اسرار بريس…محمد سرتي
بمناسبة اليوم العالمي للكتاب الباحث أحمد بزيد الكنساني يحل ضيفا على مكتبة سرتي يوم الأربعاء 28 أبريل 2021 ابتداء من الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال لتوقيع إصداراته ومن ضمنها كتابه الجديد :
الفنون الشعبية بتارودانت .. الذاكرة والتاريخ
تصدير وتنسيق : محمد سرتي
نشر وتوزيع : مكتبة سرتي
تواجه الباحث في تاريخ الفنون الشعبية بحاضرة سوس، صعوبات جمة وعقبات عديدة في جمع وتقصي الأخبار وتتبعها، وذلك بالنظر إلى شح المراجع وتضارب الروايات الشفوية على قلتها مع ما يعتريها من المبالغة والتحريف، مما يتطلب حسا تاريخيا، ومنهجا رصينا، ودربة كافية للم شتات ما تفرق من روايات هنا وهناك على ألسنة الرواة، تحتاج إلى تحليل دقيق وتمحيص عميق وعمل دؤوب يلتزم بمنطق التاريخ، ويقود إلى استنتاجات وخلاصات تبرز المعالم الكبرى للفنون الشعبية بتارودانت بمختلف أشكالها وألوانها الأمازيغية والعربية والإفريقية، وترسم ملامح الجغرافية الفنية للمدينة عبر شطريها الشرقي والغربي، وما يلحق بهما من عادات وتقاليد وأطباع فنية وأنماط الإنشاد والغناء والرقص الشعبي.
وذلك ما سعى إليه الأستاذ الباحث أحمد بزيد في إصداره الجديد (الفنون الشعبية بتارودانت .. الذاكرة والتاريخ) بما يملكه من أدوات المنهج التاريخي التي اكتسبها عبر عقود من الزمن والتي مكنته من الكشف عن جوانب مهمة من تاريخ المدينة الاجتماعي والحضاري عبر حفريات في مصادرها الدفينة، وتواصل فعال مع معاصريه من بعض رواد الفنون الشعبية وأربابها ورجالاتها ممن جلس إليهم وسمع منهم وأخذ عنهم ما ضمه في هذا الإصدار، وخطه في كتابه (تاريخ الزجل الشعبي بتارودانت: الملحون) بأسلوب رائق ومعنى شائق، لا ريب أنه سيقدم شهادة حية للقارئ عن إسهام المدينة في إغناء التراث الفني بالمغرب، وسيثري المكتبة الرودانية بما حواه من تراجم وأعلام بشرية وجغرافية وما انطوى عليه من أسرار وكنوز وخبايا تلف عالم الإبداع الغنائي والموسيقي بتارودانت.
لقد استطاع المؤلف أن يوظف بذكاء مادته المصدرية المعتمدة على الرواية الشفوية لإنتاج معرفة تاريخية ثرية، تتجاوز الأنماط التقليدية في البحث التاريخي، وتغوص في الذاكرة الفنية للمدينة من خلال تفكيك بنيتها الاجتماعية، ورصد جوانبها الخفية، وسط تقاطبات سياسية بين قواد سوس، وتحولات ثقافية شهدتها المنطقة خلال فترة عصيبة من تاريخ المغرب.
والأستاذ بزيد في معرض حديثه عن التراث الفني بالمدينة، لا يستنكف وهو مؤرخ سوس، عن طرق قضايا ترصد حركة المجتمع الروداني في تفاعله مع مختلف التعبيرات الفنية، وتكشف عن الأصول والقواعد التي تحكم هذه التعبيرات، معرجا على (الدور) و(الساحات) و(العراصي) و(البساتين) التي كانت مسرحا لها في مختلف المناسبات الدينية والوطنية والحفلات الخاصة والعامة، مؤثثا ذلك كله بإطلالات وإفادات تاريخية تنهل من كتب التاريخ العام، وتنتظم ضمن رؤية شمولية تصب في مشروع كبير، حيث وهب الأستاذ حياته وكرسها للتنقيب والبحث في تاريخ المدينة وأحوازها حفظا لمجدها، وتحصينا لمناقبها السياسية والعلمية والفنية، وتخليدا لمآثرها، وتنويرا لأجيالها المقبلة.
وللتنويه فإن كتاب (الفنون الشعبية بتارودانت .. الذاكرة والتاريخ) الذي يقع في 224 صفحة من القطع المتوسط، صدر عن مكتبة سرتي بتارودانت، وهو امتداد لكتاب آخر عنوانه (تاريخ الزجل الشعبي بتارودانت .. الملحون) رصد فيه المؤلف فن الملحون وظروف نشأته التاريخية بالمدينة.