أسرار بريس…
بقلم :سدي علي ماء العينين ،أكادير ،فاتح يوليوز 2021.
ما أشبه الأمس باليوم، حين أعطى إدريس البصري تعليماته لحزب “الكوكوت مينوت” الإتحاد الدستوري في إنتخابات 1997 لينزل بثقله بمدينة أكادير ليسقط القلعة الإتحادية التي عمر فيها الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية منذ 1976، فعرفت المدينة إنزالا غير مسبوق ،و استعملت كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لنيل رئاسة جماعة أكادير ،
ورغم الصراعات الإتحادية/الإتحادية، وكنت من بين ضحاياها في دائرة 21 بأمسرنات، فإن الإتحاد الإشتراكي إستطاع الفوز برئاسة جماعة أكادير محتاجا لصوت واحد للحصول على الأغلبية، وكان هو صوت المرحوم الحاج الكورامي رحمة الله عليه، والذي تعرض لمحاولة شراء كان بطلها وزير الثقافة آنذاك أزماني الذي ضبطناه بحي العزيب حيث يسكن المرحوم ومعه حقيبة أموال لثنيه على التصويت لصالح الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، وقدرناها آنذاك بمبلغ 600 مليون،
الإتحاديون لم يعولوا على الحاج الكورامي لوحده بل فتحت قناة حوار مع المرشح المستقل :صالح المالوكي، والذي قبل التصويت لصالح الحزب مقابل مسؤوليات وتفويضات ومشاركة في التسيير ،ولم يتعرض لأي محاولة لشراء صوته كما تزعم الرواية التي كررها بنكيران في تجمع حي الهدى بأنه المعني بحقيبة 600 مليون!!!!
اليوم هناك تسريبات من إجتماع حزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير ، تم فيه إخبار الحاضرين عن نية الأمين العام للحزب الترشح وكيلا للائحة الحزب بأكادير عزيز اخنوش،
وقبل ذلك وفي إطار التحضيرات للإنتخابات وأمام أعين السلطات فتحت مقرات إنتخابية بإسم الحزب بمجموع تراب المدينة قبل بداية الحملة، دون أن تحرك السلطات ساكنا،
هو إستعداد لإسقاط حزب العدالة والتنمية من رئاسة الجماعة، وقطع الطريق عن عودة متوقعة لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لإسترجاع قلعته بعد هيمنة حزب العدالة والتنمية بعد الربيع العربي،
عزيز أخنوش ليس مرشحا عاديا ،وحزبه الذي بدأ بالمستقلين في الثمانينات ليس مجرد حزب ،بل هو حركة إدارية النشأة، و ليبرالية المذهب محكومة بمصالح طبقة إقتصادية، دخلت السياسة على صهوة إدريس البصري،
وعزيز أخنوش، يوصف بصديق الملك كما كان يوصف بذلك مؤسس الوافد الجديد فؤاد الهمة، وحزبه الأصالة و المعاصرة ،
حكم لا ينفي ولا يبرر ان قيادتنا الحزبية تعاملت معه وفق حسابات المرحلة،
وبحكم ان اكادير تعرف إنطلاقة الأوراش الملكية، فترشح السيد أخنوش لرئاسة جماعة أكادير فيه إيحاءات واضحة لتوجيه الناخبين للتصويت لصالحه بخلفية ان قدومه لرئاسة جماعة أكادير – وهو من كان رئيسا لجهة سوس ماسة درعة ،-معناه توهيم الساكنة اننا أمام مرشح على المقاس للإشراف على المشاريع الملكية، بإعتباره صديقا للملك، – حسب ما توهم به الصحافة الناخبين-
فهل يمكن القول ان السباق لرئاسة جماعة أكادير محسوم مسبقا؟
وإن باقي الأحزاب تلعب دور الكومبارس في تشكيلة المجلس المقبل، أغلبية ومعارض؟
في استحقاقات 2003 تكرر سيناريو شبيه بما سنعيشه الشهر المقبل حين فرض المرحوم اليوسفي طارق القباج على القواعد والأجهزة الحزبية، وقيل ساعتها انه عين رئيسا للبلدية حتى قبل بداية الإنتخابات رغبة من المخزن وبتزكية من اليوسفي ان تسلم مدينة اكادير لرجل أعمال للإشراف على أول برنامج للتنمية بمبلغ آنذاك مقدر في 178 مليار سنتيم.
في المقال السابق نبهنا إلى خطورة ان تنسب الأحزاب المنافسة لنفسها ما ينجز من المشاريع الملكية بأكادير، لكن بترشح أخنوش عزيز نكون أمام تصور آخر، وهو ان يقود حزب حملة يوهم فيها الناخبين ان ترشح الأمين العام للحزب هو لضمان نجاح المشاريع المولوية ،و ان ما قاله وزير الشغل بأن جلالة الملك اطلق المشاريع لثقته في حزب العدالة والتنمية ،هو نفس المنطق الذي يحكم ترشح أخنوش بأكادير.
في ظل هذه القراءة لملابسات السباق حول رئاسة جماعة أكادير ،نكون قد أفرغنا العملية الإنتخابية من محتواها وسلمنا سلفا ان الرئيس المقبل لجماعة أكادير هو السيد عزيز أخنوش، ليس لقوة حزبه، ولكن للخلفيات التي جعلته يترشح بمدينة ليس في رئاسته لها أي حالة تنافي حين يحصل على منصب وزاري، اللهم إن كلف بتشكيل الحكومة المقبلة، وهذا سيناريو آخر له مخرجات ستظهر في حينه.
لا أحد له الحق ان يناقش او يعارض او يشكك في ترشح مواطن لرئاسة جماعة أكادير ،فهذا حق يكفله الدستور والتشريعات الإنتخابية، لكن مصداقية العملية الإنتخابية تفرض ان تكون منطلقات السباق والتنافس مبنية على الندية و المساواة و التنافس الشريف بعيدا عن إقحام الدولة وتدخل المخزن وترويج الثقة الملكية لهذا الفريق او ذاك، خاصة وان جلالته كان حاسما في خلق مسافة مع كل الأحزاب ،وانه اب لكل المغاربة وليس صديقا لأحد من رعاياه دون الآخر.
سنخوض الإنتخابات المقبلة بنفس الحماس، و طموحنا ان نستعيد القلعة الإتحادية، و نجد أنفسنا غير معنيين بخلفيات ترشح باقي المنافسين، لكننا في الوقت نفسه سنتصدى لكل محاولة لإقحام المؤسسة الملكية في الإنتخابات ،وكما اصدرنا بيانا ضد وزير التشغيل ،فنحن بنفس المنطق قادرون على التصدي لكل حزب يروج لمغالطات خارج سلامة العملية الإنتخابية، ورغم ذلك لن نجد حرجا في التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار بأخنوش او بدونه مادام في ذلك خير للمدينة، شريطة ان يكون التنافس شريفا، و السباق مستقلا ونزيها
هناك حقيقة واحدة ،هي ان أخنوش مرشح حزبه كوكيل للائحة بجماعة اكادير ،لكن ذلك لا يعني مطلقا انه هو الرئيس المقبل، وقد يكون كذلك ولو بتحالف مع الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ،لكن على قاعدة ان التحالف يبنى على قاعدة المقاعد وليس التعيين القبلي او الإستناد على فرضيات مغلوطة.
فهل تعتبرون؟