اسرار بريس :سدي علي ماء العينين ،أكادير ،مارس ،2021.
في البداية لا يمكن لأي مواطن غيور على وطنه ومواطنيه إلا أن يندد بالعنف الذي واجهت به قوى الأمن أساتذة و استاذات التعاقد، فهذا موقف مبدئي من العنف والقمع.
وفي الوقت نفسه لابد من التأكيد على بعض أوجه النقاش حول ملف المتعاقدين.
1- الحق في التظاهر يجب أن يكون مكفولا بسلطة القانون، لكنه يجب أن يكون دفاعا عن حق مشروع، وفي إحترام للقانون بما فيه عدم المس بممتلكات الغير ،وهذا و لله الحمد لم يقدم عليه المتظاهرون، و في إحترام قوانين حالة الطوارئ ،وهو ما خرقه المتظاهرون تنقلا وتجمعا، ونتفق ان الحق في التظاهر لا يبرر خرق القانون.
2- تواجد قوى الأمن في المظاهرات يكون غرضه حماية المنشآت العمومية، وعدم وقوع انفلاتات بين المتظاهرين، ومنع اقتحام و احتلال المؤسسات العمومية وتحويلها لفضاء للإعتصام وهو المخالف للقانون.
3_ التعاقد هو شكل من أشكل التوظيف، أبتلينا به لسد الخصائص في قطاع حيوي كالتعليم بسبب الشروط التضيقية لصندوق النقد الدولي، و تضخم ميزانية الأجور، و التي تعرف تضخما في أجور بعض الفئات وهزالة أجور الكثير من الفئات مما يستوجب مراجعة شاملة للأجور.
4- التعاقد كوثيقة إدارية يحكمها قانون العقود و الإلتزامات، وتجمع بين طرفين، طرف وهو الدولة تقدم عرضا للتشغيل، و طرف هو المواطنون يقبلون به بكل حرية، و يوقعونه ويعملون به. وأي إخلال ببند من بنوده من احد الطرفين، يعتبر إخلالا بإلتزام مصحح الإمضاء وموقع برضى خاطر، و المتعاقدون قبلوا بشرط عدم الترسيم ووقعوا عليه.
5- المتعاقدون يستفيدون من جل الإمتيازات الإجتماعية، و يستفيدون من العطل المدرسية ومن التكوينات يحرمون من الترقية وشروط الإنتقال وغيرها من الحقوق التي يستفيد منها زملائهم المرسمون بالوظيفة العمومية.
6- المتعاقدون يتلقون أجرة هي بمنطق الوظيفة العمومية ضعف الحد الأدنى للأجور، وتبقى أجرة تفوق كثيرا من أجور المرسمين في سلالم الوظيفة العمومية. وهذا حل وسط بين التوظيف الرسمي وبين البطالة، لكن لا يمكن وصفه بالبطالة المقنعة (من القناع ليس القناعة).
7- هناك تعاطف كبير من مختلف مكونات المجتمع مع هذه الفئة، وهذا امر جيد ،لكن المثير هو صمت المتعاطفين عن معاناة فئات إجتماعية اكثر تضررا.ونقصد هنا عمال الإنعاش الوطني.
8- عمال الإنعاش الوطني، يعملون بأجرة اليوم لا تتجاوز 55 درهما، ويقومون بأعمال قاسية كالنظافة والمغارس و الحراسة الليلية، بساعات عمل تتجاوز ثماني ساعات في اليوم، و بعمل طيلة الأسبوع والعطل، ولا حق لهم في التغطية الصحية و التقاعد و العطلة السنوية و….
9_ لماذا لايتم التضامن مع هذه الفئات، ولماذا لا يطرح ملفهم للنقاش العوموي ،خاصة وان هؤلاء تجمعهم إلتزامات وليس حتى عقود مع الدولة و المنتخبين، وهذا الإلتزام فيه خرق سافر للدستور و القوانين و حتى المقاربة الحقوقية والإنسانية.
10_ المغرب يغلي بحالات وفئات إجتماعية هشة وغير مهيكلة و بعيدة عن ابسط الحقوق وشروط العمل و الكرامة الإنسانية رغم انهم يقدمون خدمات جليلة للوطن وخدمة المواطنين، وهذا ابانته أزمة كورونا و عرت عن أزمة هذه الفئات و معاناتها.
إن عقيدة المتعاقدين هي الإلتزام بالعقود و مضامينها، وفي تقديري فإن توقيعي على عقد ثم الإحتجاج عليه بحجة انه مفروض علي، هذا أمر فيه تسفيه للعقول، فكلنا يعرف ان آلاف من العاطلين تقدموا لهذه المهمة ورسبوا، وهم ينتظرون بشغف فتح الباب لفوج جيد، كي يتقدموا لها.
التعاقد في أصله تملص من الدولة في خلق مناصب شغل لمحاربة البطالة، و التعاقد هو شكل من أشكال سياسة الهروب إلى الأمام، وما يسري على المتعاقدين، يسري على عمال الإنعاش الوطني الذين يقومون بالأعمال الشاقة فيما الموظفون يسيرونهم من مكاتبهم المكيفة او المجهزة، لهم الشمس و للموظفين الظل.
لكن العمل بالتعاقد او الإلتزامات هو خيار وقرار، قد تحكمه اكراهات العوز والحاجة، لكنه افضل من لاشيئ بالنسبة للمتعاقدين، لكن الإنقلاب عليه طمعا في ترسيم منصوص بوضوح في العقود انه غير ممكن، فهذا فيه استقواء و تطاول و إخلال بالإلتزامات.
شخصيا ساحترم متظاهرا أمام البرلمان طلبا للشغل ويناضل من أجل حق مشروع، لكن يصعب علي الإنخراط في دعم فئة وقعت عقودا وتتظاهر لإسقاطها.
أجدد تضامني مع الأساتذة والأستاذات الذين تعرضوا للضرب من طرف القوات العمومية، واعتبر ما حدث ضربا لإستقرار البلاد ومكتسباته، وعلى الحكومة ان تصدر بلاغا واضحا بخصوصه.
فهل تعتبرون ؟