اسرار بريس…
كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن عدد من الاختلالات بأسواق الجملة بالمغرب، سواء في التنظيم أو التجهيزات أو نمط التدبير.
واعتبر المجلس، في رأيه حول تسويق المنتجات الفلاحية، أن التشخيص الذي أجراه القطاعان الوزاريان المكلفان بالتجارة والصناعة والفلاحة لأسواق الجملة عن عدة مكامن ضعف، تتعلق على الخصوص بطريقة التدبير ووضعية التجهيزات والمنظومة الجبائية، ونقص احترام قواعد النظافة والصحة والسلامة.
وأشار مجلس الشامي إلى أن بلادنا يتواجد بها 38 سوقا للبيع بالجملة، موزعة على 32 إقليما وعمالة، ويتألف الفاعلون الذين يرتادون أسواق الجملة، حسب المصدر ذاته، من 3700 منتج و4600 تاجر جملة و374 وكيلا و20 ألف مستخدم، من عاملين لدى الجماعات ووكلاء وتجار جملة وحمالين وغيرهم.
وتتجلى أبرز الاختلالات التي جرى رصدها، حسب المجلس ذاته، تجاوز حجم منتجات الفواكه والخضر التي يتم بيعها في السوق الداخلية الوطنية 9 ملايين طن، فيما يمر 5.3 مليون طن فقط منها عبر أسواق البيع بالجملة، ويباع الباقي في الأسواق، فيما أشار المجلس إلى أنه يتوقع أن تتسع هذه الحصة التي يتم تسويقها في الأسواق الموازية خلال السنوات المقبلة بالنظر إلى الارتفاع المطرد في إنتاج الفواكه والخضر.
كما انتقد المجلس الإطار القانوني الذي وصفه بـ”المتقادم” حيث يعود إلى سنة 1962، وأصبح اليوم، حسب التقرير، غير مناسب ويعيق تنافسية سلاسل الإنتاج الفلاحي، معتبرا أن تقادم النصوص التشريعية المؤطرة لتنظيم واستغلال أسواق الجملة وعدم ملاءمتها للتحولات الاقتصادية والاجتماعية يشكل عقبة كبرى تحول دون تطوير منظومة تسويق سليمة وعادلة وعصرية، وهو ما ينعكس سلبا، يضيف المجلس، على جاذبية أسواق الجملة ويشجع على التعاطي للأنشطة التسويقية غير المهيكلة واللجوء إلى القنوات الموازية.
وسجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ارتفاع نسبة الإتاوة التي يتلقاها القائمون على تدبير السوق والمحددة في 7 في المائة من المبلغ الإجمالي لمبيعات الفواكه والخضر بالجملة، إذ تذهب 2 في المائة منها، حسب المصدر ذاته، للوكلاء لكن دون تقديم خدمة حقيقية في المقابل.
ومن أبرز الاختلالات المرصودة، البنيات التحتية البسيطة للغاية التي لا توفر، حسب التقرير، إلا عددا قليلا جدا من الخدمات، باستثناء بعض الأسواق، حيث إن حوالي 20 في المائة من الأسواق أي 7 أسواق لا تتوفر على أي بنية تحتية (أرض عراء أو أكواخ من القصب في أفضل الأحوال(.
وحسب المجلس أيضا، فإن 45 في المائة من الأسواق أي 17 سوقا تتجسد فيها البنيات التحتية الموجودة في أروقة البيع المغطاة فقط، فيما لا تتوفر 63 في المائة من الأسواق، أي 24 سوقا، على مخازن مبنية بالطوب ليستعملها تجار الجملة.
ويبلغ رقم المعاملات الذي تحققه أسواق الجملة سنويا، حسب المصدر ذاته، حوالي 7 مليار درهم، أي ما يعادل تسويق 3.5 مليون طن من المنتجات، مضيفا أن هذه الكمية لا تمثل سوى 33 في المائة من إجمالي الإنتاج الوطني للخضر والفواكه، فيما تبلغ مداخيل الجماعات المتأتية من تحصيل الرسم على رقم المعاملات بأسواق الجملة حوالي 350 مليون درهم سنويا، فيما شدد المجلس على أن ظروف السلامة الصحية غير الملائمة التي تشهدها أسواق الجملة، تتسبب في تدهور ملحوظ في جودة المنتجات التي تمر عبر هذه الأسواق.
ونقل مجلس الشامي عددا من التوصيات لإصلاح أسواق الجملة بالمغرب، كان قد اقترحها القطاع الحكومي المكلف بالصناعة والتجارة سنة 2010 بشراكة مع قطاعي الداخلية والفلاحة، من بينها تقليص عدد أسواق الجملة من 38 إلى 34 سوقا، منها 25 سوقا استهلاكيا و9 أسواق مختلطة، مع ضرورة تيسير ولوج الساكنة والمنتجين إلى الأسواق.
ومن بين المقترحات المقدمة أيضا، وضع بنيات تحتية عصرية وملائمة تستجيب للمعايير الدولية، وتوفر منتجات متعددة كالفواكه والقطاني واللحوم وغيرها، وأنشطة متعددة كمستودعات التخزين المبرد، جمع النفايات، الخدمات الإدارية وما إلى ذلك، مع وضع هيكلة مؤسساتية تقوم على إشراك الجماعات المحلية والفاعلين العموميين والخواص.
ومن بين التوصيات المقترحة أيضا، فصل مصادر الدخل عن حجم المبيعات من رسوم الاستغلال الأول للمتجر، رسوم الدخول والإتاوات فضلا عن وجيبة الكراء التي يدفعها الفاعلون المكلفون بالخدمات المفوضة، مع ضرورة استبدال الرسم الحالي المفروض على بيع الفواكه والخضروات بالجملة الذي يبلغ في المائة من إجمالي مبيعات الفواكه والخضروات بطرق جديدة منفصلة عن المبيعات.
وأكد المجلس على ضرورة عصرنة وظيفة الوكلاء بأسواق الجملة وضـع قانـون أساسي لوكلاء أسواق بيـع الخضر والفواكه بالجملة وأسواق السمك الكائنة بدائرة الجماعات الحضرية وكذا وضع نظام خاص بتلك الأسواق، يحدد بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها، إضافة إلى التخفيف من إلزامية المرور عبر أسواق الجملة، من خلال العمل، في حالات معينة ووفق شروط محددة، على إحداث منصات للتوزيع والتعبئة، بمبادرة من الفاعلين الخواص.
وتتطلب عمليات إصلاح منظومة أسواق الجملة، حسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بما في ذلك إعادة التأهيل أو إعادة التوطين أو إحداث أسواق جديدة، غلافا ماليا إجماليا يبلغ حوالي 90 ملايير درهم، مشيرا إلى أنه تجري حاليا المصادقة على مشروع إصلاح هذه الأسواق مع الجهات، حسب خصوصياتها وكذا صلاحياتها المحددة في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهوية المتقدمة.
أما بالنسبة للجهات التي لديها أكثر من سوق جملة واحد، فإن اختيار سوق الجملة من الجيل الجديد الذي سيتم إحداثه خلال الفترة 2020-2030، ينبغي أن يحدد ويعتمد، حسب المجلس، على المستوى الجهوي، بالتشاور مع قطاعي الداخلية والصناعة والتجارة والشركاء الجهويين.