سلايد،،مجتمع

تارودانت=النص الكامل لكلمة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمناسبة الذكرى ال 68 لثورة الملك والشعب التي ألقاها السيد أحمد الخطابي مدير فضاء المقاومة بتارودانت

اسرار بريس….

بسم الله الرحمن الرحيم…..

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

– السيد العامل؛

– السيدات والسادة أعضاء الهيئات الإقليمية بتارودانت؛

الحضور الكريم.

يخلد الشعب المغربي قاطبة ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير في أجواء طافحة بأسمى القيم الوطنية، مفعمة بالحماس الفياض والتعبئة الموصولة، ذكرى ملحمة ثورة الملك والشعب الخالدة التي تعد من الذكريات الوطنية المجيدة التي كتبها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز واحتفظت بها ذاكرة الأجيال المتعاقبة لتستلهم منها الدروس والعبر وتمتح منها قيم الروح الوطنية والمواطنة الايجابية والمثل العليا..

نحتفي اليوم بهذه الذكرى وبلادنا تعيش كسائر بلدان العالم ظروفا دقيقة واستثنائية جراء تفشي جائحة كورونا كوفيد 19، وما اتخذته بلادنا من إجراءات وتدابير للحد من تأثير هذا الوباء الفتاك اقتصاديا واجتماعيا على المواطنين والمواطنات، وهو ما أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في خطاب العرش يوم 31 يوليوز 2021 بقوله: ” إنها مرحلة صعبة علينا جميعا، وعلي شخصيا وعلى أسرتي، كباقي المواطنين، لأنني عندما أرى المغاربة يعانون، أحس بنفس الألم، وأتقاسم معهم نفس الشعور.

ورغم أن هذا الوباء أثر بشكل سلبي، على المشاريع والأنشطة الاقتصادية، وعلى الأوضاع المادية والاجتماعية، للكثير من المواطنين، حاولنا إيجاد الحلول، للحد من آثار هذه الأزمة.

وقد بادرنا، منذ ظهور هذا الوباء، بإحداث صندوق خاص للتخفيف من تداعياته، لقي إقبالا تلقائيا من طرف المواطنين.

كما أطلقنا خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد، من خلال دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة المتضررة، والحفاظ على مناصب الشغل، وعلى القدرة الشرائية للأسر، بتقديم مساعدات مادية مباشرة.

وقمنا بإنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار، للنهوض بالأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل مختلف المشاريع الاستثمارية”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

نعم،إنها ذكرى حدث تاريخي جيلي ونوعي جسد بحق أروع صور التلاحم الوثيق بين العرش والشعب، بين القمة والقاعدة في سبيل عزة الوطن وكرامته والذود عن حريته واستقلاله وسيادته ووحدته، تلكم الملحمة البطولية العظمى التي اندلعت شرارتها يوم 20 غشت 1953 حينما امتدت أيادي المستعمر الأثيمة إلى أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه لنفيه هو وأسرته الملكية الشريفة وإبعاده عن عرشه وشعبه ووطنه.

لقد كانت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب تتوهم أنها بفعلتها النكراء ستخمد شعلة الكفاح الوطني وتفصم عرى الترابط المتين بين عرش أبي وشعب وفي؛ إلا أن كيدها رُدَّ في نحرها فكان هذا الاعتداء الآثم على العاهل المفدى بداية النهاية لوجودها. وهكذا وقف الشعب المغربي صامدا في وجه المستعمر ومناوراته ودسائسه مسترخصا أغلى وأجل التضحيات في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية وصون الشرعية والمشروعية التاريخية، وبرهن الميثاق التاريخي بين الملك المجاهد وطلائع الحركة الوطنية على قوة الإيمان وعمق الغيرة الوطنية والروح النضالية وسمو الالتزام والوفاء بين العرش والشعب.

وكما تعلمون، فمنذ أن تولى جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه عرش أسلافه المنعمين في يوم 18 نوفمبر من سنة 1927، تبلورت قناعته الراسخة في الاضطلاع بمهام النضال الوطني الذي خاض المغرب غماره منذ فرض عقد الحماية سنة 1912، متشبثا بالقضايا المشروعة والمصالح العليا ومدافعا عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية ووحدته الترابية. وهكذا برز جلالته رائدا للحركة الوطنية، وتجلت مظاهر هذا الالتحام في عدد من المحطات النضالية كمناهضة سياسة التفرقة والتمييز العنصري التي كان المستعمر يحاول فرضها على الشعب المغربي من خلال إصدار ما سمي بالظهير البربري في 16 ماي 1930 ، وفي تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، هذه الوثيقة التي تم إعدادها بتشاور وتناغم مع جلالته وبتنسيق محكم بينه والتزاما بالميثاق التاريخي بين الملك المجاهد وقادة الحركة الوطنية.

وتجسدت الأواصر القوية والإرادة الحازمة للعرش والشعب في الرحلة الملكية التاريخية إلى طنجة في 9 أبريل 1947، التي ترمز للوحدة الوطنية وخطاب جلالته التاريخي الذي أكد فيه على وحدة المغرب ومطالبته باستقلاله وانتمائه لمحيطه العربي والإسلامي وإصراره على التصدي للمخطط الاستعماري الرامي إلى تذويب الهوية الوطنية وطمس الشخصية المغربية، ووصلت المواجهة أوجها حينما أقدم المستعمر على نفي رمز السيادة الوطنية في مثل هذا اليوم من سنة 1953.

إثره، هبّ الشعب المغربي عن بكرة أبيه مبادلا تضحية ملكه الهمام بالتضحية والوفاء بالوفاء وأعلنها انتفاضة عارمة فداء للعرش ودفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية. وهكذا تفجرت حركة المقاومة والفداء واشتد وطيسها واتسعت دائرة عملياتها وتشكلت خلاياها وتنظيماتها التي أقسمت وآلت على نفسها تحقيق هدف واحد هو عودة الملك الشرعي إلى عرشه وتحقيق استقلال البلاد.

واستمر النضال وتوالت العمليات الفدائية في المدن كما في البوادي، وتكللت هذه العمليات البطولية التي اتسع مجالها وتقوى ايقاعها وتأثيرها بالانطلاقة المظفرة لجيش التحرير ليلة فاتح و2 أكتوبر 1955 بمناطق الشمال وبالجهة الشرقية من الوطن.

وفي هذا المسار المقدس الذي التحم فيه العرش والشعب وهذه العروة الوثقى التي جمعتهما على درب النضال من أجل السيادة الوطنية، تحقق النصر المبين وعاد الملك المجاهد وأسرته الشريفة إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955 مظفرا منصورا، معلنا إشراقة شمس الحرية والاستقلال والانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر مرددا قول ربنا تبارك وتعالى: ” الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور”.

وقد حرص جلالته على أن يستحضر هذه اللحظات المجيدة من سجل ملحمة العرش والشعب، بعد عودته من المنفى، منوها بأبطال المقاومة وجيش التحرير ومشيدا بما قدمه الشهداء منهم والأحياء للوطن من جسيم التضحيات وجليل الخدمات عندما قال رحمة الله عليه في خطابه التاريخي وهو يقف بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء في 18 يونيو 1956: “لقد كنا في منفانا، شهد الله نتلهف شوقا إلى أخبار مقاومة أبطالنا، فكانت هي أنيسنا في نهارنا وسمرنا في ليلنا، وكان يقيننا راسخا في أن تلك المقاومة، وقد كنا أول من حمل مشعلها، ستظل تستفحل يوما بعد يوم حتى تستأصل جذور الباطل، وها نحن نستظل بدوحة الحرية التي غرسناها وسقاها فدائيون بزكي دمائهم”.

وأبرز جلالة المغفور له الحسن الثاني أكرم الله مثواه معاني الاعتزاز والبرور بهذه الملحمة الخالدة واستحضار فصولها وأطوارها النضالية وانتصاراتها الباهرة بإشارة قوية ومعبرة في خطابه السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1969، قائلا :’أسعدني الحظ أنني شاركت والدي سنين وسنين في عراكه وكفاحه وفي منفاه وفي انتصاره ورجوعه’.

إنها حقا ملحمة خالدة وحدت إرادة ملك وشعب لتصنع الأمجاد والبطولات وتحقق الروائع والانتصارات. وتواصلت مسيرة الكفاح الوطني لاستكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية بعودة منطقة طرفاية إلى الوطن في 15 أبريل من سنة 1958م، واسترجاع مدينة سيدي افني في 30 يونيو من سنة 1969، لتتكلل هذه الملحمة البطولية بتحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة من الصحراء المغربية بفضل ثورة ملك وشعب جديدة ومتجددة تجلت في المسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني، تلكم المسيرة التاريخية التي بلورت فلسفة جديدة في العلاقات الدولية ونهجا حكيما وفريدا في النضال السلمي لاستعادة الحق المسلوب وتحقق الهدف المنشود بجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية في 28 فبراير 1976. وباسترجاع اقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979 في سياق تحقيق الوحدة الترابية واستكمال الاستقلال الوطني.

وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير لتغتنم هذه اللحظات المفعمة بمشاعر الحماس الوطني الفياض وبالأجواء الغامرة لتخليد الذكرى 68 لملحمة ثورة الملك والشعب الخالدة، والتي تقترن واحتفال الشعب المغربي بالذكرى الثانية والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه المنعمين، لتجدد تعبئتها المستمرة ووقوفها الثابت تحت قيادته الحكيمة والمتبصرة من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية المقدسة وتثبيت المكاسب الوطنية. كما تؤكد دعمها وتأييدها للمبادرات الملكية الوجيهة والسديدة الداعية للرقي بالإنسان المغربي وتنمية البلاد وتثبيت أسس المجتمع الحداثي والديمقراطي والمؤسساتي وترسيخ العدالة الاجتماعية وتعميم الحماية الصحية والاجتماعية وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية والبيئية، وفي هذا المضمار نستحضر ما ورد في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في 13 أكتوبر 2017، حيث يقول جلالته: “إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا، يشهد به العالم، إلا أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

وعلى ذات المنوال وبنفس العزيمة والإصرار، يواصل جلالته حفظه الله حمل مشعل ولواء إعلاء صروح المغرب الجديد وارتقائه في مدارج التقدم والرفعة وترسيخ دولة الحق وسيادة القانون وتوطيد دعائم الديمقراطية وتطوير وتأهيل قدرات المغرب الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، في أجواء من التماسك والتلاحم بين مكونات وفئات الشعب المغربي، وهو ما أكد عليه جلالته بمناسبة الذكرى 66 لثورة الملك والشعب، في 20 غشت 2019، حيث يقول: “لقد حرصنا على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية، الغاية الأساسية منها. واعتمدنا دائما، مقاربة تشاركية وإدماجية، في معالجة القضايا الكبرى للبلاد، تنخرط فيها جميع القوى الحية للأمة. وهذا ما نتوخاه من إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي؛ التي سنكلفها، قريبا، بالإنكباب على هذا الموضوع المصيري”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

ومن أجل بناء الإنسان وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة، يقول جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية في 9 أكتوبر 2020: “ترتكز خطة إنعاش الاقتصاد على صندوق الاستثمار الاستراتيجي، الذي دعونا لإحداثه. وقد قررنا أن نطلق عليه اسم “صندوق محمد السادس للاستثمار”.

ويضيف جلالته “إننا نحرص دائما على تلازم تحقيق التنمية الاقتصادية، بالنهوض بالمجال الاجتماعي، وتحسين ظروف عيش المواطنين، لذلك، دعونا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة. وهو مشروع وطني كبير وغير مسبوق…

ولهذه الغاية، ندعو للتشاور الواسع، مع جميع الشركاء، واعتماد قيادة مبتكرة وناجعة لهذا المشروع المجتمعي، في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف، على أنظمة الحماية الاجتماعية”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

والمناسبة سانحة للوقوف على مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش المجيد يوم 31 يوليوز 2021، حيث قال جلالته: “إن عيد العرش، الذي نخلد اليوم، بكل اعتزاز، ذكراه الثانية والعشرين، يمثل أكثر من مناسبة للاحتفال بذكرى جلوسنا على العرش.

فهو يجسد روابط البيعة المقدسة، والتلاحم القوي، الذي يجمع على الدوام، ملوك وسلاطين المغرب بأبناء شعبهم، في كل الظروف والأحوال…

ويضيف جلالته: “المغرب دولة عريقة، وأمة موحدة، تضرب جذورها في أعماق التاريخ. والمغرب قوي بوحدته الوطنية، وإجماع مكوناته حول مقدساته.

فهو قوي بمؤسساته وطاقات وكفاءات أبنائه، وعملهم على تنميته وتقدمه، والدفاع عن وحدته واستقراره.

إن هذا الرصيد البشري والحضاري المتجدد والمتواصل، هو الذي مكن بلادنا من رفع التحديات، وتجاوز الصعوبات، عبر تاريخها الطويل والحديث”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

فطوبى لنا وهنيئا باحتفائنا وتخليدنا للملحمة الكبرى لثورة الملك والشعب في ذكراها الثامنة والستين التي نصل بها الماضي بالحاضر والمستقبل وفاء لأرواح الشهداء وشرفاء الوطن الغر الميامين، وتحية تقدير وإكبار للمرابطين على الحدود وحماة الثغور من ضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية وغدارة الجمارك والإدارة الترابية وسائر أبناء وساكنة أقاليمنا الجنوبية وكل أبناء الوطن الواحد الموحد من طنجة إلى الكويرة.

رحم الله شهداء الحرية والاستقلال والوحدة الترابية والسيادة الوطنية، شرفاء الوطن وابناءه الغر الميامين وأبطاله البررة وفي طليعتهم أب الوطنية وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح والمنفى، مبدع المسيرة الخضراء المظفرة وموحد البلاد جلالة المغفور له الحسن الثاني، وحفظ الله بالسبع المثاني وبما حفظ به الذكر الحكيم باني المغرب الجديد وباعث نهضته صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وحقق به وعلى يديه كل ما يصبو إليه وينشده شعبنا ووطننا من بناء ونماء وتقدم وإزدهار وأمن واستقرار، قرير العين بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن وشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة والشعب المغربي قاطبة .

انه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وانه نعم المولى ونعم النصير

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لحسن شاطر تمازيرت بريس…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى