اسرار بريس….بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،يناير،2021(مقال02)
بعد مقالي السابق والذي تجاوز عتبة العشرين ألف متابع، عبر لي متصلون على الخاص عن تعطشهم لمثل هذه المواضيع، فيما إستغرب آخرون كيف لإشتراكي أن يكتب في التصوف والعرفان،
وبين شكر المتصلين المتعطشين لكلام المحبة، وبين تجاهل المستغربين من موضوع الكتابة، اواصل رحلة المقالات بمقالي الثاني عن الفلاح والصلاح، وكلي امل أن يكون كلامي مرشدا للنفوس وسكينة للأرواح وتقربا من الخالق بمحبة المخلوق:
من تجدهم في طريقك، أو تصادفهم في مسارك، أو تحتك بهم في وجودك، فهم بكل تأكيد لم يلتقوك بمحض صدفة، ولا هم قدر من صنع يديك،
فلا كائنة تلتقيها وتصبح زوجتك، ولا كائنة تختبرها وتصبح سكرتيرتك، ولا كائنة تخطط لتكون معك فتكون لك أو لغيرك،
الأمر في الأول والأخير ليس إختيارا، بل هو بسلطة الخالق الباري قضاء وقدر،
فلا الأماكن ولا الشخوص ليست تدبير مخلوق، بل قدرة خالق،
فلا تتعب نفسك كثيرا في فهم كل من حولك، يكفيك ان تفهم نفسك، وأن تدرك كنه نفسك وحكم الخالق في خلقك،
أول خطواتك في اليوم صلاة فجر وصبح، و كلاهما شكر للخالق انك أصبحت، فغيرك نام ليستيقظ فطال نومه إلى الأبد،
وفي صلاتك رجاء يوم، او تطلُع اسبوع، او رجاء ذهر، وكلما تكررت صلاتك وتكرر مطلبك كان ربك لك مجيبا فهو قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه،
القدر رسم خط الإزدواجية وحكم بحكم التلاقي، فالذكر للأنثى، وكلاهما سر الوجود،
والشمس و القمر يتعاقبان، ويشكلان الليل والنهار، وبحكم التلاقي بين الفينة والأخرى يلتقيان في نظام كوني له ظواهر كالكسوف والخسوف
القلب بكل جوارحه زاده إبتسامة وحضن وتضحية،
و العقل بل كل خطواته زاده الفهم و التفهم والقابلية،
وبين القلب والعقل خونة واوفياء، خداعون و مطاوعون ، خلف وسلف، ماض و مستقبل مأمول،
الخالق هو الله، و المخلوق انا وأنت،
فلا تفقد ثقتك في الله، ولا تحكم على جيوش المتقين فيما يصرفونه في حكم الله.
إجعل من تصادفهم أقدار الخالق في طريقك يسعدون بعبورك في حياتهم، تاركا بصمة في عالمهم، وإفتح قلبك لهم كفؤاد لا تغرب شمسه ولا ينطفئ نور قمره،
إن الإدراك هو طريق المدارك، و الإيمان هو مفتاح القلوب، والإحسان هو مجنب العثرات، و الواقي من الزلات، فلا تجعل نفسك تطغى على روحك، فأجمل ما في الإنسان روحه، وأقبح ما في الإنسان نفسه، فإن رودها كانت له سكينة، وإن راودته فقدته إنسيته وزرعت في ذاته الضغائن والاحقاد،
في هذه الدنيا الفانية مسالك ومتارس، فإسلك طريق الخير ترفع المتارس و تفتح المسالك، ولا تنسى أن مناديا يناديك في اليوم خمس مرات بعدد أصابع اليد الواحدة يقول لك: حيا على الفلاح
فإن تاهت بك الدروب وإختنقت نفسك بين جدران البيوت، فعد خطواتك إلى بيت الله تناجي السكينة و تغرف من الفلاح، و كل فلاح هو دليلك في طريق الصلاح،
.
وانت في بيت الله تناجيه وتستغفره، لا تخرج منه وفي نفسك ميول للمعصية فلا خير في صلاة لا تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر،
فأصل النفس الفساد، و أكثر ما يغضب الله عبدا يهيم في الدنيا فسادا يهلك الحرث والنسل، وأكثر ما يقرب المخلوق من الخالق حسنة جارية، و قلب عامر بالإيمان، وروح تتطهر بالصلاة والدعاء و الإستغفار،
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 – 206]
صدق الله العظيم،
فهل تعتبرون؟