أسرار بريس…رضوان المكي السباعي
قمنا في المحور الأول والذي حضي باهتمام واستحسان كبيرين من قبل القراء وآراءهم بالتحدث عن الأسوار المغلقة وماذا نقصد بها ، أيضا تحدثنا عن كل العوامل المؤدية لها ، من أسرة ومجتمع وحتى المؤسسات بما فيها العامة أو مؤسسات خاصة…
أما في هذا المحور الثاني فبدون شك سنتحدث عن الحجرات المظلمة والتي تحمل في طياتها أشياء مخيفة وغامضة ، وكيف نتمكن من انارتها وبالتالي الخروج منها ، أيضا هو خروج من الأسوار المغلقة في وقت واحد….
– الحجرات المظلمة:
إن أول ما يتبادر للدهن عند سماع الحجرات المظلمة هو تلك المصايب والمشاكل والعقد النفسية ، أيضا تلك الأسرار الخطيرة التي لا نريد أحدا أن يعلمها ، ولا نريد نحن أن يعلم مادمنا نعلم أن هذه الحجرات المظلمة في داخلها مخاوف وأسرار ولا نريد أن تفتح حتى نعبس ونخرج بمكنونات وأسرار النفس البشرية.
أيضا هذه الحجرات المظلمة أشياء كثيرة ممكن أن نتكلم فيها باستفاضة ، لكن هذفنا الأول والاسمى قبل هو :
أن كل شخص يدخل في مكنون ما بدواخله بغلق عينيه بتركيز كبير وأمانة شديدة مع نفسه ويقول:
– ماهي الحجرات المظلمة التي توجد بداخل حياتي ؟
– على ماذا تحتوي هذه الحجرات المظلمة التي بداخل حياتي ؟
– هل هناك ما يستصغر بنفسي أو نقطة ضعف لدي ؟
– هل هناك سلوكيات أو جرائم اقترفتها في حق نفسي ؟
– هل هناك شهوة او زنا محارم ؟ أو هناك سرقة ؟
– هل هناك حقد أو غضب مكبوت ؟
عدة تساؤلات نطرحها على أنفسنا الغرض منها معرفة كيف العيش بسلام ونجاح ، ومتصالحين مع أنفسنا. أما الإجابة فيملكها كل واحد داخل نفسه ، وانت مغلق عينيك سترى بوضوح ماذا يوجد في الحجرات المغلقة ، وماذا يوجد داخل الحجرات المظلمة…
أما الآن قم بفتح الباب وأدخل وافتح طاقة من النور كي تخرج كل الروائح الكريهة ، وتعود على مناقشة نفسك وواجه هذه المخاوف وواجه كل المشاكل بداخلك ، وقبل أن تلعن الضلام وتعود وتغلق الحجرات المظلمة اضىء شمعة بشرط أن تكون شمعة علم ، شمعة الإيمان شمعة الصراحة وشمعة الوضوح ، مع الرجاء أن كل واحد منا وجب أن يدخل من داخل أعماقه واعماق نفسه بمنتهى الصراحة والقوة المقرونة بمواجهة نفسه قبل مواجهة الآخرين ، واعمل الحوار الداخلي مع نفسك لأنه الوقت قصير والمنافسة شديدة ، فإن لم تستطع مواجهة الظلام الموجود فيك ، فلن تستطيع أن تنير وستسجن في هذا الظلام ووسط قبر مظلم مع ظلماتك.
صحيح أن الأسرة والمجتمع ، حتى العنف الممارس بداخل المؤسسات المجتمعية قد شوهت صورتنا وحولتنا إلى أشخاص يغلب عليها التردد والخوف، والعقد النفسية والمشاكل ، فقد اترت فينا هذه العوامل ، وما يحز في النفس أنها حولتنا إلى مسجونين وخلف السجن طبعنا على أن نأخذ في الجميع حول هذه الأسوار المغلقة عبر الإنتقام الطبيعي، باعتبار أن أغلب كل واحد مشوه يريد إسقاط الآخرين ووقوعهم في نفس ما وقع فيه هو ، حتى أنه ياخدهم في داخل هذه الأسوار ويسجنهم معه كتعبير مرضي نفسي ومعقد أنه ليس وحده المجرم أو الفاسد وهو إحساس ساءد وغير طبيعي.
إذن: فمن الطبيعي أن تحدت أشياء غير طبيعية عمت مختلف الأوطان والاقطار ومن مختلف الأعمار والأصناف ، داخل النفس البشرية وما تحمله من حقد على الآخرين الغير المدمنين أو غير الفقراء أو أشياء من هذا القبيل…
وكل التأكيد أن الإنسان المريض لا يرتاح حتى يجدم الآخرين… وكأن العنصر البشري أصبح شيطان رجيم…
طبعا العديد من الأمثلة تكون مؤدية بالشخص إلى حالات ونتائج ، ويتم تحويله من سجين للواقع المعاش إلى سجين رسمي بمؤسسة سجنية نتيجة أعماله حتى تفيده في تأهيل الشخص بعد مثوله أمام القضاء وبعد وقوعه في جرم ، فيزيد من تأهيله بالسواد الأعظم. اللهم إلا إذا كانت بداخل هذه المؤسسة تحضرا كبيرا تعتمد فيه تقارير عن هذا الشخص تتمكن من تأهيله وإصلاح ما يمكن إصلاحه عكس الدول النامية بما فيها العربية من سجون ياخد منها السجين أحقاد أخرى تبعته منهكا ومحطما نفسيا وجسمانيا فيتحول إلى وسيلة خطيرة وفيروسا على نفسه وعلى مجتمعه .
أيضا فتوفر كوادر العلاج النفسي والسلوكي من الحاجيات واللوازم الضرورية لتأهيل الأشخاص في وطننا العربي بوجه خاص…
السؤال الأول :
– كيف نفتح هذه الأسوار المغلقة ؟
لو تحدثنا عن نماذج من مسجونين تضرب بهم الأمثلة في العفة والذين اغنو الخزانة البشرية وتاريخها الإنساني على سبيل المثال لا الحصر،
نتكلم عن لينسون مانديلا ، نتكلم غاليلو ، نتكلم عن أسماء عديدة عرب أو ليسو عرب ذخلوا السجون وبعد السجون اناروا واصلحوا…
إذن ففتح الأسوار والقيود تحتاج منا إلى شجاعة واقتناع بأن بإمكانية تجاوز ما بداخلنا من أسوار أو من عقد نفسية أو من سلوكيات مريضة ونقفز بقوة خارج هذه الأسوار المغلقة من ( خيانات وجرائم ووشايات وانانية وإحباط وخذلان… ) ، فهذا أكبر جهاد عند أي نفس بشرية ، والاقتداء باعلام صنعت بعض الأشخاص أسوار لهم ، ولكن هذه الأسوار لم تأخذ من أخلاقهم وعزيمتهم لانهم تربوا في وسط وقاعدة طاهرة خالية من الشوائب منذ نعومة اظافرهم
هنا نقتدي بالنبي الذي ذكر عند جميع الأديان الصديق يوسف عليه الصلاة والسلام.
فيوسف سجن ضلما خلف الأسوار وبوشاية من إمرأة عزيز مصر ، ثم مكت خلف تلك الأسوار سبع سنين ، ولأن تربيته سوية أثناء طفولته وجمال خلقه غير سلوك السجناء معه ، خلق نماذج داخل السجن من السجناء سيعودون مع يوسف الصديق بالفضل والخير الكتير على مصر بعد فترة السجن آنذاك…
السبب أنه كان ينير حجرته السجنية والمظلمة بالتعبد للخالق ففي التصالح والاتصال مع الخالق تصالح مع من في السماء والأرض في وقت واحد.
وبقدرة قادر تحول النبي يوسف من ضلمات حجر السجن إلى الرجل الثاني في أكبر الإمبراطوريات التي مرت عبر التاريخ ، حيت قاد مصر وقاد العالم بتدبير تلك الفترة العصيبة التي عاش فيها ( فترة المجاعات ).
السؤال الثاني :
– متى ننير الحجرات المظلمة ؟
في أي زمان وفي أي مكان من الأرض بدءا من الآن بمعنى
إذا أردت أن تنير حجراتك المظلمة فقلنا فيما سبق أغمض عينيك ، وخاطب قلبك ووجدانك ، وما هو سبب مضايقاتك وما هي مشاكلك. ؟؟؟
استعد للتغيير وتجاوز كل ماضيك الأسود ، وقم بتغيير أفكارك بالتشبت بالأمل بذل الألم واصفح واعفو وأحب واتحب…
الآن هو وقت مثالي أن ننير حجراتنا المظلمة حتى نصنع الفارق بين الحاضر والماضي ، ونصنع الفارق أمام الآخرين وأمام المجتمعات المتقدمة اقتداء بقول الله تعالى على لسان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم… “
وتبقى الحياة الأفضل رهينة بالقضاء على السجون و الأسوار التى تخفي مفاجآت وتحولات بداخلنا .
ختاما لهذه المحاضرة أو بتقديم الشكر الخالص لكل من ساهم في هذا العمل ونذكر:
أسماء أبو لاشين
ميرفت شرف الدين
سعاد صاحب
المشرفين على مركز الدراسات الإنسانية القبائل العربية
والشكر الخاص لمقدم المحاضرة
المستشار وجدي سيفين المختص في مواضيع التنمية البشرية عبر برامج في مختلف الدول العربية والغربية منها برنامج
www.kawadir.com