حين حطت انتخابات السابع من شتنبر وزرها و أوزارها و حصل حزب العدالة و التنمية على المرتبة الأولى وأصبح بن كيران بقوة القانون مكلفا بتشكيل الحكومة،حينها لا أحد تنبأ بعسر الولادة ولا بصعوبة المخاض،حينها تكفل محللو ما بعد نهاية الحرب في الإعلام المغربي بطرح السيناريوهات الممكنة لتشكيلة الحكومة ولا أحد تنبأ أن بن كيران سيلاقي كل هذه العراقيل ولا أنه سيبهدل كل هذه البهدلة وأنه بجلال عناده وتعنته سيقدم التنازل تلو الآخر.كان أول درج من سلم التنازلات وأول حلقة من حلقات إظهار الطاعة هي إرجاء تشكيل المحكومة حتى يعقد حزب الأحرار جمعه العام بعد استقالة مفاجئة لمزوار.
وكانت الإشارة الأولى الواضحة من المخزن أن الحكومة لن تتشكل بالسهولة المتوقعة هو تولي أخنوش أمانة حزب الحمامة التي لن تكون رمزا للسلام في هذه الظرفية.
جمع بن كيران فريقه ولم تعد تنقصه إلا مباركة الأحرار ولمستهم وظل ينتظر لأيام وأيام عودة الملك ومعه أخنوش من إفريقيا..لكن أخنوش بعد عودته طرح فيتو الرفض على حزب الاستقلال.وأوجد شباط، بقصد أوبغير قصد،وبالطريقة التي تعلمونها المخرج لهم جميعا من مأزق الحكومة داخليا ومأزق العلاقة الخارجية مع موريطانيا..
والأمر إلى حدود الساعة لازال سجالا و قول ورد و بيان من هنا وآخر من هناك دون أن نصل إلى نقطة حسم .. ولكن وفي كل الأحوال هناك خلاصات لابد من استنتاجها من هذه المسرحية السيئة الإخراج والتي نزعت منها كل الستائر فانكشفت الكواليس والخشبة أمام الشعب المتتبع و المكتفي كما العادة بدور المتفرج:
الخلاصة الأولى:
لا أظن أن المخزن سيفرط في بن كيران،أو على الأقل في حزبه،وإنما أمعن فقط في إذلاله وإهانته حتى يقول بااااع وقد قالها على رؤوس الأشهاد وحتى يكسر ما تبقى من شوكة مقاومته ونخوته،وقد بات واضحا أن غضب بن كيران وخرجاته و سلاطة لسانه لا تستثني أحد إلا إذا تعلق الأمر بأخنوش فإن الشيخ يلتزم معه حدود اللباقة والهدوء والمهادنة و طلب السلة بلا عنب..الحاجة إلى العدالة والتنمية لازالت قائمة لتمرير ما تبقى من المخططات زد على ذلك أن المخزن لن يسمح بجعل الحزب يدغدغ عواطف الناس باللعب على حبل المظومية والتحكم..بل أكثر من ذلك فقد نجح المخزن في إضعاف حزب العدالة والتنمية أو على الأقل زرع الشك بين مكوناته وجعلهم علانية أوفي تهامسهم فيما بينهم يعبرون عن رفضهم للوضع الذي قادهم إليه كبيرهم بعد سلسلة تنازلاته .
الخلاصة الثانية:
لقد استطاع المخزن أن يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن الهدف الاسمي لكل الأحزاب هو نيل حظها من الوزيعة..فكلها أبدت رغبتها في المشاركة في الحكومة دون اعتبار لاختلاف المرجعيات الاديولوجية ودون استحضار لتضارب البرامج أو خطط العمل لأنها غير موجودة أصلا..كما ظهر جليا أن كل الأحزاب لا تملك قراراها بيدها وأنها لو سنحت لها الفرصة لانضمت جميعها إلى صف الحكومة و أبقت كراسي المعارضة فارغة..وكيفما كانت النتيجة فإننا سنصبح في الأخير أمام حكومة جلالة الملك ومعارضة جلالة الملك كما عبرت عن ذلك قيادات حزبية في أحد البرامج التلفزية.
الخلاصة الثالثة:
لا شك في أن المخزن قد نجح في شغل الشعب المغربي بأمر تشكيل الحكومة الذي أصبح موضوع المجالس والصحافة والمقاهي كأن ذلك سيكون سببا في تغيير أحوال البلاد، فنجح بذلك في صرفهم عن الاهتمام بالملفات الحقيقية والمصيرية كالتوظيف بالعقدة و ضرب مجانية التعليم كما ألهاهم ولو بقدر عن تتبع الحركات الاحتجاجية لسكان الحسيمة ولنضال عشرة آلاف إطار تربوي… وعن التهاب الأسعار،خصوصا أسعار المحروقات،أما مطالب تحسين الأوضاع الاجتماعية فمرجأة بحكم واقع الحال إلى حين لا نعلمه.
المصدر – مولود بوفلجة