خطاب الكراهية والعنصرية جريمة يعاقب عليها القانون وينبدها المجتمع
تتضافر جهود الدول والمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني للتصدي لخطابات الكراهية التي أصبحت تهدد الاستقرار وتتسبب في اعتداءات صارخة لحقوق الإنسان و وسببا رئيسيا للعديد من الجرائم البشعة التي ترتكبها عصابات عنصرية فظهرت العديد من الاتفاقيات الدولية المناهضة لمختلف جرائم التمييز وخطابات الكراهية ، وقيام العديد من الدول بتطوير قوانينها الداخلية ليس فقط لمواجهة خطاب الكراهية، بل كذلك لمواجهة هذا الخطاب الذي أصبح يغزوا بوسائل التواصل الإجتماعي مشكلا نوعا من العنف والإجرام الرقمي .
إلا أن المعيار الذي يجرم خطاب الكراهية يختلف من دولة إلى أخرى، بالنظر لصعوبة الفصل بين ما يعتبر خطاب كراهية وبين ما يعد تعبيرا عن الرأي الذي بدوره يبقى خاضعا لمعايير اخلاقية قبل القانونية .
وفي المغرب كغيره من بلدان العالم وسعيا منه في مواجهة كل انواع التمييز والكراهية والعنصرية ، أسس ومند خطاب العرش لسنة 2003؛ لصاحب الجلالة أيده لله لهذا البناء التشريعي وذلك بتكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بإعداد الاقتراحات اللازمة، لسد الفراغات التشريعية، في مجال محاربة كل أشكال العنصرية والكراهية والعنف.
لينطلق في ذلك من الزجر المشروع والعادل والفعال لمظاهر التمييز والكراهية والعنف بإعتباره من المقومات الأساسية لدولة الحق والقانون والديمقراطية، و من صميم حماية حقوق الإنسان في العيش في أمان واطمئنان، وفي التمتع بالحريات الأساسية دون تمييز بسبب الإعاقة أو الجنس أو العرق أو الدين أو الثقافة أو الحالة الاجتماعية أو غيرها.
وكانت الاستجابة من خلال تعديل وتتميم بعد فصول القانون الجنائي في اتجاه تجريم مختلف أشكال العنف والميز والكراهية المؤدية لهما، وكذا التحريض على العنف والإشادة بالأعمال الإرهابية ، بموجب القانون رقم 24.03 .
الصادر بتاريخ 11 نونبر 2003، والقانون رقم 02.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب الصادر بتاريخ 28 ماي 2003 ، وكذا قانون الصحافة رقم 13.88.
ويتبين أن القانون الجنائي المغربي ، وإن صار بتضمين مقتضيات متقدمة في تجريم مختلف أشكال العنف والميز والكراهية المؤدية لهما، وكذا التحريض على العنف والإشادة بأخطر جرائم الإرهاب ،إلا أنه يظل في حاجة إلى المراجعة قصد تحديثه وملاءمته مع مختلف التطورات المجتمعية والمواثيق الدولية ذات الصلة والفكر الجنائي المعاصر والمستجدات التشريعية. مع الحرص على توحيد المصطلحات الجنائية بشأن أشكال الميز المدانة، وذلك على أساس التعريفات المتطورة دوليا، مع الحرص على تناسق المدونة الجنائية مع التشريعات الأخرى ذات المقتضيات الجزائية المطلوب مراجعتها في هذا الاتجاه.
وفي هذا المنحى صدرالقانون رقم 73.15 حيت جاء في هذا القانون أن التحريض على التمييز أو الكراهية يعاقب عيه بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة مالية من 5 ألاف إلى 100 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين حسب مقتضيات الفصل 431-5 من القانون الجنائي.
أما التحريض عن طريق الخطب أو الصياح أو الملصقات أو عبر الوسائل الرقمية ، فيعاقب عليه المحرض بالحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة من 10 آلاف إلى 100 ألف درهم أو إحدى العقوبتين.
غير أنه في الوقت الذي استفاض فيه هذا القانون في طرق التحريض وعقوباته التفصيلية، لم يتطرق لماهية هذا التمييز أو الكراهية، فهل هي تقتصر حصرا على أشكال التمييز و الكراهية ضد العرق و اللغة، أم تشمل التمييز والكراهية ضد الميول الشخصية والمعتقد ؟
كما جاء في المادة الأولى من القانون 73.15 أنه يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة وغرامة من 5 ألاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هتين العقوبتينكل من حرض مباشرة شخصا أو عدة أشخاص على إرتكاب جناية أو جنحة إذا لم يكن للتحريض مفعول، وذلك بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المتفوه بها في الأماكن العامة أو بواسطة الملصقات، أو عبر الوسائل الالكترونية والسمعية والبصرية.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.