اسرار بريس:
لكل فرد منا مسؤوليات منوطة به،وبما أن الأسرة هي ركيزة المجتمع،فإن كلا من الأب والأم مسؤول عن واجباته،وكلاهما عنصر ضروري في تربية وإعداد الأبناء،فالأم بحد ذاتها مدرسة،وهي منبع العطف والحنان،والأب يعني الحماية والقدرة،والتكامل الأسري،إنه هو الراعي لأسرته،وهو المسؤول عن رعيته كما جاء في الحديث النبوي الشريف:”كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فالأب بالنسبة للأسرة هو الأمان والسكينة،والإطمئنان،هو الناصح الناهي الذي يتحمل عبئا كبيرا عن الأم والأبناء،ويقود سفينة الأسرة ليصل بها إلى بر الأمان.لكن من المؤسف عندما نجد بعض الآباء الذين يتملصون من المسؤوليات المنوطة بهم اتجاه أسرهم،والتي لها تأثير كبير على الأبناء،فالتخلي على المسؤولية أمر صعب سواء من ناحية الأم أو الأب،ولهذا كثيرا ما نسمع بالجملة الرائجة:”أب الأولاد،أو أم الأولاد”فكل منهما بحكم الشرع أب أو أم لكن غير قادر على تحمل مسؤوليته.
إن هروب الأب من المسؤولية -المادية بصفة عامة،والمعنوية بصفة خاصة-يسبب اضطرابات نفسية وسلوكية للأبناء مما سيضاعف المتاعب على الأم،حيث نجد أن بعض الآباء يتخلون عن مسؤولياتهم للهروب من القيد الإجتماعي والمادي الذي يجد نفسه عالقا فيه بعد الزواج والإنجاب من مسؤوليات وواجبات لا بد الإلتزام بها حتى النهاية.
إلا أنه رغم اختلاف الظروف المحيطة بتخلي بعض الآباء عن مسؤولياتهم،تجد الأم نفسها مجبرة على قيادة سفينة الأسرة لسد الثغرة التي أحدثها هروب الأب من مسؤولياته العائلية،وعلى صعيد أبنائه واحتياجاتهم خصوصا إذا كانت الأم مؤهلة وظيفيا، فإنها تغطي هذا الفراغ كي توفر لأبنائها كل حاجياتهم المادية والمعنوية ، حيث تقوم بدور الأم والأب في آن واحد،وهذا الوضع يتطلب منها القوة والثبات ونكران الذات.
أليس هذا ظلم في حق المرأة الأم والزوجة التي عانت وصبرت وأنجبت وربت وضحت؟ فالمسؤولية ليست مجرد كلمة إنها تطبيق فعلي يحترمه الرجال والنساء،فليس كل ذكر رجلا وليست كل أنثى امرأة.
أيها الآباء والأمهات لا تستسلموا لأنانيتكم وعنادكم لأنها مفسدات ومخربات للبيوت، وخراب البيوت يؤدي إلى انحراف وفساد الأبناء،وإذا فسد الأبناء قضي على المجتمع.
لنساهم جميعا في بناء مجتمع تنبني علاقاته بين الأفراد على التأثير والتآثر، وهو ما نسميه ذوبان الفرد في الجماعة،حتى لا نفسح المجال لتسرب الشوائب المميتة التي تقضي على الأسرة وتمزق تماسكها. فكلنا مسؤولون أمام الله عن أسرنا لذلك يجب أن نتحلى بالإيثار،ونقضي على أنانيتنا وعنادنا لنكون قدوة لأجيالنا الحاضرة والمستقبلية،لنكون رجالا ونساء أقوياء بإرادتنا، مخلصين لديننا،متمسكين بوطننا، رافعين راية بلدنا، أوفياء وممتنين لملكنا محمد السادس نصره الله وأيده.