا عن كل الجزئيات الأخرى والتصريحات المجانية وماوراءها، إتضح للجميع أن رئيس الجكومة المكلف يجري منذ البداية خلف حزب التجمع الوطني للأحرار وزعيمه الجديد عزيز أخنوش، ليتحصن به في الازمات المتوقعة مستقبلا وإلا لماذا لم يملك بنكيران الجرأة للتحالف مع أحزاب الكتلة التي كانت مهيئة من قبل وأسرع في تشكيل الحكومة.
وإذا كانت هناك خلاصة يمكن أن نخرج بها من هذا العبث السياسي الذي يحدث على الساحة هو ان من صوتوا لحزب البيجيدي كانوا ينتظرون من بنكيران تشكيلة حكومته في أقرب وقت ممكن، وان هذه المهاترات باسم السياسة ضيعت على المغرب فرصا عديدة للإرتقاء بالدمقراطية إلى مستوى تطلعات الشعب وآماله العريضة وانتظاراته المتعددة.
ولعله من الكذب على التاريخ أن يحاول بعضهم اليوم تقديم هذا الصراع المفتعل على هيئة صراع من أجل تمكين المجتمع المغربي من حياة الرفاهية، فقد أظهرت التجربة أن أغلب هؤلاء السياسيين يتنابزون فقط طمعا في مقاعد السلطة ورآسة مجلس النواب ورآسة اللجان والبحث عن المناصب الأخرى بأي ثمن.
وللأسف الشديد انه بداخل كل زعيم من هؤلاء الزعماء أو المسؤولين الحزبيين يختفي شبح دكتاتور صغير يسعى إلى أن ينفرد بالحزب وبالحكم وبالإستبداد والسيطرة لامتلاك كل القدرات للتفاوض من اجل مقاعد مريحة لمقربيه داخل حكومة الشعب وباسم الدمقراطية.
فهؤلاء القادة الحزبيون يعرفون أكثر من غيرهم أن الطريقة الوحيدة لتذوق حلاوة السلطة هو التخلي عن المبادئ وضرب القواعد وطرد المناضلين الشرفاء والكذب على الشعب، يتعاركون في الصباح ويتعانقون في المساء على كؤوس الشاي والحلويات.
فسبحان الله كيف أصبح حزب الإستقلال أخا من الرضاعة للبيجيدي وكيف أصبح الأحرار أبناء العمومة فكلهم ضربوا وطعنوا البيجيدي من الخلف ثم جلسوا جميعا إلى طاولة المفاوضات ليقتسموا الكعكعة بالتوافق وليتسلموا الحقائب والكراسي التي كانوا لا يحلمون حتى في المنام بوضع مؤخراتهم فوقها، واستطاعوا أن يمارسوا سلطة «الحكم» داخل نطاق المؤسسات الرسمية التي أسندت إليهم مسؤولية تسييرها.
ولذلك يمكن أن نستوعب جيدا ان الصراعات و الضوضاء و الضجيج المفتعل الذي يقوم به البعض في هذه الأيام هو فقط من اجل إلهاء الشعب و من أجل ان يتسلموا نصيبهم من المقاعد الوزارية ومناصب السلطة بعيدا كل البعد عن هموم المواطنين التي يتخبط فيها لوحده.
لو كان هؤلاء بما فيهم رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بن كيران قريبون من هموم المستضعفين والفقراء والطبقات المسحوقة لتنازلوا منذ مدة عن جزء من رواتبهم الضخمة وتقاعدهم المريح، وسياراتهم الفخمة المتعددة، وجلساتهم الراقية وسيجاراتهم الأمريكية ولسجلوا ابنائهم المدلعين في مدارس الشعب ، وعالجوهم في مستشفيات المزلوطين بعيدا عن هذه المزايدات المبتذلة واللعب بالمشاعر، مشاعر المواطنين الذين يشرئبون لدولة الدمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة في كل شيء .
ملخص هذا الصراع المفتعل الذي يحدث الآن و يتلاعب بالمشاعر كل يوم وبمزايدات مفضوحة، هو ان الكثيرين منهم لم يفهموا عمق ذلك المثل الشعبي الواسع الذي كان يردده الحسن الثاني والذي يقول: «اللي بغا سيدي علي يبغيه بقلالشو»، أي أنك عندما تقرر دخول دار المخزن بعد توسلاتك وانحناءاتك فعليك أن تقبل بكل شيء بدون عنتريات او تصريحات أو الكذب على المغفلين من أبناء الشعب.
إن الذين لايريدون أن يستوعبوا جيدا مايجري ويدور ويتنطحون باسم الإرادة الشعبية، هم واهمون او يتجاهلون المعادلة الثابتة التي بنت عليها الدولة المغربية أسسها المستمدة من الثقة الكبيرة للشعب في المؤسسة الملكية فهي الضامن الوحيد لرقي وازدهار هذا الشعب وأمنه وسلامته وتنمية اقتصاده ورفعته أمام الامم والشعوب، اما الدكاكين السياسية الموجودة حاليا في الساحة فعليها ان تقبل بهذه المعادلة الراسخة والمتينة بين العرش والشعب، وان حكاية الاحزاب السياسية على ماهي عليه الآن عليها ان تقبل بالواقع الثابت كماهو أو تنسحب إلى الخلف.
اما هذه المعارك المفتعلة التي نتابع فصولها كل يوم لنيل المقاعد الوزارية في الحكومة المقبلة هي التي ضيعت على الشعب المغربي منذ الإستقلال وإلى الآن العديد من فرص التنمية والرخاء.
والواقع الحالي الذي يجب ان يستوعبه بنكيران شاء أم أبى ، هو أن ينتظر عودة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش إلى أرض الوطن وبشروطه الكاملة ليستكمل مهمته كما انتظره شهرا كاملا ليصبح زعيما للتجمع.
وعلى اللذين راسلوا وزير الداخلية السابق المرحوم ادريس البصري وذيلوا رسالتهم بتوقيع عريض خادمكم المطيع، ان لايزايدوا على الشعب بتلك التصريحات التي تتناقض بين الصباح والمساء، وعلى من يريد سيدي علي ،عليه ان يقبله بقلاليشه بدون مزايدات.
وعلى اللذين راسلوا وزير الداخلية السابق المرحوم ادريس البصري وذيلوا رسالتهم بتوقيع عريض خادمكم المطيع، ان لايزايدوا على الشعب بتلك التصريحات التي تتناقض بين الصباح والمساء، وعلى من يريد سيدي علي ،عليه ان يقبله بقلاليشه بدون مزايدات.