رأيسلايد

محمد بوبكري يكتب: متشبثون بمغربية الجالية اليهودية المغربية في المهجر

 

اا     اسرار بريس: لكاتب : محمد بوبكري 
محمد بوبكري: متشبثون بمغربية الجالية اليهودية المغربية في المهجرمحمد بوبكري
أصدر مؤخرا ما يسمى بـ”الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين” بيانا ضد الموافقة المبدئية للمغرب على فتح مكتب اتصال له بإسرائيل. وبهذه المناسبة، ارتأيت أن أقوم بالتوضيحات الآتية:
– من المعلوم أن المغرب له جالية يهودية مقيمة بإسرائيل وببلدان غربية عديدة. وليس خاف على أحد أن هذه الجالية المغربية اليهودية مرتبطة بوطنها الأصلي وتترد عليه بكثرة بهدف زيارة مسقط رأسها وإقامة طقوسها وشعائرها الدينية في بلدها الأصلي، كما أنها تدعو له بالخير في صلواتها…، ما يعني أنها تحبه ومنخرطة في دعم قضاياه الوطنية… وبالمقابل، لقد أصبح من واجب المغرب أن يكون له مكتب اتصال في إسرائيل لقضاء الأغراض الإدارية لهذه الجالية المغربية المخلصة لوطنها. وهذا ما يدفعني إلى مساءلة “الاتحاد العالمي لفقهاء الإخوان المسلمين”: هل يريد السيد أحمد الريسوني أن نحرم الجالية اليهودية المغربية من مواطنتها المغربية؟ وهل تقبل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بذلك؟ وهل تقبل الديانات السماوية بذلك؟ وهل يقول الإسلام بذلك؟ أليس الإسلام دينا مفتوحا ومتفتحا يقبل بالتعددية، وبالآخر، ما يعني أنه يتميز بنزعة إنسانية عميقة… ألا يعمل الريسوني واتحاد فقهاء الإخوان المسلمين على إفراغ الإسلام من أبعاده الروحانية والإنسانية والأخلاقية؟!
لذلك، إننا نحن المغاربة لسنا ضد أي دين، بل إننا ندافع عن حرية التدين، بصرف النظر عن نوعية الدين، ونعتبر الدين إيمانا فرديا يلبي حاجة كيانية للفرد، يهدف إلى تنظيم علاقته بالغيب، لكننا، وعلى عكس السيد الريسوني وجماعته، ضد توظيف الدين في السياسة وإقحامه في شؤونها كما يفعل هذا الرجل، لأن هذا الاستغلال لا يؤدي إلا إلى العنف والتقتيل المفضيين إلى تفتيت الوحدة الوطنية.
وبذلك، فنحن لسنا ضد اليهودية، ولا ضد اليهود، لاسيما أن اليهودية قد وردت في القرآن الكريم، حيث يعترف القرآن الكريم بأنبيائها داوود وأيوب وسليمان. كما أنه يعترف بالشرع اليهودي الذي يتقاطع كثيرا مع نظيره الإسلامي.
إضافة إلى ذلك، فقصص الأنبياء التي وردت في القرآن الكريم قد وردت أيضا في التوراة، زد على ذلك أنه توجد أحيانا عبارات متشابهة بين القرآن الكريم والتوراة. وهذه أمور لا ينكرها إلا جاحد لم يقرأ القرآن، بل إن على قلبه أقفالا. تبعا لذلك، فالقرآن يعترف بالآخر، لكن بعض المتأسلمين، من أمثال الريسوني، يرفضون الاعتراف باليهودية، بلي لعنونها. وبذلك فهم يضعون أنفسهم خارج دائرة القرآن المجيد، لأنهم يعارضون الاعتراف باليهودية الذي ورد في النص القرآني نفسه.
تبعا لذلك، إننا متشبثون بمغربية اليهود المغاربة أينما حلوا وارتحلوا. ولا يمكن للمغاربة أن يتخلوا عنهم، وهم يحبون المغرب سرا وعلنا، وينبرون للدفاع عنه. هكذا، فهم إخوتنا في الوطن، حيث لم يصدر عنهم أي سلوك مناهض لمصالح وطننا، بل إنهم، على العكس من ذلك، منخرطون كليا في العمل من أجل نهضة المغرب وتنميته وحماية مصالحه…
لقد تأكد أن السيد الريسوني يريد منا أن نحرم الجالية اليهودية المغربية في المهجر من مغربيتها. ونظرا لانخراط هذا الرجل في صفوف جماعات الإرهاب التكفيري، حيث يتحمل مسؤولية معنوية عن الجرائم الإرهابية التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين، وأخواتها، فهل يقبل هو ذاته أن يتم تجريده من جنسيته المغربية؟ إنني أعارض ذلك، حيث يتعارض ذلك مع مبادئي وقيمي. ومع ذلك، يشكل موقف السيد الريسوني هذا ضربا لمفهوم المواطنة التي تقوم على المساواة بين أبناء الوطن بغض النظر عن دينهم وعرقهم ولونهم وجنسهم وانتمائهم الاجتماعي.
– إن هذا الكيان المسمى بـ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” هو في الأصل “اتحاد علمي لفقهاء الإخوان المسلمين”، حيث إنه تابع أصلا لجماعة الإخوان المسلمين المصرية التي تدعو إلى التكفير والإرهاب، وتتوهم السيطرة على العالم بواسطة هذا التنظيم العالمي الإخواني، الذي هو تنظيم أممي هدفه ترويج وهم إقامة دولة إسلامية عالمية. وهذا ما يفسر سلوك السيد أحمد الريسوني المغربي الجنسية والذي لا يقوم بأي شيء لفائدة المغرب، بل إنه يعاديه سيرا على نهج فقهاء الإخوان المسلمين الذين لا يؤمنون بمفهومي “الوطن” و”الوطنية”، ولا بـ”المواطنة”.
إن ما لا يعيه السيد الريسوني وجماعته هو أن للإنسان حبا فطريا متجذرا في أعماقه نحو بلد آبائه وأجداده. ونجد سندا لذلك في حياة الرسول (ص)، وحياة صحابته الكرام، حين هاجروا إلى المدينة المنورة، وأحسوا بالشوق والحنين إلى مكة، فكان الرسول (ص) يدعو الله؛ “االلهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، وبارك في مدها وصاعها “.
إضافة إلى ذلك، لا يعلم السيد أحمد الريسوني أن الأرض هي أول شروط وجود الوطن. كما أنه يتناسى أن دعاة الإسلام السياسي لا يؤمنون بالأرض، وبذلك، فهم لا يقيمون أي اعتبار للوطن. هكذا، يتضح أن السيد الريسوني يسير على نهج سيده يوسف القرضاوي الذي قال في كتابه “ملامح المجتمع المسلم “: “إن المواطنة رابطة التراب والطين، ودار الإسلام ليس لها وطن”. وهذا مما يدل على تنكر الإخوان المسلمين للأرض وللوطن، وانخراطهم في نزعة توسعية أممية هي مجرد وهم لا يمكن تحقيقه، لأنه دعوة إلى حرب دينية كونية بين الإخوان المسلمين واتباعهم من جهة، والبشرية جميعها من جهة أخرى. يدل كلام القرضاوي هذا عن نزعة شديدة الكراهية للآخرين، ما يتناقض مع القرآن الكريم، ويشوه صورة الإسلام والمسلمين ويتسبب في عزلتهم. وبذلك تقدم جماعات الإسلام السياسي المتشددة خدمة لأعداء الإسلام والمجتمعات الإسلامية.
– لقد لجأ السيد الريسوني وجماعته في البيان الصادر أخيرا عن “الاتحاد العالمي لفقهاء الإخوان المسلمين” إلى توجيه السهام إلى المغرب، حيث لم ينتقدوا الجهات التي تمولهم. لقد قامت تركيا بإعادة فتح سفارتها في إسرائيل، كما أن معاملتها التجارية مع هذه الدولة قد تضخمت، حيث ازدادت بنسبة 300 في المائة. أضف إلى ذلك أن هناك بعض الدول التي لها علاقات تجارية مع إسرائيل، وتقوم تركيا بدور الوساطة بينا وبين هذه الدولة. وإذا كان مقر “الاتحاد العالمي لفقهاء الإخوان المسلمين” يوجد في قطر واجتماعاته تنعقد بتركيا، فإن هذا يفيد أن هاتين الدولتين تتحملان نفقات هذا التنظيم. كما أنهما ترتبطان بعلاقات وطيدة مع إسرائيل. لذلك لماذا سكت الريسوني على تركيا وقطر؟ أليس هذا نفاق؟ وهل يخاف الريسوني على فقدان ما يتلقاه من أموال ضخمة من هاتين الدولتين؟ ألا يعني هذا أن السيد الريسوني يفضل المال على الدين والوطن معا؟
ـ لقد أصبح معلوما أن إسرائيل هي التي وضعت كلا من أحمد الريسوني ويوسف القرضاوي على رأس ” الاتحاد العالمي لفقهاء الإخوان المسلمين”، كما أنها هي التي تحدد مرتباتهما الخيالية…
– يجب أن يعلم الريسوني وجماعته أن المغرب أراد من وراء فتح مكتب للاتصال بإسرائيل، فقط قضاء الأغراض الإدارية للجالية المغربية اليهودية المقيمة هناك، لأن ذلك من حقها عليه. كما أنه التزم بعدم التخلي عن الشعب الفلسطيني، حيث سيعمل جاهدا على إقامة حوار جدي بين الفلسطينيين ودولة إسرائيل بغية الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل. فالمغرب مقتنع جدا بأن السلام في منطقة الشرق الأوسط يمر عبر تثبيت الحق الفلسطيني في دولته المستقلة. وهكذا، سيعم السلام هذه المنطقة
وإذا كان الفلسطينيون يرغبون في الحوار مع دولة إسرائيل، أليس مفيدا لقضيتهم أن يكون المغرب إلى جانبهم في هذا الحوار؟ إن المغرب لن يتخلى عن التزاماته تجاه الشعب الفلسطيني، ولم يسبق له أن فعل ذلك، حيث إن تاريخه مليء بالمواقف الشجاعة إلى جانب دول المنطقة.
إني أعرف أن السيد الريسوني وأسياده في جماعة الإخوان المسلمين يكرهون منظمة التحرير الفلسطينية، ويريدون تنصيب حماس طرفا في كل ما يهم القضية الفلسطينية، ما يعني أن الإخوان المسلمين يريدون أن يكونوا طرفا أساسيا في هذا الحوار. ولا نزال نتذكر مخططات هؤلاء المعادية للحق الفلسطيني والطموح الوطني للشعب المصري عندما كانوا في رئاسة دولة مصر.
وخلاصة القول أن مواقف السيد الريسوني تدل على كونه دمية في يد جماعة الإخوان المسلمين، ما جعله يعادي وطنه، ويناور ضد القضية الفلسطينية ومصالح الإسلام والمسلمين…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى