منطق المؤامرة : طوفان غزة ، نصر مغشوش ،ام نصر عزة ؟
منطق المآمرة : طوفان غزة ، نصر مغشوش ،ام نصر عزة ؟
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،أكادير،اكتوبر،2023
مقال (83),2023.
المتتبع للشأن السياسي الداخلي لإسرائيل ، سيدرك لا محالة ان هذا الكيان غارق في قضايا تمس كيانه ووجوده ،حتى تعالت أصوات تقول ان نهاية إسرائيل قد أوشكت .
وحكومة إسرائيل الحالية هي الأسوء في تاريخ دولة إسرائيل مما دفع بأمريكا الى جانب فرنسا الى إعلان عدم رضاها على سياسة هذه الحكومة .
ما قد لا يعلمه كثير ممن يرون في اسرائيل انها دولة ديمقراطية حديثة ،انها دولة بلا دستور ،
ففي عام 1948 عارض، ديفيد بن غوريون، وضع دستور لإسرائيل لما يمكن أن يشكله من خطر على هوية الدولة اليهودية الجديدة. فوجود الدستور يعني إقرار الحقوق والواجبات وضمان مبدأ المساواة بين المواطنين. وهو ما يصعب الاتفاق عليه في دولة منقسمة بين فئات مختلفة في رؤيتها لتعريف الدولة.
مؤخرا طفى الى السطح قانون الاصلاح القضائي وما يعنيه من صراع المؤسسة التشريعية و القضائية و التنفيذية .وهو ما خلق حالة عدم استقرار سياسي و اجتماعي في اسرائيل .
وسط هذه الاجواء تحتاج اسرائيل لحدث يوحد الجبهة الداخلية ،و يدفع باسرائيل الى مخاض خارجي يبعد النقاش عن الهوية و الحقوق والواجبات .
نحن امام دولة دينية وعرقية ، تبدأ مصالحها و تنتهي بضمان استمرار اليهودية قبل اليهود ، و حماية المعتقدات السماوية ولو على حساب الانسان كان اسرائيليا او فلسطينيا .
طوفان الاقصى كان ذلك الحدث الذي يريده جناح من اسرائيل للركوب عليه ، للإبتعاد عن نقاش الهوية و صراع الأجهزة الى توحيد الجبهة والتصدي للعدو الخارجي . وربما هذا ما يفسر تلك السهولة و الليونة التي مكنت شباب المقاومة من إقتحام مستوطنات كان يستوجب ان تكون محروسة بشدة لانها على مشارف غزة !!
في السياسة ، هناك ذائما فن الممكن ، فطوفان الاقصى قد يكون استغلالا من حماس للترهل الإسرائيلي لتضرب ضربتها الموجعة والقوية ، وقد يكون بمنطق المآمرة سيناريو يخدم الأجندة الداخلية لإسرائيل .
المؤكد ان الجهاز العسكري و الجهاز المخابراتي الاسرائيليين أصبح قرار إحداث تغييرات جذرية فيهما جاهزا من لحظة اقتحام غلاف غزة . وهذا مطلب في الاوساط الإسرائيلية منذ سنين و سنين .
اسرائيل وجناحها الصهيوني تدرك أن موازين القوى ميدانيا مهما مالت اتجاه المقاومة فإنها قادرة على ارجاع الامور الى نصابها بمنطق اسرائيل .
المقاومة وجناحها العسكري ارسلت رسائل الى العالم ان سلطة المقاومة هي البديل للسلطة الفلسطينية العاجزة عن الوصول الى أي حل بسبب تهور و جشع و نقض العهود الذي هو عنوان سياسة حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو . وبسبب الفساد الذي ينخر السلطة الفلسطينية في الداخل و الخارج .
كل ما حدث في طوفان الاقصى ، يمكن ان يعيد نفس السيناريوهات : قصف على قطاع غزة ، مئات القتلى ، جهاز صحي غير قادر على التحمل ، قطع التيار الكهربائي على القطاع ، إغتيالات في صفوف قادة حماس ، و فرض الحصار الاقتصادي على مليونين ونصف المليون من ساكنة غزة . ثم إعادة استرجاع المستوطنات التي اقتحمتها المقاومة .
حركة حماس ، اكبر ما انجزته بطوفان الاقصى هو نجاحها في الحصول على أسرى إسرائيليين محتجزين لديها ، وهذا المعطى في حرب الاستنزاف وحرب العصابات يكون فعالا و قويا ومؤثرا . وهذا من شأنه أن يطيل من مدة المواجهات العسكرية و الديبلوماسية /التفاوضية بين الجانبين . خاصة ملف إطلاق سراح المعتقلين والاسرى لذى جيش الاحتلال.
لكن ما لا يدركه من لا يتابع طبيعة المجتمع الاسرائيلي ،هو ان ماحدث بالأمس عرى عن اكبر مشكل يعاني منه الاسرائيليون وهو الخوف ، هذا الشتات القادم من كل ربوع العالم والذي يسكن المستوطنات تحت حماية جيش الاحتلال ، يحس هؤلاء انهم لم يعودوا في أمان ،وان وعود حكومة اسرائيل لا مكان لها على أرض الواقع ، لذلك هرول المستوطنون هربا الى الصحراء و الى المطار ،لانهم لا يملكون ارضا ليموتوا فوقها و يجابهوا العدو لاجلها ،هم مجرد مستوطنين إذا توفر الامن سكنوا وإذا لم يتوفر رحلوا .
نتابع يوم الإثنين بقية الحكاية ، إنتظروني
فهل تعتبرون ؟