الشباب : حطب النار أومفاتيح الانتصار ؟!!!
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين، أكادير،يوليوز،2023
مقال(58).
«إنهم يريدون خلق أجيال جديدة من الضباع»؛
صرخة مدوية أطلقها السوسيولوجي، الأستاذ الراحل محمد جسوس، خلال المؤتمر الوطني الرابع للطلبة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية المنعقد بفاس، 1989 في وجه مهندسي السياسة العامة إزاء الشباب،
وقال الراحل جسوس: «إن مستقبل المعارك التي ننادي بها هو مستقبل الشباب، و بالتالي إذا كان شباب هذا البلد مهمشين، مقموعين، مكبوحين، مكبوتين، مطاردين في مختلف مرافق الحياة، فيمكننا من الآن أن نصلي صلاة الجنازة على هذه البلاد و على مستقبله
إن شباب المغرب بصفة عامة أصبح يعامل كما لو كان عبئا ثقيلا، عوض أن يشكل رصيدها ورأسمالها الأساسي ،نعلن تذمرنا من معاملة الشباب كما لو كانوا مجموعة من الفوضويين ومجموعة من المشاغبين، ومجموعة من العبثيين ومجموعة من العدميين علما بأن أرقى واسمى ما أنجز في هذه البلاد أنجزه شباب أو ساهم في فكرته الحاسمة شباب و بصفة خاصة،
إذا كان شباب هذه البلاد يعاني من تخوف مستمر حول عيشه أولا وقبل كل شيء، ويعاني في مستوى ثان من سياسة على صعيد التعليم وعلى صعيد الثقافة وعلى صعيد التأطير الفكري والإيديولوجي، تحاول خلق جيل جديد لم نعرفه في المغرب، جيل «الضبوعة» جيل من البشر ليس له حتى الحد الأدنى من الوعي بحقوقه وبواجباته، ليس له حتى الحد الأدنى من الوعي بما يحدد مصيره ومصير اخواته ومصير اقاربه ومصير جيرانه
لا خير يرجى من بلاد تعامل شبابها بمختلف اشكال القمع والإكراهات والتخويف والتهريب، بل إن ما نلاحظه حاليا هو تكريس وترسيخ هذه المعاملات.
هذا الكلام مرت عليه 34 سنة ، عشر سنوات منها كانت زمن الحسن الثاني ،و 24 منها زمن محمد السادس ،
قرابة ربع قرن على حكم ملك الشباب ،الشاب الذي غير قواعد والده في التعامل مختلف فئات المجتمع خاصة منها الشباب من الجنسين ،
ومع خطاب العرش ،يكون الملك محمد السادس قد رسم معالم شباب استفاذ من الانفتاح الذي بصم حكم الملك الشاب ، انفتاح فتح المغرب على العالم وقدم الشباب في مختلف المجالات ملاحم في الابداع والابتكار .
ورغم ذلك يبقى الشباب المغربي في حاجة إلى تجديد عبر المصاحبة والمواكبة والمصالحة مع انتظاراته خاصة في المجال الاجتماعي . وفي المقابل يحتاج الشباب الى مزيد من الجدية ، و ان يعامل ايضا بجدية مطلوبة ،
خطاب العرش لهذه السنة حدد معالم ومواصفات جيل يمتلك كل شيئ عبر مبادرات على مدى ربع قرن ،ويحتاج اليوم الى توابل من الجدية ليكون منسجما مع الادوار التي عليه تحملها .
يقول جلالة الملك في خطابه الاخير العرش يوليوز 2023 :
المغاربة معروفون، والحمد لله، بخصال الصدق والتفاؤل، وبالتسامح والانفتاح، والاعتزاز بتقاليدهم العريقة، وبالهوية الوطنية الموحدة.
فالشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة، كتلك التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم.
وتتجلى الجدية كذلك، في مجال الإبداع والابتكار، الذي يتميز به الشباب المغربي، في مختلف المجالات.
فقد قدم أبناؤنا، بشهادة الجميع، وطنيا ودوليا، أجمل صور حب الوطن، والوحدة والتلاحم العائلي والشعبي، وأثاروا مشاعر الفخر والاعتزاز، لدينا ولدى كل مكونات الشعب المغربي.
هذا يعكس ان الامم الذي تريد الارتقاء بشعوبها تجعل دوما من ملف الشباب ملفا مفتوحا ، ولكنها ايضا تقطع مع اساليب كبح جماح الشباب وقمعهم ، وعلينا أن نقر ان ربع قرن من حكم محمد السادس كرست القطيعة مع القمع كما كان في عهد والده ،لكن هناك قمع لازال يسكن ملف الشباب هو قمع الظروف الاجتماعية خاصة البطالة وضعف الدخل الفردي عند العمال والموظفين.
هو تحدي لرفع الرهان ،فالمغرب اوراش مفتوحة تحتاج الى سواعد الشباب ،لكنها ايضا تحتاج لجديتهم ،و انخراطهم في الدينامية التي تعرفها بلادنا والقطع مع اليأس .
فهل تعتبرون ؟