،،سلايدمجتمع،

مدينة تارودانت نموذج للمدن التاريخية العريقة في الصناعات التقليدية … الصناعة الجلدية نموذجا (1)

اسرار بريس……أحمد الحدري 

قد تنتشر الصناعة التقليدية بكثير من المراكز والمدن ،لكن قليل منها  من يملك حظا في العراقة.

   يكاد يجمع كل المهتمين على أنه لا يمكن اطلاق اسم العريقة أو التاريخية على بعض المدن الا اذا كانت بعض الحرف والصنائع متجدرة بها ولها عمق تاريخي يمتد الى البدايات الأولى للوجود البشري بها .

أحد هذه المدن المغربية التي تتواجد بجهة سوس وسط المغرب والتي تستحق بلامنازع إسم المدينة العريقة أو التاريخية هي مدينة تارودانت،فقد عرفت منذ العصور القديمة ازدهار بعض الحرف والصنائع التي لا غنى للإنسان عنها ،ومن بينها الصناعات الجلدية التي تتفرع منها كل المنتوجات التي يستعملها الانسان في حياته اليومية من ألبسة وأحذية وأفرشة وأريكة متنوعة الأشكال والأحجام .

فقد اقترنت شهرة هذه الصناعة بمدينة تارودانت بالأهمية الجغرافية التي كانت تشغلها المدينة في العصور القديمة باعتبارها ممرا ومركزا تجاريا ربط شمال المغرب بافريقيا والصحراء ،كما أن موقعها أهلها لتكون الانطلاقة الأولى للدولة السعدية مما جعل منها قطبا سياسيا وحضاريا وتجاريا ومنطقة جدب لكثير من الصناعات والفنون التي ستنتشر منها الى باقي المناطق والجهات الأخرى ،وأخص بالذكر هنا الصناعات الجلدية المختلفة التي حتمت خلق دار للدباغة كوحدة انتاج ضرورية لمد الصناع التقليدين بالمواد الجلدية المعدة للاستعمالات المختلفة ومن أهمها الأحذية بكل أنواعها .

في تارودانت اليوم التي تصارع فيها هذه الصناعة التقليدية والمهمة من أجل البقاء بسبب المنافسة الشديدة التي تواجهها من قبل المنتوجات العصرية المستوردة أو المصنعة وطنيا  ،يأبى المعلم سليمان الخراز صانع الأحذية الجلدية بزنقة الخرازة المؤدية للرحبة القديمة إلا أن يكافح بإصرار أمام طوفان عولمة الانتاج  الصناعي الذي غزى أسواق ومحلات المدينة ،شعاره الدائم هو الإثقان والجودة في صناعة السندلة الرودانية التقليدية التي لا ينازعها في جودتها أي منتوج آخر مهما اشتد لمعانه وبريقه، فهي لاتزال حتى اليوم تتوفر على زبناء مخلصين لها،وآخرين ممن اكتشفوا زيف الصناعات الجلدية العصرية فرجعوا لهذا المنتوج التقليدي الجميل والصحي المصنع محليا بإثقان .

حين تدخل محل لمعلم سليمان تشعر وكأنك في محراب ،لكنه محراب صناعة تمتد في أعماق التاريخ المغربي، كل شيء يوحي  فيه للزمن الجميل الذي اشتهر بإثقان الصنائع،وجودة المنتوج الذي يعمر طويلا .فمرحبا بكم في محل لمعلم سليمان الخراز لصناعة وبيع الأحذية والسندلة الجلدية الممتازة وبأثمنة مناسبة بزنقة الخرازة المؤدية للرحبة القديمة . وكل رمضان كريم وصناعتنا وصناعنا التقليديين بألف خير .

الأربعاء :04رمضان1443ه/06 أبريل 2022

 *بقلم :أحمد الحدري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى