اسرار بريس…
بقلم :سدي علي ماء العينين ،أكادير ،ماي، 2021.
عندما بدأ مخطط الشرق الأوسط الكبير، و الفوضى الخلاقة، كانت الشرارة التي أسقطت الأنظمة تباعا هي جحافل الشباب على منصات التواصل الاجتماعي التي تم توجيهها نحو تبني شعارات رنانة يستفيق الشعب منها بعد فوات الأوان،
الأنظمة والجهات صاحبة المشروع وجدت في الشباب الغاضب أرضية خصبة لتحوله إلى حطب المرحلة، ولم تجد انجع سبيل من قيادة مبادرات شبابية في العالم الإفتراضي،
– واقعة نزوح مغاربة من الشمال إلى سبتة، لو اعتبرناها صناعة من المغرب للضغط على الجارة أسبانيا لإحترام حسن الجوار ،فإن ردة فعل بعض الأصوات جاءت وكانها أصوات اسبانية موجهة لتوجيه الرأي العام نحو اعتبار النزوح كمشاهد تشوه صورة المغرب، غير مبالية ولا معنية بمكاسب الوطن من العملية، ولا بالوضع القانوني للمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية،
في المقابل كلما اقدم أردوغان تركيا على استعمال ورقة اللاجئين إتجاه أوروبا لتحقيق مصالح لبلده، لا نسمع أصوات التنديد، بل الأخطر ان هناك من يعتبر الخطوة جريئة من أردوغان وضرورية لخلق التوازن مع أوروبا، ولا احد يهتم بمن يغرق منهم في البحر، وحتى في 2016 يوم رفع أردوغان يده عنهم وسمح لهم بعبور الحدود إلى أوروبا لمساومتها لم نسمع من يعتبر ذلك تجارة بالبشر.
– و في غارات الصواريخ المتبادلة بين المقاومة حماس و الإحتلال الإسرائيلي، لا أحد يسمع له صوت لرفض إطلاق صواريخ حماس من داخل منشآت إجتماعية، ومن قرى آهلة بالسكان، وحتى من البيوت، وحين تقصفهم إسرائيل و يسقط ضحايا أبرياء، لا يسمع لاصحابنا صوت بأن المقاومة إذا كانت حقا فما ليس حقا هو استعمال الشعب الأعزل كأدرع بشرية وهو امر مرفوض، فتقودهم حماستهم إلى اعتبار الأمر تفرضه الوضعية ،وأن هؤلاء شهداء عند ربهم يرزقون،
وبإرتباط ببلادنا، فلم يعد خفيا ان جهات توجه رواد التواصل الإجتماعي لتبخيس كل المبادرات المغربية، وتبخيس خطواته داخليا او خارجيا تحت مسميات مختلفة لكنها كلها تصب في إتجاه نصرة الآخر واضعاف المغرب:
1- كلما صدر قرأر مغربي في زمن كورونا قيل اننا ننسخه من ماما فرنسا، مع ان إطلالة على الإعلام الفرنسي تبين غضب الفرنسيين من حكومتهم التي لم تنجح فيما نجح فيه المغرب،
2- و حين يرسل المغرب مساعدات إنسانية إلى غزة والضفة الغربية ،يتم تبخيس الأمر والتذكير بالتطبيع افتراء على المغرب، لكن نفس الأصوات تروج للمبادرات المصرية و التركية رغم ان لها علاقات تطبيع كاملة مع اسرائيل، بل و تستقبل بإستمرار شخصيات عبرية على اراضيها، و علم إسرائيل يرفرف فوق بنايات السفارات،
3- وعندما يرسم المغرب حدوده البحرية كخطوة قلبت الموازين بالمنطقة، تخرج إلينا أصوات لتجاهل الخطوة واعتبارها بالمقابل مناسبة لإنتقاد اتفاقية الصيد البحري ،
4- وعندما ينجح المغرب في صفقة خط الغاز مع نيجيريا ويصدر الطرفان بلاغ التزامات في الموضوع ،تنبري أصوات لإعتبار المشروع فاشلا و ان الإتفاقية الناجحة هي بين نيجيريا و الجزائر،
5- وعندما يقف المغرب لصد نزوع ألمانيا لتبني مواقف معادية للوحدة الوطنية، تتكالب علينا صفحات و تذكر المغرب انه يتلقى مساعدات إنسانية من ألمانيا،
6- و عندما وقع انفجار لبنان وأرسل المغرب مساعدات إغاتة، تعالت أصوات المبخسين تقول بأن جبال الاطلس أحوج من لبنان للمساعدات،
7- وحين ارسل المغرب مستشفا عسكريا إلى قطاع غزة استهزأ هؤلاء وقالوا نحن نموت بسبب ضعف المنظومة الصحية،
8- حتى اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء سماه البعض اعتراف تويتر و اعتبروه وهما ويوم تحقق قالوا سيأتي الرئيس بايدن ويلغيه، ولأنه تأخر في تأكيده حكموا انه ألغاه،
… هذه عينات قليلة من مسلسل تبخيس كل ما تقوم به بلادنا، و المؤلم ان يكون المروجون لها مغاربة بيننا، يعيشون بهذا البلد، لكنهم بسبب ضعف المعيشة يعطون الحق لأنفسهم للطعن في كل مبادرات وطنهم.
وكلما سمع صوت منسجم مع خيارات الوطن الإستراتيجية، اتهم بالتطبيع و العياشة و”قولو العام زين” و المخزنية و الإنبطاح….
اليوم وقع نزوح آلاف المغاربة إتجاه أوروبا عبر سبتة المحتلة في خطوة سماها وزير مغربي ب “مد الرجل” ، لكن نفس الأصوات لم تهتم سوى بما تسميه تشويه صورة المغرب وهشاشة تنميته،
لكن عندما ووجه هؤلاء المغاربة بالتنكيل و الضرب الموثق بالصور والفيديو من طرف الجيش و الأمن الأسباني ، لم نسمح لهؤلاء صوتا منددا بهذا السلوك إتجاه مواطنين عزل.
الشعب الذي يريد العيش الكريم ببلده عليه اولا ان يكون مؤمنا بوطنه، وأن اي سياسات فاشلة، فسببها مواطنون يقاطعون الإنتخابات ولا يشاركون لقطع الطريق على الفاسدين، ولا يدرسون وينجحون لتكوين أنفسهم بدل الهدر المدرسي بحجة ضعف التعليم ،مع انه نفس التعليم الذي يتخرج منه آخرون و يصلون به إلى مناصب المسؤولية،
نعم بلادنا بها فساد، ونعم انتخاباتنا فيها المال و الدين، ونعم قطاعاتنا الإجتماعية بها اختلالات ، و البطالة متفشية، و عدلنا ضعيف و ادارتنا روتينية….
كل هذا لا يحتاج منا فقط أن نحتج على الدولة ،لكن يستوجب أيضا ان نصلح أنفسنا، وأن نتخلى عن تبخيس دولتنا، وأن ننخرط في برامج وطنية مواطنة…
فلماذا نمجد الآخر و نستهين بوطننا؟
ليس ترهيبا التنبيه إلى أن هذه الأصوات الغير مؤطرة تجد من يوجهها لتكون حطب إحراق هذا الوطن عبر ضرب مؤسساته والسخرية من رموزه، و التشكيك من قدراته، و نقد هدام لمبادراته وقراراته،
وهذا التوجه هناك جهات سرية تغذيه و تشجعه و تحتضنه خدمة لمصالحها و لضرب مصالح المغرب،
فكفوا عن تخوين وتبخيس وطنكم، فأنتم لاعبون في الفريق الخطأ و في الملعب الخطأ، تلحقون الخسارة بوطنكم وتنتصرون لخصومكم،
فهل تعتبرون؟