بعد أيام قليلة عن التنصيب الفعلي لحكومة سعد الدين العثماني، وحدت حركة “تاوادا” جميع مطالب الحركة الأمازيغية في مسيرة شهدتها العاصمة الرباط صباح اليوم، لحث الحكومة الجديدة على تفعيل ما تعتبره الحركة جمودا طال التفعيل الرسمي للثقافة الأمازيغية من لدن الحكومة السابقة.
المسيرة، التي انطلقت من ساحة باب الأحد مرورا بشارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس، رُفعت خلالها شعارات منددة بـ”التهميش والإقصاء” اللذين تعيشهما المناطق النائية بالمغرب.
واستحضر المحتجون بهذا الخصوص روح الطفلة إيديا التي قضت نحبها مؤخرا بسبب “الإهمال الطبي”، إلى جانب مطلب “رفع العسكرة” عن الريف، وإنصاف ضحايا “نزع الأراضي وتفويتها للخواص”، فضلا عن معاناة ساكنة إميضر.
وشارك في المسيرة مئات الأشخاص، بالرغم من تعدد المطالب التي ركزت عليها، حسب مصدر من اللجنة المنظمة؛ وهو “الرقم الضعيف بالمقارنة مع انتظارات الحركة التي كانت تفوق 10 آلاف مشارك”.
إلى جانب أعلام الحركة الأمازيغية، رفع المحتجون علم حركة أزاواد بمالي والعلم الكردي، مطلقين شعارات مختلفة على رأسها: “لا لعسكرة الريف” و”لا لنزع الأراضي من أصحابها” و”لا للبرلمانات العربية في شمال إفريقيا” و”نريد تدريس الأمازيغية” و”لا لخوصصة التعليم”.
وفي هذا الإطار، دعا أحمد الدغرني، الباحث في الشأن الأمازيغي، الحكومة الجديدة إلى تأكيد موقفها بشكل واضح من الاستمرار في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، عبر اعتماد مصادقة المجلس الوزاري والحكومة السابقة على القانون التنظيمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافات المغربية.
وأضاف الدغرني، في تصريح لهسبريس على هامش المسيرة، أن البرنامج الحكومي الذي جرى الإعلان عنه منذ أيام، لم يقدم إجابات واضحة على المطالب الآنية التي تتبناها الحركة الأمازيغية، قائلا إن الإيجابية التي تلقى بها عدد من النشطاء تعيين شخص ذي أصول أمازيغية على رأس الحكومة، لن “يكون لها أي وقع على أجرأة المطالب التي تتبناها الحركة الأمازيغية منذ عقود”.
من جهة ثانية، لفت المتحدث الانتباه إلى مسألة أساسية، وهي خروج مطالب الحركة الأمازيغية في الآونة الأخيرة من المؤسسات وعودتها إلى الشارع، مستشهدا بالحراك الذي تعرفه عدد من المدن بالريف، والذي انطلقت شرارته الأولى بعد حادث وفاة محسن فكري، بائع الأسماك بالحسيمة.
وقال الدغرني إن “الحكومة والأحزاب والبرلمان وغيرها من المؤسسات المسؤولة أمامهم اختيارين؛ إما الاستجابة لمطالب الشارع، وإما الإبقاء على هذه الوضعية التي تؤسس لبون شاسع بين الحراك بالشارع وبين العمل الذي تقوم به المؤسسات الرسمية”.
من جهته، قال منير كجي، المدافع عن القضية الأمازيغية، إن هذه المسيرة “التي دعا إليها المجلس الفيدرالي لحركة توادا الأمازيغية الشبابية، تأتي بعد المسيرات السابقة التي قامت بها بعدد من مدن المملكة، للتذكير بمطالب القضية الأمازيغية التي عرفت تراجعا كبيرا خلال الولاية الحكومية السابقة”.
وأوضح كجي، في تصريح لهسبريس، أن هذه المسيرة مناسبة لتوجيه رسالة إلى الحكومة الجديدة، مفادها أن “الأمازيغ مستاؤون من طريقة تدبير ملف الأمازيغية”، قبل أن يعود ويشدد على أن “المشاكل التي تعانيها قضية الأمازيغية ليست مرتبطة بالقانون التنظيمي أو مجلس اللغات فقط؛ بل تتعداها للمطالبة بكرامة المواطن المغربي وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات”.
وأفاد المتحدث بأن هذا الشكل الاحتجاجي يحاول كذلك تسليط الضوء على ما تتعرض له مجموعة من المناطق الأمازيغية من “نزع للأراضي وتفويتها لمقاولين خليجيين خواص”، مضيفا أن “آلاف الهكتارات بعدد من المناطق تعود إلى ملكية قبائل أمازيغية يتم تفويتها لأجانب ذوي نفوذ لتشييد محميات فوقها للصيد وغيرها من الأنشطة”.