سلايدمجتمع

مي عيشة”: طريق الانتحار محفوف بالظلم .. وأناشد الملك لإنقاذي

كيف يَطيب ليَ العَيش، وكلما رأيت سيارة متوجهة نحو الدوار أتوجس خيفة من أن يكون بيت شقيقي وأولاده الستة هدفا للإفراغ من طرف عناصر الأمن، بعد أن تم بيع الأرض التي نملك والتي كانت مصدر قوتنا اليومي”، تقول “مي عيشة” التي خطَّ الزمان تجاعيد عميقة على وجهها.
بجسد نحيل وملامِح خَبرت قساوة العيش، كان همّ عيشة البوزياني الأوحد هو أن تَسترِد أرضها وأرض شقيقها محمد والبالغة مساحتها سبعة هكتارات، التي أُخذت منها على حين غرة دون أن يكون لها ناقة ولا جمل في قضية بين أطراف آخرين منهم شقيقها، ويُنفَّذَ حكم نهائي ببيع الأرض بالمزاد العلني لتَسديد مبلغ 92 مليون سنتيم لفائدة محمد الرفاقي.
“اسألوا عن “مي عيشة” في السوق.. الكل يعلم أني أبيع الخضر، أخرج في الصباح الباكر عقب أداء الصلاة، لأعود نحو الدوار بقليل من المال يتراوح بين 15 درهما و20 درهما، راضية بما قسمه لي الله من رزق، ومُستندة على هكتارين ونصف الهكتار من أرض ورثتها عن والدي، فيما أستأنس بأبناء أخي الذي أقطن في بيته”، تقول البوزياني متابعة: “تفاجأت يوما بتوصلي باستدعاء يُخبرني بالحجز على أرضي وأرض شقيقي، والاستعداد لبيعها في مزاد علني”.
وبعينين مغرورقتين بالدموع، تحكي “مي عيشة” أسباب إقدامها على محاولة الانتحار مؤكدة أن إحساسها المرير بالظلم وبفقدان أرضها دون وجه حق جعلها تتوجه صوب الرباط صباح الاثنين، قادمة من دوار أولاد نعيم على مستوى قيادة الحدادة نواحي مدينة القنيطرة، “هاديك هي الأرض لي عَندي خَلاَّوها ليّا والدِيا، وما بقيت كَنْشوف غير فالموت، بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي”.
لم تنفع “مي عيشة” شكايات عديدة قدّمَتها إلى كل من عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، ومصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق. كما لم تنفعها أيضا مبادرتها إلى الاحتجاج أمام مقر المحكمة الابتدائية بمدينة القنيطرة مرات عدة، وتسلقها لعمود كهرباء في محاولة لتعريض جسدها للصعق. ومن ثمّ، صمّمت على أن تحوّل وجهة احتجاجاتها صوب العاصمة الرباط أو “المدينة العتيقة” وفق تعبيرها، حاولت خلال أولى خطوة أن تشنق بدنها قبل أن يمنعها المواطنون، فيما أقدمت خلال الخطوة الثانية على تسلق لاقط هوائي وسط شارع علال بنعبد الله وتوعدت بصب البنزين على جسدها والارتماء أرضا.
“لم أكن أنوي العودة حية أو سالمة؛ فمن شِدَّة قهري وإحساسي بالظلم، عزمت جادة على الانتحار، قبل أن يتجمهر حولي إخواني المغاربة ويحاولوا إقناعي بالعُدول عن الفكرة.. ولو رأيت رافعة شاحنة الوقاية المدنية متجهة نحوي لارتميت، أو صعدت إلى أعلى”، تؤكد المتحدثة التي لا تزال تعاني من جروح ورضوض على مستوى قدمها اليسرى وساقيها بعد تمسكها بالعمود طيلة ساعتين.
“خارْجَة كَنْتلاوَح فالزنقة، وقد قضيت شهورا بين الوزارات والمحاكم والمؤسسات، أرفع شكواي وأبث حزني دون أن يلتفت إليّ أحد، وصلت إلى الساحة التي يتوسطها العمود، وبين عيْنَي ينتصب الموت قائما كآخر فعل احتجاجي على ما أصاب أرضي، إلا أن إخواني المواطنين كانوا لي بالمرصاد”، تقول “مي عيشة” بتأثر موجهة شكرها لمن أسمتهم “أبناءها وبناتها الذين عملوا لساعات على إقناعها وإنقاذ حياتها”.
وبالرغم من عمرها الذي يصل إلى أزيد من 50 سنة، استطاعت المشتكية التشبث بالعمود ساعتين كاملتين، موضحة أن “قوة إلهية أعانَتْها على تحمُّل مَشاقِّ التسلق والتشبث، “لم أكن واعية بما أفعله، فقدت البوصلة وسيْطَرت عليَّ أحاسيس الظلم و”الحكرة”.. مرت الدقائق والساعات دون أن أحس بالألم، حَرّ الظلم ما خَلاَّنيش نحَس بْشي حاجَة أخرى”، وفق تعبيرها.
“مي عيشة”، التي تلقَّت وُعودا من مسؤولي الرباط بإيجاد حل لملف أرضها، ناشدت الملك محمدا السادس التدخل لإنصافها وإنقاذها من حالة “الغُبن” التي تعيشها رفقة شقيقها، ولإرجاع أرضها: “شوفوا من حالي را ما عَنْديش فين نَمْشي، والحالة لي عايْشاها ما يْقدر عليها حَد”، تختم “مي عيشة” كلامها لهسبريس بعينين دامعتين.عن هسبريس – ماجدة أيت لكتاوي (صور: معاذ غازي)
"مي عيشة": طريق الانتحار محفوف بالظلم .. وأناشد الملك لإنقاذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى