بقلم:عبدالله المكي السباعي
تشهد مدينة تارودانت التاريخية على وجه الخصوص ،انتشار خطير وبدون توقف لجمعيات المجتمع المدني، أغلبها مسيس ومناسباتي ،هذه الظاهرة السلبية التي جعلت المدينة تعرف كسادا اقتصاديا متدهورا ،بالمقارنة مع مدن الجوار.
فقد تم تأسيس جمعيات ،عن طريق التناوب ،وذلك للتضييق على الأشخاص الفاعلين الذين لهم غيرة على المصلحة العامة للمدينة.
وعملية التناوب التي تنتهجها عصابة متخصصة في نهب الدعم الجماعاتي ، من خلال تشكيل أعضاء مكتب جمعية جديدة،ونفسها تتشكل بها جمعية أخرى مع اختلاف المناصب والمهام…وهكذا
تارودانت….جمعيات على الورق (القانون الأساسي…) والخدمة رهن إشارة من يدفع أكثر…
*مختصون يؤكدون أن التمويلات غير الموضوعية للجمعيات تحدث القطيعة مع المواطن*
وهناك دعوة لوضع إستراتيجية جادة وإعادة النظر في قانون الجمعيات كما جاء على لسان المستشار الجماعي بتارودانت السيد هشام أشرف ،خلال تدخلاته بدورات المجلس غير ما مرة عند التطرق لدعم وتمويل جمعيات المجتمع المدني المحلي ،
وهذه اشارة منه إلى ضرورة تكوين وتأطير هذه الجمعيات التي تستفيد من دعم الجماعة ،لتكون مؤهلة للحصول على أفضل النتائج الإيجابية مستقبلا…
تبعا للمقولة الصينية الشهيرة (لا تعطيني سمكة بل علمني كيف اصطادها…)
فقد اعتاد المواطنون على توجيه انتقادات لاذعة لمؤسسات المجتمع المدني، التي ينحصر دورها، وفق رؤيتهم، في المطالبة بالتمويل والدعم المادي من الدولة، والحصول على مزايا وعلى ما أمكن من أموال، دون الاعتماد على نفسها في الحصول على مصادر تمويل خاصة، خارج ما تجود به المؤسسات العمومية، ما من شأنه ضمان استقلاليتها وحيادها، على غرار ما تعتمد عليه الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني الأجنبية.
في ظل الاتهامات بالفساد والاحتيال التي باتت لصيقة بها، ارتسمت في أذهان المواطنين صورة نمطية، كرست غياب الثقة وفقدان الشرعية الاجتماعية، ومهّدت لحالة انفصال بين الجمعيات وباقي أفراد المجتمع، وهو ما يهدد، حسب أهل الاختصاص، بحدوث قطيعة بين الطرفين. وإن كانت بعض الجمعيات الفتية القليلة المحسوبة على أطراف الأصابع، تسعى إلى إثبات نفسها في الساحة وخدمة بعض الأهداف الإنسانية، إلا أن الصورة التي خلّفتها سنوات من الممارسة غير السوية من قِبل بعض مؤسسات المجتمع المدني، جعلت من عملية استعادة ثقة المواطن في دور هذه الأخيرة كوسيط بين الطبقة الشعبية والسلطة أكثر صعوبة….
وبوجود العديد من “الانتهازيين” وما أكثرهم بمدينة تارودانت المحتضرة …الذين يفضّلون المتاجرة بمشاكل وانشغالات المواطنين،تحت قناع التعاون والتضامن ،
واعتراف مسؤولين وجهات معنية في الدولة بحجم الأزمة، وتأكيدهم على وجود جمعيات لا تزاول نشاطها إلا بصفة مناسباتية أو براغماتية، تبقى إشكالية العمل الجمعوي تدور في حلقة مفرغة ببلادنا.
وبحسب المختصين والمهتمين، فالجمعيات تقوم بدور الوساطة بين مؤسسات الدولة والطبقة الاجتماعية، مشيرين إلى أنها تمثل “صوت الشعب” من خلال ما ترفعه من مطالب واحتياجات وآراء معارضة لمشاريع الدولة، حيث يحذّرون من إمكانية اختلال هذه الوظيفة، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الفساد وبروز حالة رفض واحتجاج على الوضع وتفسخ اجتماعي، مؤكدين أن ما يعاب على جمعيات المجتمع المدني، اليوم، هو تعرضها للاستغلال من قِبل ذوي المال والنفوذ (أصحاب الشكارة …)
وخضوعها للتوجيه المطلبي، لتكون معبّرة عن “السلطة الحاكمة، وهو ما نتأسف عليه”، بالنسبة للجمعيات التي تصبح مسيّسة وموجهة لخدمة أغراض تخالف احتياجات الطبقة الشعبية البسيطة أو الفئة التي أسست من أجلها الجمعية.
وأفادت الدراسة اليوم أن الجمعيات في البلاد بحاجة إلى آليات جديدة للعمل والتمويل، لتستطيع التعبير عن تطلعات ورغبات ومشاكل المواطنين أو فئات منهم، نظرا لوجود أشخاص يملكون كفاءة عالية تسمح لهم بإدارة مثل هذه المؤسسات المدنية إلا أنها تبقى مهمشة،
بحيث توجد جمعيات تستفيد من تمويل جيد جدا ولا نرى نشاطها في أرض الواقع”.
وجاء عن أستاذ علم الاجتماع أن فقدان دور الوساطة يجعل الناس لا يثقون في الجمعيات، ولا يعبّرون عن آرائهم واحتياجاتهم لها، كما لا تمنح المسؤولين في الدولة حقيقة ما يجري لدى القواعد الشعبية. ومن ناحية أخرى، أكد محدثنا أن الجمعيات في بلادنا لا تملك روح المبادرة لجمع التبرعات وإنشاء شراكة دائمة مع المؤسسات، أو الحصول على تمويلات مستقلة عمّا تقدمه الدولة، مشيرا إلى أنها تبقى حركات ناشئة، حيث منحت الدولة الترخيص لتأسيس جمعيات المجتمع المدني، لكن تجربتها تبقى محدودة ولا يمكن أن تقدّم ثمارها في الوقت الحالي.
وإن غلق المجال وعدم السماح بوجود تمويل موضوعي يؤدي إلى اختفاء دور هذه الأخيرة في الميدان، مقابل التواجد الكثيف لها في قوائم وزارة الداخلية،
لهذا يلزم تسطير إستراتيجية واضحة تجاه الجمعيات التي تعتبر جزءا من المجتمع المدني.
مع التزام مسؤولي البلديات والولايات والوزارات المعنية بعدم منح التمويلات على أسس موضوعية، حيث أنه غالبا ما تدخل في العملية حسابات العمل السياسي والانتماء الجهوي والعائلي، وهو ما يجعل الجمعيات الراغبة في تغيير الوضع إلى أفضل مهمّشة، فيما تستفيد جمعيات أخرى من امتيازات وحوافز دون تقديم خدمات للمجتمع.
وما يحتم، ، “وضع إستراتيجية جادة، على غرار الدول الأجنبية والشقيقة السباقة إلى التجربة والتخلي عن إستراتيجية المصلحة”.
”، أن المنظومة الوطنية تحمل ترسانة من الجمعيات الفاعلة في الميدان، والتي تساهم في الدفاع عن الانشغالات الدائمة لبعض فئات المجتمع، كما تعطي للدولة، ، نظرة عن الواقع الاجتماعي للمواطن.
وبخصوص تمويل الجمعيات الناشطة، فالدولة تمنح دعمها للجمعيات الفاعلة التي تثبت جدارتها وأحقيتها في التمويل من خلال النشاط الدائم في الميدان، كما لا تمانع بدعم الجمعيات الناشئة التي تسعى للتموقع في الساحة ودعم رصيد حركة المجتمع المدني، إذا تأكدت الوزارة هذه الأخيرة قادرة على الاستمرار والعمل لفائدة المجتمع ككل.