إذا كان شهر رمضان شهر الصيام و التعبد فهو أيضا مناسبة يستغلها البعض لامتهان مهن “موسمية”خ و كسب القوت اليومي، بيع الحلويات و تحضير العصائر في الأسواق …كلها مهن تشهد انتعاشا خلال شهر الصيام، و تعد النساء الأكثر إقبالا على هذا الصنف من المهن. .
النموذج من السوق المركزي بالمدينة العتيقة بالعاصمة الرباط، هنا بهذا الفضاء الشعبي تجلس مجموعة من النساء مباشرة بعد صلاة الظهر في أماكن متفرقة، و أمامهن طاولات خشبية يعرضن عليها منتوجات مختلفة من فطائر وعصائر وخضر مقشرة جاهزة للطهي وغيرها من المنتوجات التي يزين بها المغاربة موائد الإفطار.
ـ فرصة لكسب الرزق:
حماس كبير تبديه ” السعدية” وهي تعرض منتوجاتها أمام الزبناء، هذه السيدة الأربعينية متزوجة و أم لطفلين تزاول مهنة بيع الفطائر و الحلويات في سوق العاصمة منذ سنوات، بعد طلوع الفحر تبدأ السعدية في تحضير الفطائر و الحلويات التي ستبيعها في بعد الزوال، مهمة تعودت السعدية على فعلها مع قدوم شهر رمضان من كل سنة.
” اعتدت كل شهر رمضان أن أشتغل في هذه المهنة، لكي أساعد بمداخليها المالية زوجي على توفير المتطلبات المادية خاصة وأن الأسعار ترتفع في هذا الشهر ” تقول السعدية .
اختارت هذه السيدة ممارسة هذه المهنة ككل رمضان نظرا للرواج الذي تعرفه تجارة الحلويات في هذا الشهر الفضيل وتصرح السعدية ” مستواي الدراسي محدود و لم أتعلم في صغري أية حرفة و الطبخ هو الشيء الوحيد الذي أتقنه، لهذا فكرت أن أستغل قدراتي في هذا المجال لكسب الرزق ولو بشكل مؤقت عوض الجلوس في المنزل “. و حسب ما تؤكده السعدية في تصريح لموقع 2م.ما فإن مهنتها المؤقتة هاته تدر بها أرباحا” لابأس بها “،وتتراوح قيمتها من 100 إلى 150 درهما في اليوم الواحد حسب كمية المنتوجات التي تم تحضيرها و عرضها للبيع.
فاطمة ، موظفة ،نموذج للزبونات اللواتي يقتنين بشكل شبه يومي ما تصنعه أنامل هذه النسوة من الأطعمة، و تصرح هذه السيدة ” اعتدت على شراء أطعمة الإفطار من السوق، فبحكم انشغالي مع العمل لا أجد وقتا لتهيئ مائدة الإفطار كل يوم “. و تضيف ” كما أنني أفضل اقتناء مأكولات الإفطار من عند هؤلاء النساء، لأن الأطعمة المعروضة تتوفر على معايير النظافة فهي تحضر في الغالب في البيوت ” ـ قطاع غير مهيكل:
الحاجة حبيبة بائعة أكلة ” البريوات” المغربية تشتغل هي الأخرى في سوق المدينة العتيقة بالرباط ، إلا أنها لاتكتف بهذا العمل في رمضان فقط، و إنما تشتغل طيلة السنة في هذه المهنة، و تقول ” أتوفر على عدد لابأس به من الزبائن طيلة أشهر السنة إلا أن عددهم يتضاعف بشكل كبير في شهر رمضان” ، و تضيف هذه السيدة الخمسينية “أنا أرملة و ليس لدي أطفال…أعيش فقط من مداخيل هذه المهنة، بها أدفع سومة الكراء وباقي تكاليف العيش” .
من جهتها تؤكد الحاجة حبيبة على أنها لن تنس فضل مهنتها هاته في حمايتها من شر الفقر، إلا انها في الوقت ذاته تخشى أن يأتي يوم لا تستطيع فيه الاستمرار في العمل فتجد نفسها بدون معيل، وفي هذا الصدد تصرح الحاجة حبيبة ” نحن النساء و خاصة الأرامل إن لم نشتغل سنموت من الجوع، لذا فإننا نحتاج لأن تدعمنا السلطات وتوفر لنا الحماية الاجتماعية في حالة عدم قدرتنا على الاستمرار في العمل”.
السعدية، الحاجة حبيبة و أخريات كلهن نساء وجدن أنفسهن مضطرات للعمل في مهن يتراجع رواجها مع نهاية شهر رمضان ، هي محاولة منهن للهروب من كابوس البطالة ولو لفترة من الزمن ، ليشتغلن بذلك في قطاع غير مهيكل، تسعة في المئة من العاملين فيه من النساء حسب آخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.