اسرار بريس…بقلم :محمد سرتي
أسواق جمع سوق، وهو المكان المعد للتجارة، والسوق يمكن أن يكون قارا أو مؤقتا، كبيرا أو صغيرا، كما يمكن أن يكون قائما في ساحة أو في طريق رئيسية أو خارج أسوار المدينة.
وتجدر الإشارة أن تارودانت لازالت تحتفظ بأسماء أسواقها القديمة حيث تَذكر المصادر أن بالسوق الكبير المعروف بسوق البلد كما ذكره التمنارتي في الفوائد الجمة، أسواقا متنوعة تنتظم داخله حسب الاختصاص، نذكر منها: سوق البقالين وسوق العطارين وسوق الغزل وسوق الخضارين وسوق السكر وسوق الصابون وسوق الجزارين وسوق الصفارين وسوق الصياغين المعروف بسوق أهل الذمة وسوق الجوطية وسوق السراجين وسوق الحلايسية وسوق الخياطين المعروف بسوق القشاشبية وسوق الطرازين وسوق الجلد وسوق الشوائين المعروف بسوق (الفحل) وسوق الطرافين المعروف بسوق الخرازين البالي وسوق (الجوالق) وغيرها.
وببراح أساراك في جهته الجنوبية كانت توجد سوق الزيت المعروفة بقاعة الإدام ونوايل الزيت، وببراح سيدي وسيدي سوق الحبوب قبل أن تتحول إلى جنان الجامع.
وبأزقة المدينة وطرقها الرئيسية عدة أسواق منها سوق الحدادين بطريق الحدادة شرق أساراك، وسوق الفحم بطريق المارشي القديم.
وخارج المدينة بباب الخميس كانت تعقد سوقا أسبوعية قال عنها دييكو دي طوريس منتصف القرن السادس عشر الميلادي (ويقام كل يوم خميس سوق قرب المدينة يقصده جميع سكان المملكة لبيع وشراء القمح والشعير والغنم والدجاج والصوف والملح … وفيه أيضا كثير من ريش النعام والعنبر وكمية وافرة من السكر ).
كما تردد بالحوالة الحبسية لمدينة تارودانت ذِكر سُويْقة قديمة بمفرق الأحباب بها دكاكين من محبسات السلطان عبد الله الغالب السعدي على المسجد الجديد هناك في شهر شعبان 978هـ
وفي سنة 1911م الرحالة الفرنسية لاشاريير تصف سوقا بتارودانت إذ تقول في يومياتها: (لنصل إلى قلب المدينة، خرجنا من الملاح عبر باب آخر ومررنا بفندق مليء بالسلع … الشوارع واسعة خاصة بالسوق، وكان الأهالي يجلسون قرب سلع مكومة على الأرض من مختلف الأنواع والأحجام).
وكان التجار في أسواقهم منتظمين في هيآت يراقبها المحتسب تحت أنظار القاضي، وكانت محلاتهم منفصلة عن دورهم السكنية فلا تجد مسكنا به حانوت أو ورشة كما هو سائد اليوم.
هذا التنوع في الأسواق وفي المنتجات الحرفية والصناعية، جعل مدينة تارودانت سوقا كبيرة وقبلة مقصودة من تجار أوروبا الذين يفدون إليها عبر شواطئ سوس، ومن سكان الجبال والسهول ومن أطراف الصحراء والسودان ومدن الشمال لتبادل البضائع والسلع وصرف المحاصيل الزراعية والحيوانية والصناعية واقتناء الحاجيات المختلفة.
ولاشك أن هذه الأسواق عرفت انتكاسات وغلاء في الأسعار في فترات من تاريخ المدينة بسبب الحروب والفتن والأوبئة التي ألمت بها، نذكر من ذلك ما رواه محمد بن عبد الرحمن التلمساني في مقيداته عن حصار آل يحيى وأتباعهم من أهل السهل والجبل لتارودانت في شهر شوال عام 1170هـ حين قال: (وقام المحاصرون فقلبوا سوق الخميس المعروف للمدينة من عهد الشرفاء قدس الله أرواحهم سوقا لهم بين حصونهم مدة تقرب من سنة، والناس لا يخرج ولا يدخل إلا من خاطر ليلا بنفسه وماله).