رأيسلايد

أولادنا ليسوا لعبة بين أيديكم،

اسرار بريس…

سدي علي ماء العينين ،أكادير ،ابريل،2021.

مرت السنة الماضية شبه بيضاء في المؤسسات التعليمية بسبب التعليم عن بعد الذي عرف تعثرات وتفاوتات من مؤسسة إلى أخرى، ومن مدرس إلى آخر،

وعشنا تجاذبات الدولة وأولياء الأمور مع مؤسسات التعليم الخصوصي، إنتهت إلى ما إنتهت إليه،

ألغيت إمتحانات إشهادية، و ألغيت دروس بسبب مقررات لم تدرس،

صبرنا مادام المصاب وباء لا قدرة لنا عليه، و معاينتنا لمجهود وزاري مهما عرف من بعض التعثرات فإنه في المحصلة عبر عن إرادة لمواجهة الوباء كما هو حال دول العالم،و تابعنا تفاني رجال التعليم في خوض تجربة التعليم عن بعد رغم ضعف وانعدام التكوين في هذا المجال عند غالبيتهم، 

وصبرنا ونحن نعاين إغلاق الأحياء الجامعية، و المدارس الجمعاتية التي شردت فتيات العالم القروي و إلى اليوم.

وبحلول الموسم الدراسي الحالي وبداية الدراسة ادركنا نحن الآباء آثار الدروس المحذوفة السنة الماضية والتي لم تهيئ التلاميذ لإستيعاب دروس السنة الجارية بحكم ترابط المقررات وتكامل الدروس.

كل هذا نتحمله ونقف إلى جانب هذا الجيل ليعبر هذا الوباء إلى بر الأمان.

وفجأة، ظهرت بوادر أزمة بين الأساتذة المتعاقدين مع الدولة، لتبدأ سلسلة الإضرابات ،وعندما نقول بشكل مفاجئ، فلأننا نتحدث عن نظام سن في سنة 2016 ، و كانت الدراسة تتم بشكل عادي، والمتعاقدون يمارسون عملهم، مع النضال من أجل تحقيق مطالبهم،

و تطورت الأمور بشكل متسارع ليتم الإعتداء على المتظاهرين بالرباط في فترة العطلة، ليدخل بعدها المتعاقدون في إضراب، ساندته النقابات بميزاجية ،بين من أعلن يومين و بين من تزايد و أعلن ثلاثة أيام، و إلتحق الأساتذة المرسمون بالمتعاقدين ،و استمر الإضراب اسبوعا كاملا وضع التلاميذ في عطلة مباشرة بعد خروجهم من عطلة رسمية، وفي عز اختبارات المراقبة المستمرة، بل تم اقحام التلاميذ في هذه الإضرابات ،بل وتحت اسم المسرح المدرسي تم المثيل بالأطفال كشكل من أشكال التنذيذ بالتعنيف الذي تعرض له المتعاقدون،

اليوم الإثنين ،لن يلتحق التلاميذ بفصولهم لان هناك اضراب جديد عام يبدأ اليوم ولمدة ثلاثة أيام.

فماذا نحن فاعلون بأطفالنا؟

 ما ذنبهم ان يكونوا ورقة ضغط لتحقيق مطالب اساتذتهم؟

إن هدر الزمن المدرسي لن يتم تعويضه مهما توصل الطرفان إلى اتفاق، و حتى لو الغي التعاقد وعاد الأساتذة إلى فصولهم، فلا وجود لخطة مطروحة لتدارك هذا البياض، كما أن التلاميذ فقدوا تدريجيا التركيز و نسق المدرس بسبب هذه التقطعات ،

صحيح اولا و اخيرا على الدولة ان تتحمل مسؤوليتها في تسوية هذا الوضع بالحوار و الإتفاق، ولكن أيضا-وهنا اتكلم كاب مجرد من كل الصفات – لا يمكن أن يكون تشريد أطفالنا هو الحل الوحيد للضغط على الحكومة، هناك أشكال نضالية متعددة و قوية ،بل هناك حتى اللجوء إلى القضاء. ووضع الشارات.والوقفات خارج اوقات العمل…

الدولة تقتطع من رواتب المضربين، وهذه مقاربة زجرية مالية ،لكن الدولة و المدرسين يقتطعون من عمر أولادنا و دراستهم و تركيزهم و نفسيتهم.

لابد للحقوق ان تصان وهي حقوق لا تكون المطالبة بها عبر هضم حقوق التلاميذ،

هناك آباء يعملون، و يغامرون بترك أطفالهم بالمنازل لوحدهم لأن الدراسة متوقفة، و هذا فيه مس مباشر بسلامتهم،

الوضع مقلق بل وكارثي على مستقبل أطفالنا، و السكوت عنه بحجة عدم الإصطفاف ضد المتعاقدين حق اريد به باطل،

أنا اصطف مع ابنائي مطالبا بحقهم في التواجد بحجرات الدرس وتحصيل مقرراتهم وفق خريطة مدرسية متوازنة ،

أنا اصطف مع كل الأصوات التي تحمل المسؤولية للدولة و الأساتذة و المتعاقدين ولكل ان يحدد نسبة تفاوت المسؤولية،

أولادنا بعيدون عن حساباتكم، و لا يجب أن يكونوا ضحية لأزمة بينكم،

هناك ملايين التلاميذ وهم مغاربة، يضيعون لأنهم أقحموا في معادلة 120 الف متعاقد في صراعهم مع الدولة. وتساندهم آلاف أخرى من رجال التعليم،

و الكارثة اننا نضطر للجوء إلى الدروس الخصوصية للحفاظ على المستوى الدراسي لأطفالنا، و يكون بعض المدرسين المضربين نهارا بالمؤسسات هم من يعطون الدروس ليلا في المراكز؟!!!!! 

أولادنا ليسوا لعبة بين ايدي احد، لا دولة ولا مدرسين، وهذا الهدر المدرسي يجب أن يتوقف، و يجب التفكير في سبل تعويض ما ضاع ويضيع و سيضيع،

غير ذلك ،مهما تفهمت كأب وجهة نظر الدولة او المدرسين، فإنني كباقي الآباء لا أجد مبررا مقنعا ان تضيع حقوق أطفالنا من أجل سواد عيون الدولة او المدرسين،

التعليم كالصلاة، قد يضرب الإمام و تغلق المساجد، لكن لا تسقط الصلاة، وتلزم المصلين، كما يمكن أن يضرب المدرس و تغلق المؤسسات، لكن لا يسقط الحق في الدراسة، و لا تلغى المقررات،

كورونا ارحم منكم، لأنها وإن تسببت في توقف الدراسة حضوريا، فإن إمكانية التمدرس عن بعد كانت بعيوبها تسد الفراغ نسبيا،

لكن في حالة الإضرابات هناك بياض، وهدر مدرسي، و تبعثر المقرر، و شلل الخريطة المدرسية،

كونوا آباء ومربين، قبل أن تكونوا مسؤولين بالحكومة او مدرسين بالمدارس،

فهل تعتبرون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى