رأيسلايد

ذ خليل مرزوق: من البلوكاج إلى إعفاء بن كيران

 قبل الاعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية بل وقبل اجرائها بفترة بعيدة والمغاربة يستشرفون مع كل الارهاصات السياسية والاجتماعية ما ستفرزه صناديق الاقتراع، ليس على مستوى الحزب الذي سيحصل على اغلبية المقاعد البرلمانية ولكن بشكل أعمق على مستوى الاشكالات التي ستخلفها النتائج المعلن عليها. لقد ساهم في تكهن المغاربة بالاشكالات التي عرفها مسار تشكيل الحكومة بقيادة حزب المصباح مجموعة من التوجيهات، أغلبها مرتبط بالسياسة المتبعة من طرف حكومة 2011-2016 وضربها للبعد الاجتماعي للمواطن البسيط،هذا المؤشر الذي ساهم في تشكيل قناعة ثابتة لدى المستقرئين سياسيا بأن حزب العدالة والتنمية لن يقود تشكيل حكومة أخرى، وحتى إذا تمكن بفعل قاعدة مصوتيه الثابتة من تصدر الانتخابات فإنه لن يصمد في وجه التيارات السياسية المخزنية الموجهة بإرادة الدولة العميقة لإبعاد الاسلاميين عن كرسي القيادة- قيادة حكومة 2016-2022 – اليوم نشاهد مسرحية تحاك على نسق ما بيناه أعلاه، فكرتها العامة ابعاد العدالة والتنمية عن المشهد الحكومي بأي شكل كان ولسبب لاي مكن الحسم فيه حتى الآن، هذا الابعاد الذي بدأ بمحاولة الدفع بحزب آخر نحو الظفر بالمرتبة الأولى في انتخابات 4 من شتنبر، مرورا بعرقلة تشكيل الحكومة وأخيرا باستبعاد لسان العدالة والتنمية الشعبوي من مهمة التكليف بتشكيل هذه الأخيرة. ومن المشروع جدا ان نتساؤل بعد إعفاء بن كيران من قبل الملك عن مئال المفاوضات مع الرئيس المكلف الجديد، خصوصا إذا علمنا أن سعد الدين العثماني يستحيل أن يحيد عن توجه بن كيران السالف في مسار تشكيل الحكومة برفضه ضم الاتحاد الاشتراكي للقائمة. ويطرح سؤال بالمقابل، مفاده أنه إذا كان بن كيران قد قبل في بداية تجربة العدالة والتنمية الحكومية التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، والتجمع الوطني للأحرار- كأحزاب “يسارية” تتنافى مبادئ ميثاقها وقانونها الأساسي مع مبادئ وتوجه حزب المصباح- إذا كان قد قبل التحالف معها فيما سبق فما الذي يمنعه من ضم حزب الاتحاد الاشتراكي في التجربة الثانية، بل وما يزيد التساؤل مشروعية وإلحاحا هو التآخي الكبير بين شباط وبن كيران بعد عداوة وسب وقذف وتنافر سياسيين على مرأى الجميع. ان تشكيل الحكومة وفقا لكل تلك المعطيات ليس بالشيئ الصعب، كما ان الحلقة المفقودة في الموضوع ليست بالضرورة الاتفاق والتراضي بين كتلة معينة، بقدر ما يكمن المشكل في الرغبة الكبيرة لمن لهم مصلحة سياسية في ابعاد حزب القنديل عن المشهد الحكومي بخلق درائع صدقها هذا الحزب ايضا وساهم في تطويرها بموافقته،يقينا منه بأن السياسة لا تؤمن بالعاطفة بقدر ما تؤمن بضرورة تطبيق توصيات المرحلة والخضوع لمسطرة فوجيهية مفروضة ومهيئة. حزب العدالة والتنمية بعد تجربته الحكومية التي لن تتكرر، خاطر بسمعته ومصداقيته وشعبيته عند المثقفين والأساتذة والموظفين، وخرج من المعركة بحقد المواطنين عليه لما ساهم فيه من ضرب لجيوب وقدرات الشعب،انه لم يسعى حقيقة الى تشكيل حكومة بل توهم ذلك قصدا وهو يحافظ على مسير لعبة البلوكاج مع بن كيران وسيستمر في المحافظة عليها مع العثماني الى ان يتم اللجوء وفق ارادة التحكم الى الحزب الذي تصدر المرتبة الثانية والذي كان الرهان عليه من المخزن، أولا: لابعاد القنديل من الحكومة كونه ورقة مؤقتة بنهاية الحراك العربي حرقت مباشرة بعد دستور 2011 واستقرار المغرب سياسيا بالاستقرار النسبي لكل من تونس وليبيا، وثانيا: للعودة الى نفس النهج السياسي الذي كرسه حزب الاستقلال وهو نصرة المخزن وتسويق وهم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية. باختصار إن حزب العدالة والتنمية لن يشكل حكومة لا مع بن كيران ولا مع العثماني ولا مع غيرهما من دات الحزب، ذلك أن هذا الأخير يعلم يقينا أنه كان أداة سياسية لمرحلة انقضت وهاهو سينسحب على إيقاع الأوامر التي صيغت لهذا الانسحاب،ووفقا لمسطرة وضعها المخزن وما أدراك ما المخزن.خليل مرزوق.jpg

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى