اسرار بريس:بقلم :سدي علي ماء العينين ،إطار متصرف بوزارة الداخلية ملحق بجماعة اكادير، اكادير،يناير ،2021.
منذ تولي حزب العدالة والتنمية مقود الحكومة المغربية، وهو يتجه نحو تكريس واقع جديد بالجماعات الترابية، عنوانه البارز، تفريغ هذه المؤسسة المنتخبة من محتواها وتقليص ادوارها، وضرب مكتسبات موظفيها،
هذا ليس حكم قيمة، ولا تحاملا ضد هذا الحزب ،لكن ما سنعرض له في هذا المقال سيبين ما اعتبره من وجهة نظري ضربا للمكتسبات:
– (01): تعطيل عمل المنتخبين بإصدار قانون شركات التنمية المحلية التي ضربت عرض الحائض بمكتسبات برامج التنمية المحلية، و حولت إختصاصات المنتخبين إلى شركات يكون فيها المنتخب مساهما في أسهم الشركة بدل ان يكون مساهما بمواقفه ورؤيته السياسية للتنمية.
-(02): تقوية مركز الوالي والعامل بتكريس الوصاية على المجالس ومعها المصالح الخارجية في تناقض صارخ مع توجه الدولة نحو اللاتمركز. ولا نحتاج هنا للتذكير ان مؤسسة الوالي والعامل هي الوحيدة في البناء الإداري التي لا تتوفر على مجلس تقريري، وتداولي، ليبقى مصدر قرارات الوالي والعامل مبهما!!
-(03): تقليص دورات الجماعات من أربعة إلى ثلاثة، مع توحيد يوم التصويت على الجماعات و البرلمان في يوم اقتراح واحد، حيث تختلط على المواطن البرامج المحلية المفترضة لمرشحي الجماعات مع البرامج التشريعية الوطنية لمرشحي البرلمان.
-(04): إلغاء التمثيلية الإختيارية والمدنية للموظفين عبر جمعياتهم المحلية للأعمال الإجتماعية ،و تعويضها بمؤسسة وطنية معينة من وزارة الداخلية تحل محلها وتقوم بادوارها. مع ترقب من الموظفين تحويل مكاسب الجمعيات المدنية للموظفين لهذه المؤسسة من منح ومرافق جماعية موضوعة رهن إشارتها.
-(05): إلغاء التوظيف بالجماعات، والتوجه نحو إعتماد نظام التعاقد الذي سبق اعتماده بقطاع التعليم ،وما يعنيه ذلك من ازدواجية في تدبير العنصر البشري بالجماعات.
-(06): تصفية المتصرفين الملحقين بالجماعات و تحويلهم إلى أطر مشتركة بين الوزارات وما يعنيه ذلك من مس بإستقرارهم المهني.
-(07): التوجه نحو إعلان المغادرة الطوعية بالجماعات التي استثنيت منها زمن إطلاق المغادرة الطوعية في مختلف الوزارات ،مما يهدد إفراغ هذه المؤسسات المنتخبة من شريانها من الأطر والعمال. .بحيث ان المشروع الذي تتبناه وزارة الداخلية، يروم تخفيض عدد الموظفين بنسبة 10 في المائة، من أصل 140 ألف مستخدم بالجماعات المحلية، الموزعة على 1600 جماعة، بمختلف التراب الوطني.
-(08): تعثر مشروع التعويض عن المهام بالنسبة لرؤساء المصالح والأقسام بالجماعات المحلية، الذي رغم صدوره لا زال يبارح مكانه، فيما عملية التجميع المعتمدة للاقسام وتقليصها كما هو الحال للمصالح يبين ان الخلفية هي مادية اكثر منها البحث عن النجاعة والمردودية.
-(09): تعدد لجن التفتيش بالجماعات وتجميد قراراتها، و اعتماد الإنتقائية في المتابعات رغم محدوديتها، وتوظيفها في فترات زمنية بخلفيات تأديبية سياسية اكثر منه تكريس الشفافية في تدبير المرفق العمومي.
-(10): عدم الوضوح في الربط بين القوانين المنظمة للمجال من مختلف المتدخلين، خاصة المشاريع المنجزة بالمدن الكبرى من طرف مجالس الجهات والعمالات بتنسيق مع الولات والعمال في غياب لرأي مجالس تلك المدن.
هذه بعض من مظاهر ضرب المكتسبات بالجماعات الترابية التي كانت زبدة المناظرات الوطنية حول الجماعات المحلية في ثمانينات القرن الماضي ،والتي يتم اليوم إجهاضها بمراسيم حكومية، و بإستسلام وخنوع من المجالس التي يسير غالبيتها منتخبي حزبي العدالة والتنمية و الأصالة و المعاصرة ،وأمام صمت رهيب لمختلف الأحزاب، و إعتراض لاصوات مبحوحة وضعيفة التأثير من المجتمع المدني، وخاصة الهيئات الممثلة للموظفين.
في تقديري الشخصي هناك حالة نكوص واضحة ،تتجه ببلادنا لجعل مؤسسات كانت مفخرة للمغرب ،مجرد مؤسسات شكلية يطغى عليها منطق الشركات، ومنطق التعيين، وتقوية الوصاية.ففي مقابل نجاعة مزعومة لبرامج التنمية لا تريد أن تكون التنمية حبيسة روتين الإدارة و مسطرة الصفقات الضامنة للتنافس والشفافية، و الإعتماد على عنصر بشري مؤهل راكم خبرة السنين و تعويضه بعنصر بشري بالتعاقد لتقليص البطالة.
إننا نقتل الجماعات، فهل تعتبرون ؟