برحيل بريس م س
المناضل الحقيقي هو إنسان مثالي لا يتحدث عن نشاطه وأعماله مهما كانت قيمتها، لا يتحدث عن أعماله وكفاحه لأنه لا تدفعه دوافع الشهرة أو دواعي الحصول على المادة.
بينما نجد بعض الأشخاص في مجتمعينا يفتخرون بعناد بما ارتكبوه من رذائل وجمع للأموال الطائلة لملء بطونهم حتى التخمة.
إن المناضل منقاد للمبادئ النبيلة، مبادئ الأبطال الخالدين كسقراط وأفلاطون ومحمد صلى الله عليه وسلم والمسيح وغاندي، إن طريق المثاليين طريق مقدر مرسوم ينطوي على ألم، وأشواك وعذاب ولكن برغم أن هذا السبيل معروف وينتظر كل مثالي فإنه ليس هناك مثالي حقيقي، يرتد عن هذا الطريق.. ويصمت عن أداء الواجب، مهما كان هذا الطريق موحشا ومليئا بالأشواك.
فالمثالي حينئذ ليس له الحق في الاحتجاج ضد عذابه ولكن له الحق أن يخوض معركة النقد البناء، لأنه عندما تخلى عن كل جزاء مادي فالمادة التي من حقه أن يتمسك بها إنما هي النقد البناء، ففكرة النقد البناء مباحة له ومقبولة كوسيلة للتعبير الانساني ولكن الواقع أنه من الصعوبة بمكان التمييز بين النقد البناء والنقد الهدام فالكلمتان (النقد البناء والنقد الهدام) مثلهما كمثل الماء والثلج فهما من مادة واحدة ولكنهما يأخذان شكلين واسمين مختلفين، حينما تتفاعل المادة مع الظروف الذرية، وهكذا فإن النقد البناء يمكن أن يعتبر نقد تهديم وبالعكس يحسب الظروف الزمانية والمكانية والاعتبارات النفسية. وفوق كل شيء فإن ذلك يتوقف على الذين يتولون ترجمته تأويله أو تفسيره وأحسن مقياس يوجه هذا التفسير إلى وجهة الإيجاب أو السلب هو الضمير.
ولكن حيث أن ضمير الانسان لا يعلو على الخطأ دائما فإننا نجد أمرا ثالثا مضافا إلى فكرة النقد البناء والنقد الهدام ألا وهو النقد الذاتي. وهكذا فإن الخطر الذي يهدد المثالي ذو ثلاثة حدود أو أنصال:
• الخطر الناشئ عن المناضلين الحقيقيين، كأفراد فانين ليسو فوق الأخطاء، في ترجمتهم لأعمال المناضل الحقيقي، مع أخيه المناضل الحقيقي، مع أخيه المناضل الذي لم يعرف كيف يتصرف إزاءه وكيف يعامله.
• والخطر الثاني يأتي من المناضل نفسه لأن ضميره يحتوي على نفسيتين متصارعتين، وهما النفس النبيلة الروحية، والنفس الرذيلة المنحطة